الجمعة، يوليو 23، 2010

شطحة تأملية


حاولت على مدار اليومين الأخيرين أن أفكر فيما تعنيه ذكرى 23 يوليو بالنسبة لي. صحيح أنني كتبت الأهداف الستة لهذه الحركة مرارا وتكرارا أثناء دراستي والتي كان آخرها "إقامة حياة ديمقراطية سليمة".. إلا أنني أجد صعوبة في إصدار حكم من جانبي على ما حدث.. ولكن أخرج بمبدأ قد يكون عاما في نظرتي للأمور من هذا النوع.

لا توجد وسيلة لتشويه فكرة أو نظرية أو مذهب أسوأ من احتكاره والجزم بأن سلوكي هذا هو التطبيق السليم. صحيح من حقي أن أقتنع بهذا من داخلي.. ولكن لا ينبغي أن تمتد قناعتي إلى فرض على الآخرين بحيث يصير أي تبنٍ لتطبيق مغاير لذات الفكرة شذوذا وانحرافا.

ما حدث بعد 23 يوليو 1952 بدّل مفهوم الثورة لدى الناس.. فحركة الضباط هذه لم تجد غضاضة في اعتبار أنها ثورة دون أن يكون للجماهير دور في الموضوع ليتعطل الشارع إلى الآن. ولم تكتف هذه المجموعة بذلك فقدمت طرحا فكريا قالت إنه عين الاشتراكية اقتصاديا وجوهر القومية سياسيا.

توالت السنون، وحين تُذكر الاشتراكية اليوم في ظل ارتفاع الأسعار وسياسات الاحتكار.. تُقابل بصيحات الاستهجان وبعبارات من طراز "دي أيام شفناها انت ماتعرفش عنها حاجة" و"دي أفكار فشلت في الستينيات وفشلت في بلادها".

وبالمثل، لا معنى للتوجه القومي حاليا، فشعارات مثل "مصر فقط" و"أنا مش عربي" وغيرها باتت مرفوعة دون استحياء، وتراجعت اللغة العربية كثيرا وظهرت صفحة "ويكيبيديا مصري" وساد الفرانكو.. إلى ذلك.

هنا أدرك حجم الإساءة التي دفعت بها "الثورة" إلى هاتين الفكرتين "الاشتراكية" و"القومية" رغم أنهما كانتا عنوان الراية التي رفعت وقتها وتم في سبيلهما التضحية بالغالي والنفيس من أبناء الوطن الذين اكتظت بهم المعتقلات.

الأمر تكرر في عقود أخرى حين قُتل السائحون والأبرياء باسم الإسلام وقوبل ذلك من الأمن بتعسف وغباء معتاد فتفاقمت المسألة وبات كل من يقدم الآن طرحا إسلاميا يحتاج أولا إلى تأكيد نبذه للعنف وتجنبه للأفكار الإقصائية التي جاهر بها سابقون له ادعوا أن ما كانوا يرونه هو وحده الرسالة.

لو أن أولئك اكتفوا بتوصيف أفكارهم بأنها رؤيتهم أو فهمهم هم للإسلام لانتهى الأمر، وكذلك لو فعل رجال "الثورة" مع الاشتراكية والقومية دون احتكار أي من الشعارين.. لما عانينا اليوم من ضباب التعميم الذي يلتصق بكل فكرة مغايرة لما هو مناف للواقع المفروض.

لو لم يحتكر أحد الفكرة.. لما نُظر إلى الشخص الملتحي بشبهة الإرهاب، ولا إلى الاشتراكي بشك في عقيدته، ولا كفرت الفرق والمذاهب بعضها البعض ولا كانت تطبيقات "شعب الله المختار" هي السائدة لدى أغلبنا. 

الأحد، يوليو 18، 2010

أحلام وأوهام

من الطريف أن أتباهى دوما بأنني لم ألق بالا لامتحانات الثانوية العامة حين كنت طالبا قبل سنوات.. ثم أجدها وقد تحولت إلى كابوس لي بعد انتهاء الدراسة والعمل وما يعرف اصطلاحا باسم الاستقرار.

في 2008 كنت أفكر في دراسة اللغة الفرنسية التي لم تكن اختياري كلغة أجنبية ثانية في المرحلة الثانوية. تزامن ذلك مع حلم تكرر بشكل مقيت هو أنني غيرت اللغة الثانية في استمارة الامتحان التي تسبقه بأشهر وجعلتها الفرنسية بدلا من الإسبانية.. دون أن أعرف عبارة واحدة من لسان أبناء بلاد الغال!

في مرة أراني أبحث عمن يعيرني كتاب الفرنسية كي أستذكر أي شيء وبأية وسيلة قبل الامتحان الذي يأتي بعد ثلاثة أشهر – بحسب أجواء الحلم – ثم أراني في مرة أخرى وقد دخلت بالفعل إلى لجنة الامتحان وجاءتني ورقة الأسئلة التي أنظر إليها بدهشة كبيرة ثم أنتبه على صوت منبهي.

كنت أتساءل في أوقات اليقظة عن السبب الذي يدفعني إلى الذهاب للامتحان رغم أنني متأكد من فشلي في الفرنسية لجهلي بها قبل أي شيء آخر.

قطعت الشك باليقين في الربع الأخير من ذلك العام.. فكانت البداية مع تسجيلات لميشيل توماس أهلتني بعض الشيء لتكوين خلفية عن اللغة.. ثم درست أول مستوى في المركز الثقافي الفرنسي.. ففارقني الحلم.. ولكنه تبدل في صورة أخرى!!

من يعرفني عن قرب يدرك أنني أول كافر بالرياضيات.. لا أجد أي معنى للوغاريتمات وجيب الزاوية وظل الزاوية بل وجيب تمام الزاوية.. كما أن المسائل من نوعية "عددان مجموعهما ألف وحاصل ضربهما 16" تبدو بالنسبة لي مجرد مران لانتزاع جنيه ذهبي من طارق علام إن صادفته وقتما كان يقدم برنامجه المستفز.

جمعت 39 درجة من 50 عن مادة "الرياضيات 1" التي فرضت علي رغم أنفي، والمشكلة في الحلم الأخير هي أنني أراني في شهر فبراير وقد اقترب امتحان الإحصاء ولا أعرف قانونا واحدا.. ولم أعثر على مدرس يعلمني بشكل خاص أسس هذه المادة.

هذا بالفعل ما قد كان في الثانوية حين درست هذه المادة في شهر واحد ولكنني حصلت على الدرجة النهائية في سابقة تشبه فوز مدغشقر بكأس أفريقيا إن قدّر أن يحدث ذلك.. ولكن في الحلم يبدو أنني لم أكن أعرف أي شيء لأن في المرة الأخيرة رأيتني ليلة الامتحان دون أدنى معلومة عن الإحصاء.

كل هذا يبدو عبثيا من الظاهر.. ولكن ما يقلقني هو لماذا تتحول أشياء لم تهز شعرة من رأسي في وقتها إلى كوابيس أو مصادر قلق رغم عدم وجود أي تهديد من جانبها في الفترة الحالية؟ رجاء ألا ينصحني أحد بالاتصال بمن يدعى الشيخ سيد أو بأن أُحسِن الغطاء قبل النوم أو أن يبادرني بالسؤال "سمنك في الأكل كتير؟".