قصة موسى عليه السلام دائما ما تستوقفني، تطور الشخصية يمكن تبينه من ثلاث محطات، الأولى حين يخرج من المدينة هاربا خائفا كأي بشر "فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "، ثانيها حين يطاب من الله أن يرسل معه أخاه هارون، فالمهمة ثقلية، ورغم تقبله لفكرة تصديه لدعوة فرعون إلا أنه لا ينهض بها وحده أبدا "َقالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ", ثالثها وآخرها هو مرادنا جميعا "َفلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ".
***
ماهو إنجاز حزب العدالة والتنمية التركي؟ إنه إنجاز أكبر بكثير من مجرد كسب تأييد الجماهير في دولة تحمي مؤسستاها القضائية والعسكرية النظام العلماني، إنه إنجاز على مستوى الذات، وهو ما أشار له د.عمرو حمزاوي خلال حديث تلفزيوني، فالإنجاز يتمثل في التحول في الفكر الإسلامي السياسي من النقاش الأيديولوجي إلى وضع سياسات عامة لها آليات تضمن تحقيق تفصيلاتها، ربما هذا ما يجعلني بشكل شخصي متحمسا لتجارب جديدة هنا.
***
كنت قد كتبت بالعامية في مناسبة أو اثنتين ما تمكن تسميته زجلا، ولكنه لم يرق لي شخصيا فضلا عمن أخذت رأيهم، والحقيقة أنني لست شاعرا، صحيح تمنيت أن أصبح واحدا يوما، ولكن الوضع هكذا أفضل، لأنه لا يكسبني تعاطفا إضافيا من محبي المعاني والكلمات، وأعتقد أيضا أنني ما كنت لأضيف جديدا على المشهد الشعري القائم في وجود شعراء شباب يفوقون الناضجين بالفعل.
***
رفضت فكرة لاحت برأسي وهي أن أكتب عن الحب بشكل عام، لم أكن أنوي الكتابة في صورة نصائح لألعب دور "مسشارك العاطفي" مثلا، فالقاعدة تقول "لا تأخذ نصيحتك من خاسر!"، ولكن كانت الفكرة أن أنقل قناعات شخصية لي عن تلك الظاهرة الاجتماعية، فهي ليست علما رياضيا خاضعا للحسابات والمنطق، ولذلك قد يكون من أغرب الأسئلة أن يستفسر طرف من الآخر عن السبب الذي جعله يحبه! هناك ظواهر أقوى بكثير من أن تكون لها أسباب، فهي قائمة وكفى، أما استبعادي للفكرة فجاء من واقع أن كل حالة مستقلة بذاتها، ولا تمكن المقارنة أو يجوز القياس إلا في قصص متشابة بشكل مميز، وهو ما يجعل المهمة متعذرة حتى على الرغم من أن كل شيء معاد ولا مكان لجديد تقريبا.
***
بالأمس كنا أربعة أصدقاء جالسين على مقهانا المفضل، أنظر الآن كيف صرنا عن أول مرة تعارفنا، لي مع اثنين منهم عشر سنوات ومع واحد تسعة أعوام، ومن جديد نجلس على المقهى لنتابع الكرة وتنطلق العصبيات المعبرة عن شبابنا، فكل منا يناصر فريقه بمبالغة تفجر الضحك من القلب، أرانا معا حتى الممات إن شاء الله.
***
أشعر بفخر كبير بأصدقائي رفاق الدراسة الجامعية، هؤلاء الذين أقرأ أسماءهم في الدوريات، أو أسمع صوتهم في التلفزيون أو أراقب من بعيد تطورهم المهني في مختلف مجالات الإعلام، حقا كل يوم يزداد تأكدي أننا كنا دفعة استثنائية، فها نحن نسبق أسلافنا ونسطر تحديا كبير أمام أخلافنا، المشكلة أننا نتقدم عمرا، تمنيت أن نبقى جميعا في سن العشرين فقط لنظل صغارا واعدين كما يرانا الآخرون دائما، لمتابعة آخر التطورات أدعو لشراء العدد رقم 35 من مجلة "جودنيوز سينما" وهذه المرة لن تقرأ للقلم الفاهم المتميز المتخصص أحمد بدوي فقط، بل ستقرأ أيضا لـمحمد قرنة ومي كامل مجهودا كبيرا أثبتا به لي وبشكل شخصي أنهما بطاقتا "جوكر" يمكنهما الأداء في أكثر من توظيف وبكفاءة لا تتذبذب.