الأحد، مارس 25، 2012

ستار


 
آن الوقت أن تنتهي تجربتي مع هذه المدونة التي ستظل عزيزة على قلبي كونها ارتبطت بذكريات ما يقارب ست سنوات من العمر مررت فيها بالكثير من الأحداث والمشاعر والبسمات والآلام.
كنت أود إسدال الستار على هذه المدونة في أول أبريل حيث اعتدت التدوين سنويا من وحي أغنية فيروز "إذا نيسان دق الباب"، ولكن لا معنى للانتظار لأيام معدودة لصناعة طقس معين.
في كل الأحوال، عزائي في التوقف عن التدوين هو أن أحدا لم يكن يتابع ما أكتب إلا بطريق الصدفة أو من خلال المواقع الجامعة للمدونات، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" سحبت البساط بخفة ولم يعد الاستمرار هنا مجديًا.
صحيح أن الرغبة في الكتابة أحيانا قد تكون مدفوعة بذاتها لا بمشاركة من يقرأ في الفكرة أو الشعور، وصحيح أن الحديث عن "فيسبوك" و"تويتر" يبدو كاكتشاف متأخر، ولكن الآن والآن فقط جاءت النهاية ولا أدري هل هي مبكرة أم متأخرة أم في موعد معقول.
لا أعتزم حذف التدوينات السابقة، ربما أستبعد واحدة أو اثنتين أو أكثر ولكن سأسعى للاحتفاظ بهذه المدونة كما هي ولو على سبيل التأريخ الذاتي.
بدأت التدوين وأنا بالجامعة وأتركه وأنا متزوج ولدي ابنة.. بدأته وأنا أبحث عن عمل وأتركه وأنا أحلم بالتقاعد المبكر.. بدأته وأنا أخشى أحيانا أن أكتب ما يضعني تحت عين جهاز أمني وأتركه وقد قامت الثورة وانكسر القيد.
لا أريد المزايد بروابط معينة لتدوينات عبرت فيها عن مواقف محددة في وقتها، فقط أريد الرحيل في هدوء وليسامحني من أزعجته وليتذكرني ببسمة من –ولو لمرة- أضحكته.

سبحانك اللهم وبحمدك
أشهد أن لا إله إلا أنت
أستغفرك وأتوب إليك

عمرو

الأربعاء، مارس 21، 2012

كلمات عن مرشحي الرئاسة


سأحاول في هذه التدوينة أن ألتزم بالإيجاز قدر الإمكان، ولكن قبل المضي مع الكلمات أؤكد أن الأمر كله معني بهذه اللحظة تحديدا.. أي أن هذا التقييم أو هذه الانطباعات لا تمتد معي بالضرورة لأبعد من ليلة 21 مارس 2012.. ومن ثم قد أغير رأيي في أي وقت لاحق.. وبالتأكيد أرحب بتعليقات الجميع وإن كنت لا أعتزم الرد عليها فمعذرة إن لم أرد.
ملحوظة: ترتيب المرشحين ليس وفق أي شيء، وهذا ليس إعلانا بالتزامي تأييد أحد منهم.

حازم أبو إسماعيل:
 قابلت حازم منذ نحو ست سنوات وكان شخصا طيب الخلق ومتواضع إلى آخر هذه الصفات الحميدة. وشخصيا لا مشكلات لدي في تورط حازم في ترديد معلومات مغلوطة كتلك الخاصة بالبيبسي أو ما شابه، فمئات الساسة كانوا في الواقع مهرجين ولكنهم مضوا بأممهم خطوات للأمام.. إذًا هذا ليس مقياسا لدي بالنسبة إلى شخصية سياسية.. فإن كان حازم يميل إلى الارتجال في بعض المواقف فإن هذا تعبير عن كونه سياسي وليس أكاديميا.
حازم -وهو الأصغر سنا- ربما هو المرشح الذي يعرف إلى أين يريد أن يذهب وكيف، وهو الوحيد حتى الآن الذي أفاض وبالأرقام في الصناعة والزراعة والتجارة والاستثمارات وما شابه، وكل ذلك يحسب له.
شخصيا لا أخشى حازم كشخص ولكن أخشى ممن حوله حين يتصدرون المشهد، فهؤلاء أخافهم حقا بخياراتهم وتوجهاتهم ومسلّماتهم.
أما ما آخذه على حازم تحديدا فهو أنه من مرشح ينتسب إلى التيار الإسلامي المحافظ بطبعه وخاصة في جناحه السلفي وفي نفس الوقت يتبنى خطابا ثوريا شديد الصدام مع العسكر وربما هذا ما اجتذب له مؤيدين من خارج دائرة اللحى. ولكن إلى متى سيظل يتأرجح بين المحافظ والصدامي بعض الشيء؟ حتما سيسقط أو لن يرضي أيا منهما.
أخشى أخيرا أن يكون وصول حازم للرئاسة تمهيدا لتدخل عسكري بعد عدة أشهر لإنقاذ الدولة من الرجعية.

عبد المنعم أبو الفتوح:
 شاءت الظروف أيضا أن هاتفت ذلك الرجل في منزله منذ ست سنوات أو ربما سبع.. لا أذكر. وكان كالعادة دمث الخلق ومتواضعا واستمتعت بالحوار معه.
أبو الفتوح يبدو الأقرب إلى أوصاف الشخصية التوافقية على المستوى الشعبي، ولكنه في ذات الوقت يتكلم كثيرا بنوايا حسنة وعموميات وعبارة "لا يليق بمصر أن..." تستفزني منه فأنا لن أنتخبه لمجرد أنه يستنكر الوضع القائم! كذلك فإنه يبدو أحيانا "مائعا" بحيث لا تعرف له موقفا محددا.. كما أن طريقة خروجه من جماعة الإخوان المسلمين -حيث تمت إقالته دون أن يستقيل وتقدم للرئاسة بما يخالف قرار تياره- تعكس ممارسة غير ديمقراطية.
مشكلة أبي الفتوح أيضا أن كثيرا ممن التفوا حوله بسبب ظروف بعينها قد يكونون أول لاعنيه ويكتشفون فجأة أن الرجل ابن مدرسة الإخوان المسلمين إذا سلك مسلكا لم يرق لهم.

حمدين صباحي:
رجل يبدو شريفا بكل معنى الكلمة، ولكن شخصيا لا أريد إرث الناصرية مرة أخرى.. حتى وإن كان يمتلك برنامجا محدد المعالم. تردد كذلك أيضا أنه يعاني من مرض يمنعه من العمل أكثر من أربعة أيام في الأسبوع ويحتاج للنوم فترات طويلة وحتى الآن لم يصدر تكذيب أو تصديق على ذلك.

محمد سليم العوا:
أعشق العوا المفكر.. وأخشى أن يكون "ترابيا" آخر، كما أنني لا أحب فكرة تولي رجال القانون السلطة التنفيذية فهؤلاء أقرب إلى القضاء والإحالات والمرافعات وأشعر أن البلد ستغرق معهم في مزيد من البيروقراطية.

الجمعة، مارس 02، 2012

نظرة إلى القمر



تتباين أوجه القمر على مدار الشهر حتى يظن الناظر إليه أن ثمة تغييرات جوهرية قد طرأت على ذلك الجسم المعتم الذي يستمد ضوءه في الحقيقة من آشعة الشمس. فتارة يراه محاقا وأخرى أحدب وغيرها تربيعا وأحيانا هلالا أو بدرا.. وفي كل مرة يصله الانطباع بأن التغيير عميق وأن القمر الذي يدور في فلك الأرض تتبدل أحواله وتتطور.
هذا صحيح، فالقمر ينتقل من طور إلى آخر، ولكن هذه هي كل الأطوار الممكنة، وكل هذا التنوع يبقى مقيدا بمداره حول الأرض فلا يعرف تغييرات جذرية. تبدو هذه الأطوار كافية كون القمر خلالها يتراوح بين الاكتمال التام والتلاشي أمام العين، ولكننا لم نعرف ماذا لو خرج القمر من مداره فنكتفي بالقنوع بما هو قائم ونستبعد سواه.
يبدو من الحماقة أن نتوقع من القمر تغيرات جذرية، ولكن من المشروع دوما أن نحلم بذلك.

الثلاثاء، فبراير 28، 2012

طاولات



اعتدت المرور على ذلك المقهى الكائن بوسط العاصمة حيث تجلس أصناف مختلفة من البشر تدور كلها في فلك واحد لا أدري له عنوانا.. ربما هو "التمثيل" وقد يكون أي شيء آخر.

حول طاولة تلتف حلقة من ممارسي الصحافة الذين يبدون كديناصورات دخلت حديقة حيوان طبيعية في أيامنا هذه.. هم في زمان غير زمانهم، وعلى أرض لا تحتمل خطاهم، فمازالوا لا يقتنعون إلا بالمطبوعات ويلهثون وراءها حيث كانت ولا يدركون أنها قد لا تستمر طويلا وسيرحلون معها طالما بقوا كما هم دون أدنى درجة من التطور.
يمكنك التعرف عليهم للوهلة الأولى، فكلهم يرتدون قمصانا وسراويل وأحذية كلاسيكية، ويتأبط الواحد منهم حافظة أوراق شفافة تحوي أقلاما وحزمة من ورق الدشت الرديء وأجندة لأرقام هواتف المصادر، وربما شطيرة أو أيًا من المخبوزات التي تحتمل البقاء فترة من الزمن. عادة يحتسون الشاي وربما يضاف إليه الحليب، أو الحلبة أو غيرها من المشروبات الساخنة الكلاسيكية كملابسهم تماما.
أحاديثهم؟ تدور في فلك ثلاثة أو أربعة موضوعات على الأكثر، فمنهم من لا يسأم إعادة سرد فرص العمل التي مرت عليه سواء كانت في فضائيات أو غيرها ولكنه رفضها حفظا لقناعاته، ومنهم من يتحدث دوما عن اقتراب التعيين وتحقيق حلم الإمساك ببطاقة عضوية النقابة بعد سنوات من العبودية ينتظر أن يتبعها بعبور إلى الخليج، وآخر يتحدث ليلا ونهارا عن المعايير "المهنية" للصحافة والمستوى المتردي الذي وصل إليه الممارسون.

في ركن منزوٍ من المقهى أعرف طاولة أخرى يستدير حولها "الرفاق"، ولا يوجد ما يستدعي الدهشة إن رأيت كل الصور النمطية التي رسمها الكتاب الساخرون ماثلة أمامك حين تبصرهم. فذاك الشاب النحيف طويل الشعر الذي يغطي رأسه بالبيريه وترك لحيته لا طويلة ولا قصيرة يبدو تماما كمن تجمعوا في الحي اللاتيني بباريس في ستينيات القرن الماضي وتحدثوا عن ضرورة الثورة على الأضاع القائمة وقتها.
تجاوره فتاة تدخن ولا تستحي من إطلاق أقذع السباب على الإسلاميين تارة والليبراليين أخرى بل وحتى على مجموعة أخرى من رفاق اليسار اختلفت مع تيارها حول درجة النقاء الثوري، ولا تندهش أبدا إذا وجدتها تغطي شعرها بحجاب شائع النمط.
في نفس الحلقة تجد شابا دمث الخلق يكتفي بالابتسام من حين لآخر عند سماع تعليقات استنكارية للنصوص الدينية مثلا، فهو يمثل الواجهة الجاذبة للغرباء التي تشيع أن الدائرة تحتمل الاختلاف وأن لكل رأيه وأننا من الضروري أن نتفق على شيء ونعمل في سبيله. هو أكثر الموجودين ثقافة وأول من سيبادر منهم إلى إعارتك الكتب.
نسيت أن أذكر تلك الفتاة أيضا التي لا تتوقف عن التباهي بإنجازات المسيرات الهائلة التي اشتركت فيها، فهي تقوم بإرسال تغريدات عبر تويتر بمعدل واحدة كل دقيقة تقريبا، ولا توجد مسيرة بالنسبة لها ليست ضخمة، وكل المسيرات تعبر عن الزخم الثوري وحراك الجماهير حتى ولو كان السائرون فيها يطالبون بسحب لقب الدوري من الأهلي.
ولا يفوتني حقا ذلك الفتى الذي يتفاخر دوما بالإضرابات التي قادها في أماكن عمله السابقة التي لم يستمر في أي منها لأكثر من ستة أشهر، هو يتحدث بكل الزهو عن القضايا المرفوعة ضد أصحاب العمل الرأسماليين مصاصي الدماء ويضع ساقا على ساق وفي النهاية يطلب من الحاضرين التكفل بحساب مشروباته.

حلقة ثالثة وليست أخيرة تتألف من مجموعة من الذكور، واعذرني حين أستخدم وصف "الذكور" وأستبعد "الرجال" فذلك أدق بكثير في استحضار الصورة التي أروي عنها هذه السطور.
لا تتعجب من جلساتهم الغريبة وحركات سيقانهم، ولا تتأمل كثيرا في ذلك الفتى الذي يعطيك انطباعا أنه سحب وجهه للتو من تحت شفرات الحلاقة ولن يلبث أن يعود إليها بعد خمس دقائق  حتى يبقى على هيئته تلك.
إذا حدث وانضم عنصر خارجي إلى الجالسين حول تلك الطاولة فلن يتأخر كثيرا حتى يسمع رواية أحدهم عن استبعاده من الخدمة العسكرية وخروجه بالشهادة الحمراء، وحينها سيظن أن ذلك كان لسبب أمني ولكنه يدرك لاحقا أن القرار كان لمخالفة المجند لناموس الطبيعة، حسب التعبير العسكري.
إذا أخطأ الدخيل وذكر كلمات مثل "شاذ" أو "لواط" أو "سُحاق" في مثل هذه المجالس فكأنه تفوه باسم هتلر في وجه سليل أحد ضحايا المحرقة، وما عليه إلا أن يتقبل كل الأوصاف التي ستنهمر بدءا بالعنصرية ونهاية بالرجعية.
سيسمع الكثير حينها عن فيلم "جبل بروكباك"، وأعمال آندي وارهول، وقد يرى أحدهم يخرج قطعة من قماش من حقيبته تجمع ألوان الطيف قاطبة، وآخر لا يستحي من الحديث عن أفضل أنواع الزيوت الزلقة وربما بعض التفاصيل.

أمر سريعا من أمام المقهى كمن يعبر –مضطرا- شارعا تقطعه برك مياه مجاري الصرف الصحي برائحتها المقززة ومخاطر الانزلاق في أي منها ومن ثم اتساخ الملابس وتعكر اليوم.. ثم أشعر بالهواء قد عاد منعشا بينما أبتعد عن تلك الطاولات وأصحابها.

للطاولات بقية.

عمرو 

الجمعة، فبراير 03، 2012

شرط المحبة

صحيح أن مجلس الشعب سلطته تشريعية بالمقام الأول وليست تنفيذية كالحكومة، وصحيح أن أوضاعه مقيدة، وصحيح أن الظرف طارئ وحرج.. ولكن للظروف الاستثنائية دوما.. إجراءات استثنائية.

لا أدري تحديدا ما هي الخيارات المتاحة أمام مجلس الشعب، ولكن أعرف أن ما لا ينبغي عمله هو الصمت والاكتفاء بكلمة "تشكيل لجنة" التي صارت سيئة السمعة في ظل تلاحق الأحداث وغياب العدالة والقصاص.

كنت من أشد منتقدي التصعيد حين لم يكن المجلس قد انتُخب بعد، وذلك لآمال وضعتها على النواب وخاصة من ينتمون منهم إلى الأغلبية.. ولكن ما أشد خيبة أملي وأنا أتابع أول اختبار يبدو وكأنه سيمر مرور الكرام على الجالسين تحت القبة.

مجلس الشعب هو الجهة الوحيدة حاليا التي تملك شرعية حقيقية في مصر، لأنه جاء بإجراء ديمقراطي فلا يملك أعداء الميدان التجريح فيه.. ولا يملك إخوة النقاء الثوري الطعن في صحته، ومن ثم أرى أن مهمته الآن هي استثمار تلك الشرعية وتوجيهها إلى تصدٍ جريء للأزمة.

أذكّر الإسلاميين –وخاصة الإخوان- بأن العدالة والتنمية لم يصنع معجزته في تركيا بالتنصل من المسئولية والرغبة في الهروب من صدارة المشهد، بل تقدم لتشكيل الحكومة بينما كانت الأزمة المالية تعصف ببلاد الأناضول قبل عشر سنوات وكانت على شفا الإفلاس.

أذكّر الإسلاميين مرة أخرى، بأن فضيلتهم دائما في المبادرة.. في السياسة وغيرها، فقد اعتدنا منهم الدروع  البشرية والوساطة وتصدر طلائع المقاومة وتربية النشء والتكافل الاجتماعي وغيرها من الأمور التي قد تضيع هباء إن لم ينضم إليها حاليا الحسم الذي لا يليق غيابه الآن.

يقول شاعرنا الشعبي "شرط المحبة الجسارة.. شرع القلوب الوفية".. فلتتوكلوا على الله.. نعم المولى ونعم النصير.

الجمعة، يناير 27، 2012

خط اليد

أشعر بحنين بالغ إلى فكرة كتابة رسائل بريدية بخط اليد وانتظار وصول الردود.. ها هي التكنولوجيا تقتلنا مرة أخرى.. فلو قرأت خط مخاطبي لشعرت بأنني أراه بدلا من تلك الأحرف اللعينة المتسقة التي نطبعها بلوحة المفاتيح.
صحيح لا أجد فارقا كبيرا في الكتابة على الكومبيوتر أو بالقلم.. الأفكار هي هي، ولا معنى للطقوس حين أقرر الكتابة فالفكرة وحدها تقتادني إلى حيث تريد.
أفتقد الكتابة بالقلم، وأحيانا أحضر ورقا وأكتب أية كلمات من أجل الكتابة فقط.. أو ربما من أجل رؤية خطي فحينها أدرك أنني لم أزل حيا وأن لي تلك الروح المتفردة التي أفتقدها حين تكون حروفي مخطوطة آليًا.
في خطي تتجلى روحي المتفردة ولا أكون مجرد نموذج مكرر، أبتعد عن ضجيج السياسة والجدال وأنعم بشيء من السلام النفسي.
لا أدري هل لذلك يقوم العلاج الإدراكي للقلق والاكتئاب في بعض الأحيان على الكتابة؟ لي تجربة ويمكنني القول بأن الأمر مجدٍ فعلا.
في كل الأحوال خطي ليس جيدا أو فنيا، ولكنني أستمتع برؤيته.. حين أمسك القلم "الفرنساوي" وأكتب أي شيء أشعر بالسرور، هي نزعة فردية في أقصى صورها كتلك التي تحدث عنها من قرأت لهم مؤخرا بالمصادفة.





الخميس، يناير 19، 2012

مبعثرات جديدة

وماذا بعد أن أجيبت الأسئلة؟! حركة مشاعر يتبعها ركود قاتل.
الحيرة متعبة ولكنها تعين على الحياة أكثر من المعرفة التي لا نملك بعدها فعل شيء. من الصحيح أن المعرفة قد تدفعنا نحو النجاح والإبداع بغرض الاستمرار في إبهار من عرفنا أنه لم يزل هناك يتابع ما نفعل، ولكن يبقى الخط المستقيم ممتدا لا يحتمل انحناءات لأنها في حكم الانحرافات.
لم أملك إلا الإجابة، وسابقا كانت هوايتي التلبية.. بطلب أو بدون!



الأحد، يناير 01، 2012

اكتشافات إخوانية


منذ أن بدأت نتائج الانتخابات البرلمانية تكشف عن تفوق واضح للتيار الإسلامي وخاصة لقطبه جماعة الإخوان المسلمين، والصحف وقنوات التلفزيون والمواقع تطالعنا يوميا بتصريحات لمشاهير يجاهرون بأنهم ارتبطوا بصلات بالجماعة إما خلال الطفولة والصبا، أو فترة الدراسة الجامعية، أو التعاون في الأعمال الخيرية مثلا.
الأمر في كل الأحوال منطقي، فغالبية المصريين لا بد وأن يكونوا قد تعرضوا للفكر الإخواني سواء عرفوا ذلك أم لم يدركوه، فالجماعة لها عمق في الشارع يصعب تخيله على من يبقى بعيدا ينظر من وراء حجاب.
لكن غير المنطقي بالضرورة، هو أن تكون هذه الجسور قائمة ومبنية مع من اعتادوا تشويه الجماعة –بل والتيار الإسلامي قاطبة- كلما حانت الفرصة أو حتى لم تحن، ثم يخرجون علينا الآن بقدر غير معقول من الوقاحة ليتحدثوا عن أصولهم الإخوانية.
بالتأكيد لعب السلفيون دورا في هذا، فقد قدموا للإخوان "خدمة العمر" من خلال تصريحات قياداتهم المثيرة للجدل حول السياحة والعلاقة بين المسلمين والأقباط والفن والأدب وغير ذلك، فكانت النتيجة الضياع الكامل لجهد مؤلف مثل "وحيد حامد" عمد إلى الخلط والتعميم بين التيارات الإسلامية من خلال السينما والتلفزيون لبناء وعي زائف لدى المشاهدين.
يبقى من غير المفهوم بالنسبة لي أن أقرأ مقالا لرئيس تحرير صحيفة خاصة بعنوان "واكتشفت أنني إخواني" وهي ذاتها الصحيفة التي قررت الجماعة مقاطعتها نظرا لعدم حيادتها المشهودة في التعامل مع ملفات التيارات الإسلامية خاصة خلال فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بما صاحبها من لغط واتهامات.
مقدم التلفزيون الآخر الذي ساهم في إيهام الجماهير باستمرار عمل النظام الخاص للإخوان المسلمين بعد عرض للفنون القتالية بإحدى الجامعات، لا يجد غضاضة الآن في الانفتاح على الجماعة والإشادة بتحركاتها كلما جاءت فرصة أو لم تأت.. ولا أدري هل كان سيحتفظ بنفس الموقف لو جاءت نتيجة الانتخابات مغايرة أم لا.
الأمر امتد إلى الممثلين والمطربين، ومنهم صادق والآخر لا يمكن لأحد الجزم بصدقه سوى كوادر الجماعة التي قد يكون قد عمل معها على مستوى الشعبة أو الجامعة أو غير ذلك، ولكن يبقى السؤال لماذا لم يجرؤ أي من هؤلاء في السابق حتى على ذكر شخصية بوزن حسن البنا الذي يحظى باحترام من هم خارج التيار أصلا أو قل عبد القادر عودة أو عمر التلمساني؟
 إن حالة الهرولة هذه إلى أحضان الإخوان تستوجب الحذر سواء من الجماعة ذاتها أو من عموم المتابعين، وحسنًا فعل الإخوان بإنشاء حزب سياسي كي يكون محطة استقبال لهؤلاء ولتحتفظ الجماعة بكيانها -المسيس في جزء منه فقط- برونقها ودرجاتها ودوائرها بعيدا عن المتملقين ومن ارتعدوا أمام طيف زبانية الأنظمة السابقة ثم لبسوا عباءة المرحلة.