الأحد، ديسمبر 28، 2008

غزة من جديد




منذ قرابة عام قمت بوضع اللافتة التضامنية مع أهلنا في غزة على مدونتي، والآن أخجل من مجرد النظر إليها في ظل المجزرة التي دارت على مدار السبت وينتظر أن تمتد أكثر وأكثر...

أؤكد أولا كما كتبت على هذه المدونة من قبل، إن القضية الفلسطينية جزء من شرعية وجودي على هذه الأرض بشكل شخصي، حتى وإن خذلتها إلى الآن، حتى وإن كنت مقصّرا، أبقى من هؤلاء الرافضين الاعتراف بإسرائيل كدولة، وإشارتي إليها بمسماها هذا لا تعني اعترافي بها كما شرحت سابقا.

أقول هذا، وتتداعى إليّ ذكريات الانتفاضة عام 2000 وذكرى استشهاد الشيخ أحمد ياسين، وبعدها بأسبوعين استشهاد عبد العزيز الرنتيسي، ثم تسليم السلطة أحمد سعدات إلى المحاكمة الإسرائيلية... ثم إقالة حكومة حماس المنتخبة، ثم تصريح أبو خائن بثياب الإحرام وهو يشبه حماس بكفار قريش! كلها مشاهد... لا يبهرني فيها إلا أنت يا حماس! جباه لا تنحني أبدا! صمود على رفض الاعتراف بإسرائيل مهما كان الثمن!

أذكر أثناء حرب الصيف في 2006 بين حزب الله وإسرائيل تصريح إحدى المواطنات اللبنانيات حين قالت "لينسفوا الجسور! ما فائدة جسر أمشي فوقه بلا كرامة؟!".



أبرأ أمام الله وأمام نفسي من أولئك الخونة، مَن حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق قصره الرئاسي ليقول بعدها "نحتفظ بحق الرد!"، أما تحارب وتنال الشرف حتى لو هزمت؟! أم تبقى تمص دماء شعبك خلفا لأبيك بحجة الدفاع عن عروبة الجولان وأنت لا تملك جرأة إطلاق رصاصة واحدة صوب النجمة السداسية؟ حريا أن يكون الاسم "أنثى الأسد".

أما بلادي، فلا أملك غير سب ولعن ذلك المسئول عن سياستها الخارجية، صاحب "التحذيرات من المؤشرات"، صاحب "فلا يلومن إلا نفسه"، والحقيقة أنه لن يلوم إلا نفسه أمام الله إن كان يؤمن بيوم حساب، ليكتفي بتبرئة ساحة نظامه الفاسد دون الاكتراث بضحية واحدة من سيل الشهداء الذي لا ينقطع! ليكتفي بما يشبه الشماتة في حماس، فما أشبه موقفه اليوم بما صرح به أثناء حرب الصيف حين اتهم حزب الله بالدخول في "مغامرات غير محسوبة".

أرفض وبشدة نغمة "لا يمكن لأحد المزايدة على دور مصر"، أو أن "مصر خاضت ست حروب للدفاع عن فلسطين!"، والحقيقة أن عدوان 56 مثلا كان دفاعا عن تأميم القناة، وأن حرب أكتوبر كانت لاسترداد سيناء أو تحريك الوضع في الشرق الأوسط، وأن حرب الاستنزاف قبلها كانت لإجهاض المحتل لسيناء، فأين الحروب الست التي كانت كلها من أجل فلسطين؟

وماذا كانت تسيبي ليفني تفعل في القاهرة حين قالت "إن الوضع في غزة سيتغير"؟ أقل من يومين على مغادرتها مصر حتى بدأ حمام الدم! لا شيء غير تورط النظام المصري في العدوان، أمر بديهي وواضح، ومهما كذبوا فلن نصدق، فما أسهل التواطؤ لقتل شعب مجاور على نظام قتل أبناء شعبه بالمبيدات المسرطنة طيلة 20 عاما؟ الأمر بسيط وواضح.

ليرحمنا الله، لا أدري ماذا أكتب بعد... حسبي عجزي عن الاستمرار في التعبير.

الجمعة، ديسمبر 12، 2008

نمو آخر

أنمو وأنمو... وتنتهي في ذهني أسطورتي مع كل يوم أكتشف فيه أنني مجرد آخر من هؤلاء الذين كنت أجدهم حولي وأنظر إليهم كاتما دهشتي.


أشعر بالجوع ينهش أمعائي بعد تركيز حاد في العمل، تجتاحني رغبة في النوم بمجرد رؤية الفراش، لا أخجل من التثاؤب أثناء كلامي مع حبيبتي... ربما لكم الطمأنينة التي أجدها معها، فلا حاجة ليقظة الأعصاب وتوقع الأسوأ! وفوق كل هذا، أشعر أنني أصبحت مجرد ترس آخر في عجلة كبيرة تضمني أنا وعددا من أصدقائي، فلا نلتقي إلا عبر هذه المجموعة من البايتات التي تكون شكل الحروف لنتبادلها عبر الشاشات!


العيد ليس عيدا، صحيح تمكنت من الخروج أول يوم بعد العمل، ولكن فكرة العمل طيلة أيامه، من الاثنين حتى الجمعة... تبدو حقا متعبة! ليكن هو سادس عيد على التوالي أعمل خلاله، وفي كل مرة أتحجج بأنها الصحافة، وبأنها فكرة الأخبار التي لا تتوقف، وبأن المرور هادئ، وبأنه بإمكاني الحصول على هذه الأيام لاحقا... ليكن.


وككل عيد، ترتكب المجزرة! صحيح أنا لست نباتيا، وكدت أن أكون ولم يحدث، ولكن لا أستطيع تحمل فكرة الوحشية في ذبح الحيوان الأعزل المسكين مهما أخفيت عنه السكين، ومهما لم يُجبر على السقوط أرضا ليحتك بالأسفلت البارد ويقابل عنقه النصل الحاد، ومهما لم يشاهد أخا له في النوع يلقى مصيره المحتوم، ومهما ومهما... لا أتقبل هذه الفكرة! لا أتقبلها ولا أقول أحرمها أو أدعو لحظرها حتى لا أستمع إلى الاسطوانة المكررة بأنها شريعة الله وسنة النبي الأكرم (ص)، بل آكل اللحوم! فنحن بشر، قد نرفض شيئا ونفعل ما يؤيد استمراره، ولكن في النهاية لا أملك إلا أمنيتي أن أصبح نباتيا، حتى مع ميلي لفكرة تألم النبات.


لا أدري سر الحنين الذي اجتاحني لأغاني فيروز، ربما صوتها في "صباح ومسا" تحديدا يمثل لي مصدر دفء وأنس لا ينقطعان.


أفتقد الكلية بكل ما فيها، أفتقد سلمها، مدرجاتها، مدخلها الرخامي، مكتبتها التي لم أمكث فيها إلا نادرا، بل حتى حمام الدور الثالث! أفتقد كل رفاقي، أفتقد كافيرتيا صفاء! أفتقد مركز خدمة المجتمع! أفتقد أ.خالد بوجهه السمح، أفتقد لامبالاتي قبيل الامتحان، أفتقد فكرة تميزنا كعاملين أثناء الدراسة، أفتقد مجهولية المستقبل... أفتقد الحلم... أفتقدني!