الاثنين، أبريل 28، 2008

العمر لحظة

انطلقت اليوم بالسيارة ذاهباً للعمل كما اعتدت مؤخراً بعد تدربي جيداً على القيادة عبر الأشهر الماضية، المحور صار طريقاً محفوظاً بالنسبة لي، لا مشاكل مطلقاً...

أوقفت السيارة على ناصية الشارع وأخذت منديلاً كي أزيل فضلات طائر تراكمت على الزجاج الأمامي، عملية لم تأخذ سوى دقيقة واحدة، ولكن ترتب عليها الكثير فوراً...

من التقاطع خرجت إلى الطريق العمومي... حافلة قادمة من الجهة الأخرى... صدام!

أنا المخطئ لأني أسرعت في الانطلاق... شم النسيم والإجازة والطريق خال وأول اليوم وشبه نائم! هو أخطأ لأنه لم يلتزم الجانب الأيسر من طريقه نظراً لسرعته ولوجود تقاطع على يمينه، كما كان مسرعاً مثلي على الرغم من عبوره "مطب" للتو...

لا يهم، وقع ما وقع... اصطدمت الحافلة بالباب الخلفي لمقعدي مباشرة، وعلى إثرها قامت السيارة بلفة عكسية ليصبح ظهرها مصطدماً بالرصيف، وبالتالي فرغ الإطار الخلفي الأيسر من الهواء، وطارت "الطاسة" بعيداً إلى أشلاء، بينما تعرض "الجنط" الداخلي إلى اعوجاج واضح... فضلاً عن الصدمة القوية في الباب.

على الرغم من هدوء المكان، إلا أن الجميع توقف، ولم يصدقوا أنني حي حين بدأت أتحرك وأغادر السيارة! نعم حي ودون أية جروح أو كدمات... والله وحده يعرف كيف نجوت، له الحمد.




ذهبت للعمل بعد أن اعتذرت عن التأخير قبلها، ولم يدر رئيسي بالحادث لأنه وصل بعدي، ولكن زملائي استقبلوني بالبسمة، صديقي العزيز مهند كان أول من سمع مني القصة في محادثة، ونطقنا نحن الاثنين في نفس اللحظة "عمر الشقي بقي".

كل الحب لمن قلق عليّ فور أن حكيت له القصة، كل الحب لمن اتصل بي، حقاً أشعر أن هناك من أعني لهم شيئاً.

كما قلت لإيهاب التهامي، الحياة بدت في عيني لا شيء، ربما لأن الحادث جاء في مرحلة الفوضى الفكرية والشعورية التي أمر بها حالياً، ولكن كم تضاءلت الحياة حقاً أمامي الآن... كنت أنا والموت الذي طالما كتبت عنه، وكثيراً تمنيته في لحظات حالكة... وحين مر بي تأكدت أن كل شيء لا يساوي شيئاً! هذه الحياة كلها تضيع في لحظة واحدة، وبشكل فجائي، وبصورة تبدو عشوائية، فلم كل شيء؟ أكمن يبني بيتاً ورقياً في منطقة معرضة للريح في أية لحظة؟ نعم تماماً.

استمع مني إيهاب لما هو أكثر، قلت له لم أحيا؟ من أنا؟ محرر صحفي متخصص في الرياضة؟ له بعض القناعات والآراء السياسية؟ لا يوجد ما أبقى له! أحسب أبي وأمي عني قد رضيا، تخرجت في كلية ذات سمعة طيبة، أعمل منذ الدراسة ومستقل مادياً، لست منحرفاً أو مدمناً... ماذا يبقى أكثر؟ قد عاشا ليراني قد تخرجت وأحمل بطاقة تواصل عليها اسمي ووظيفتي وأرقامي... ليكن هذا حسبي! أما أخي وأختي فقد تزوجا وأنجبا ولكل منهما حياته، لست قلقاً على أيهما.

في الحب كنت تعيساً، أو قل غير موفق، أو قل أسأت التصرف، وبالنهاية بقيت حبيس جدران غرفتي، لا أفعل شيئاً سوى العمل، ودراسة اللغة، وبعض القراءات من حين لآخر، واللجوء لهذه الشاشة وهذه اللوحة ذات المفاتيح التي تنطلق أناملي عليها كعازف ماهر في حفل أوبرالي.

لم أبقى؟ أمتي؟ كم خذلتها! ربما تبدو كلماتي غريبة لأنها تحوي معنى فقدان الإيمان بالذات، وهو شيء لم يعرفه عني أصدقائي، قد اعتادوا دوماً العكس، ولكنني حقاً تعبت، وسئمت التماسك، لا أحمل سوى وهميات تندر مع الوقت.




لن أنكر استعطافي لمن يقرأ سطوري هذه، لا أخجل من ضعفي الإنساني، فهو ما بقى لي من بشريتي، وأتباهى بامتلاكه، فلست بلا قلب، بل بداخلي نبض يسرع حيناً ويبطئ آخر...

لا أصنع مأساة من لا شيء، أعلم أن أحوالي مرفهة مقارنة بكثيرين غيري، ولا أنكر فضل الله عليّ، ولكنها بشريتي مرة أخرى، لمن يقرأ هذا... لتدع لي... ولتسامحني على ما كان مني...




الجمعة، أبريل 25، 2008

وكان تخرجنا

سيبقى هذا اليوم في ذاكرتي ما حييت، لم يشهد أحداثاً استثنائية، ولكن كل الحنين لأصدقائي وزملائي، لكليتي التي أحبها، لذكرياتي...


أولاً، أشكر كل من أتى لي، بداية من صديقي الإعدادية... إيهاب عبد الباري، محمود يوسف القاضي، وأمر إلى محمود وجيه، وأصل إلى عمرو النحراوي، ونادر عيسى، ومهند الشناوي، والعزيز علي زلط، وأنتهي عند زمليلي العمل مروة حلمي وخابيير مارتين .. حضوركم كان يعنى لي الكثير حقاً.
وأعذر كل من لم يتمكن من المجئ، سواء أحمد فاروق أو إبراهيم كمال، أو محمد نصر، أو محمد الخطيب، أو أحمد محمود، لكأنكم كنتم معي...
وليتحملني أبي وأمي كما تحملا ساعتين من الحفلة لم أرهما خلالهما... بوركتما...


ثانياً، أنتقل إلى حكاية اليوم بإيجاز، انطلقت من هنا خلف زميلي العزيز محمد الششتاوي، وما إن وصلنا إلى نهاية المحور حتى بدأت السيارة عندي تشكو من ارتفاع الحرارة وتدخل في مرحلة التقطع، فتوقفنا في الزمالك حتى خفت حرارتها قليلاً بعد أن نفذ عرقي كله وكأنني غير متفائل بالنحو الذي سيسير عليه اليوم، ولكن حمداً لله وصلنا الجامعة أخيراً.


لا أنسى أن ليلة الحفل مر علي الششتاوي وأخذنا بطاقة تعريف مشروع التخرج "يوثينك" وغير اسمي إلى اسمه على واحدة مماثلة لأنه نسي بطاقته بالمحلة، ولكنه دوماً كان مخلصاً للفكرة حتى بعد عام...


أمقت الملابس الكلاسيكية، وكان قدماي يشكوان الحذاء بكل ما أوتيا من مشاعر التألم، ولكن تحملت، وصلت إلى الكلية، وبدأ سيل الصور، حتى انتقلنا إلى القبة، وهناك بدأ الاحتفال مع كل من أتوا...


بالطبع لم أقم بأداء قسم المهنة، أولاً لأن من قسمه ودعانا للترديد وراءه منافق من الدرجة الأولى، درس لنا التوجهات الإسلامية في الصحافة لينافق ولا أريد أن أقول لـ"يعـ.." لصفوت الشريف بشكل فج على المنصة، فضلاً عن ذلك، ليس القسم وحده هو من يحكم ضميري الذي يتحكم في عملي منذ سنوات، وبالتلي لم أقسم، لا أنا أو أحمد بدوي، أو محمد فتحي، أو الضبع، أو إيهاب التهامي، أو حاتم، أو أحمد عبد الجواد، أو سلمى الجزار... بل كلنا ضحكنا بشكل هستيري حين أخذت الجلالة ذلك الدكتور ليقول "مصرررر مصرررررررر مصررررررررر".

أشكر كل من عرفني على أهله، كم كنت متضائلاً أمامكم، "بابا... ده عمرو"، "ماما... ده عمرو"، وعبارات التهنئة وأنا حقاً خجول، هو تقدير لم أستحقه أبداً من زملائي وأصدقائي...


وقت تسلم الشهادات، هتف لي أصدقائي بكنيتي "زقزوق"، وما إن ارتقيت المسرح حتى ملأتني سعادة لن أنساها، وألقيت قبلة وكأنني النجم الكبير، أشكركم كل الشكر.



لا ذكريات أكثر للرواية...

الجمعة، أبريل 18، 2008

لهفة/تشابه

لما قابلته مرة صدفة...

حبيبي مش أي صدفة...

وقفنا وعيوننا تتكلم....

وقلوبنا صراعها يعلى...

آه حبيبي... مهما تباعدنا...

مصيرنا في يوم نتلاقى...

العقل خاين... والقلب صاين... للعهد صاين!


كان برفقة صديقه يجلسان في مكان يطل به على بعض من ذكرياته، عبث الساعة الأخيرة قبل المغرب... وفجأة ترك جلسته واقفاً لينطق اسمها بالإشارة... ولكن لم تكن هي، تشبهها فقط.



سأله "وماذا إن كانت هي؟"، أجاب "لا شيء، سأبقى مكاني كالوغد"، تساؤل آخر "وتنظر إليها وهي تسير؟" إجابة "بالتأكيد".


من حين لآخر يفتقدها، دون غلق العينين، وبغير استرخاء، ألا يمكن إحراق مطرقة القاضي؟! أو على الأقل إشعال الذاكرة...


سؤال امتحان مني: البحر ملئ بالسمك" - اختبر صدق هذه المقولة دون التدليل بأمثلة غيرية.


الأغنية لعايدة الأيوبي.

الاثنين، أبريل 14، 2008

Amarantine

You know when you give your love away
It opens your heart, everything is new
And you know time will always find a way
To let your heart believe it's true
You know love is everything you say
A whisper, a word, promises you give
You feel it in the heartbeat of the day
You know this is the way love is

Chorus
Amarantine
Amarantine
Amarantine
Love is always love

You know love may sometimes make you cry
So let the tears go, they will flow away
For you know love will always let you fly
How far a heart can fly away

Chorus

You know when love's shining in your eyes
It may be the stars fallen from above
And you know love is with you when you rise
For night and day belong to love


Amarantine - Enya
Amarantine: Immortal or Everlasting

الأربعاء، أبريل 09، 2008

عن الإضراب

شهدت مصر يوم الأحد السادس من أبريل المحاولة الأولى لتنفيذ إضراب عام خرج بدعوة من جهة مجهولة، ولكن تم نسبه إلى "المعارضة" أو إلى "الشعب الغاضب" أو إلى شباب "الفيس بوك" والمدونين أو إلى اللاجهة.

خرجت من منزلي صباحاً متجهاً إلى العمل... (لم تكن مضرباً!!!) الحقيقة أن الأمر لا يتعلق بإرادتي، وهذا السؤال في حد ذاته استفزني شخصياً لأكثر من سبب، فهو يعني أننا نعاني أزمة بسيطة مع ثقافة الإضراب، فإن كانت الصحف ووكالات الأنباء تشارك في الإضراب... فمن ينقله أو يكتب عنه أو يغطيه؟ من يتصل بالمصادر ويأخذ التصريحات؟ من يكون في موقع الحدث يكتب ويصور؟ من يقوم بصياغة الخبر؟ من يضع التصميم الفني للصفحة؟ من يطبعه؟ من ينقل النسخ كي تصل للناس وتعرف ما جرى؟ هذه أسئلة لم ترد لذهن السائل.

ثانياً، حتى لغير الصحفيين، شاب تم تعيينه في بنك أو شركة خاصة للتو، وهو يعلم أن تغيبه يعني فصله مباشرة وهو في مقتبل حياته، لا نطالبه أن يكون علياً ليلة الهجرة والمجتمع لا أنبياء فيه ولا صحابة، لنكن واقعيين... فهذه تجربة أولى، وستتوالى التجارب تدريجياً حتى ينجح الإضراب فعلياً، ولكن الصبر الصبر.



من وراء الإضراب؟

أكره العناوين الاستفهامية كما علمني أخ لي وزميل دراسة، فهي تعني أن الصحفي لا يملك الإجابة، وحين يتطلع القارئ على الخبر فإنه يفاجأ أن الوسيلة لإعلامية نفسها تتساءل مثلها مثله بدلاً أن تعطيه الإجابة، أو على الأقل مفاتيحها.

حسناً، أكره العنوان الاستفهامي ولكن أستخدمه هذه المرة لأنني لست صحفياً هنا، ولا أعرف في الحقيقة من الداعي تحديداً للإضراب... ولكن ليكن من يكون... فماذا لو تطبقت نظرية المؤامرة بحذافيرها واكتشفنا أن الحكومة هي الداعية (وهو سيناريو أقرب لقصة سجين أزكابان)؟ لا شيء! النتيجة في النهاية أن تبني فكرة الإضراب والدعوة لها وتنفيذها ولو عن طريق بضعة آلاف فقط في المحاولة الأولى لهو نجاح مبهر.

نعم، لا أبالغ إن قلت أنني سعدت للغاية بنجاح الإضراب النسبي، فمازال هناك أمل، كنت أخشى أن أجد الشوارع كما هي تماماً، ولكن الحمد لله خاب ظني.



الإخوان والإضراب

قد يمثل رأيي في هذا الجانب مفاجأة للبعض، فالحقيقة أنني مهما كانت الأسباب المنطقية التي تبرر عدم مشاركة الإخوان المسلمين في الإضراب، فهي لا تقنعني البتة.

كنت أفكر في الأسباب التي تدفع الإخوان للمقاطعة، هل هو رسالة للنظام مفادها أن القوة في يد الإخوان، ولو دعوا للإضراب لكان الأمر أسوأ على رأس الحكومة؟ أم أنها وقفة انتظار لقياس قدرة الشارع بعيداً عن توجيهات الجماعة؟ أم أنه كان انتظاراً لتنفيذ أحكام القضاء الخاصة بالمرشحين في الانتخابات المحلية والتي لم تنفذ لتعلن الجماعة مقاطعتها للتصويت في اليوم التالي مباشرة؟ أم أنه رفض للانخراط مع الجماهير لعدم الإمساك بعصا القيادة أو التفاوض مع الجهات المنظمة؟ أي كما قرأت منذ قليل أن الإخوان يرفضون دور العضلات وترك العقل لآخر؟

هي كلها أسباب منطقية، والسياسة تبررها وتجعلها جائزة، ولكنها تبقى غير مقبولة إن كنا نتحدث عن جهة توسم فيها كثيرون رغبتها في صناعة التاريخ، والإخلاص لهذا الوطن ولأبنائه على حساب أية اعتبارات أخرى.

اتصلت فور صدور قرار المقاطعة من مقر عملي بقيادي بارز في الجماعة، وهو شخص يتسم بالعقلانية بعيداً عن نغمة الغطرسة التي تسود خطاب المرشد، وأخبرني فيما يخص الإضراب أن الجماعة لم تقاطعه، بل دعت أتباعها للمشاركة الإيجابية ولكن من خلال "الطرق السلمية التي لا تضر بمصلحة أية فئة من الفئات"، ولكن هل هذه الدعوة كانت بمثابة الإلزام الذي يستوجب تطبيق ركن "السمع والطاعة"؟ أم أنها مجرد توصية تخييرية؟ ولكن مع الوقت قدمت سؤالاً آخر للمصدر عما إذا كانت هناك اعتقالات في صفوف الجماعة على خلفية الإضراب والحملة العشوائية التي قامت بها وزارة الداخلية في القاهرة، فكانت الإجابة بالنفي! وهنا أتساءل كيف يشارك الإخوان في فعاليات كالوقفات "السلمية التي لا تضر بمصلحة فئة" ويعتقل فيها الفاعلون ولا يكون الإخوان من ضمنهم وهم أصحاب الوفرة العدية والعلاقة الندية الدائمة مع رجل الشرطة؟ أرى أنهم لم يشتركوا.



المحلة

من رواية زميلة كانت في الموقع تغطي الأحداث، الوضع أشبه بثورة الجياع، من اشتبك مباشرة مع الأمن هم شباب الضواحي المحيطة بالمحلة والتي تعاني ظروفاً معيشية قاسية، تدفعهم للكفر بشرعية الدولة ككل، وعلى الرغم من عدم اشتراك العمال بشركة الغزل في الأحداث بسبب ترتيبات أمنية أخرجت القياديين منهم من الصورة تماماً، وعملت على عزلهم داخل المصنع، إلا أن وقفتهم الأولى والتي تعادل في قوتها وقفة موظفي الضرائب العقارية قد أكدت للمرة الثانية أن الاحتجاج والاعتصام سلاح قوي يمكن استخدامه بفاعلية، وباطمئنان أكثر، على الأقل مازلنا نملك شيئاً.

ولكن حتى مع توصيات الرئيس بشأن تصحيح أوضاع العمال وشكرهم على عدم الاشتراك في المظاهرة (هل نكذب ونصدق أنفسنا؟) فإن كل هذه مكاسب نعم جنوها هؤلاء بكفاحهم، ولكن أبقى حذراً بشأن إمكانية تعرض المدينة لنوع من العقاب الجماعي الذي طال بورسعيد في السابق لأسباب قد تراها ذاكرة طفل حاول متابعة السياسة صغيراً بأنها واهية.

فهل رأى الرئيس صوره وهي تمزق؟ أذكر أن العقيد معمر القذافي قرر العام الماضي مقاضاة وكالة أنباء لمجرد نشرها ما وصفته بشائعات بشأن مرضه واقتراب موته، وقال في رده أن الدوائر ستدور على الباغي، وكأن الحديث عن وفاته التي ستحدث حتماً إهانة لشرفه.



لا ننسى صيام الخميس 17 أبريل.




ولا ننسى أن في كل بلاد العالم من يساندنا من الأحرار، ونشكر ما بدأ في كندا بالفعل.


http://www.facebook.com/event.php?eid=13639920495




خمس سنوات



9 أبريل 2003


خمس سنوات على سقوط بغداد، يوماً بقى محفوراً في ذاكرة طالب بالصف الثالث الثانوي، هو الآن قد أكمل دراسة الصحافة، وتخرج ليعمل ويواصل رحلة الحياة منتقلاً من الصبا إلى ريعان الشباب...

كيف تمر السنون ونبقى خاسرين؟ هزيمة وراء أخرى، كم انحسرنا للداخل!

ولكن يبقى الأمل... فالذي نصرنا في لبنان قادر أن يمكننا في العراق، وفلسطين، وأفغانستان، وكل بقعة نواجه فيها محتلاً أو نبقى تحت إمرة فرعون...

سقط فرعون الرافدين، والنيل ليس عنهما ببعيد، العراق ليس شيئاً ومصر آخر... كل من يؤمن بمفهوم "الأمة" يدرك ما أفكر فيه الآن...

من هنا، وعلى لسان واحد من آلاف المغتربين في وطنهم مصر، لن ننسى العراق أبداً.



لاحقاً إن شاء الله: تدوينة عن الإضراب وأشياء أخرى...



الخميس، أبريل 03، 2008

تركيبة

هي تركيبة معقدة، ولكن لنرى العناصر تحت المجهر...


1- شخصية البطلة في هذا الفيلم، والحقيقة أنني أمقت هذا العمل السينمائي من أعماق قلبي، لمن لم يره هو فيلم صالح تماماً لبطولة فاتن حمامة وأحمد رمزي، ولا عجب أن تجد مثل هذا الفيلم يحظى بشعبية هائلة بين بنات مصر، ولكن العجيب حقاً هو استحواذه على هذه الجماهيرية بين الشباب الذكور، والتي تؤكد وجود أزمة فكرية لدى نسبة غير قليلة منا.

لماذا تحب فتاة مصرية شخصية البطلة في هذا الفيلم؟ للعديد من الأسباب دون شك... أولها أنها فتاة رومانسية ذات إيمان عميق لا يراه الأوغاد، وهو ما تمثل أحياناً في انتظارها السرمدي لمشاهدة معجزة، انتظار تطوعت فتاة مصرية بالقيام به هي الأخرى دون أن تدري شيئاً.

ثاني الأسباب هو التأثير البالغ من قبل البطلة على حياة البطل، فقد حولته من شاب عابث إلى محب مؤمن جاد يفعل كل شيء من أجلها، غيرت قيمه الحياتية، ولكن فتاة مصر لا تدرك أن بطلة الفيلم لم تقم بإذلال البطل أبداً، ربما هذه نقطة متقدمة سأتحدث عنها لاحقاً، ولكن أؤكد أن البطلة ربما أرادت تغييراً في حياة الشاب كي تصبح حياة إيجابية بدلاً من كونها سلبية، لا أن تصبح ملائمة لحياتها هي وحسب.

السبب الثالث هو النهاية المأساوية بوفاة البطلة، وهي مسحة حزن تميل لها فتاة في خيالها فقط، لأنها ترتعد من مجرد فكرة الموت ولا تملك شجاعة التفكير فيها.



2- شخصية الأنثى الأمريكية العملية، وهي التي دائماً ما تثبت كفاءتها العملية على حساب الرجال، وهي تتعامل مع الآخرين بتحد لا ينتهي دون تبرير واضح، فهي تكتب أفضل منهم، وتحسب أسرع، وتقود السيارة بفنيات سائقي الفورمولا1، وتطهو أشهى، وتفكر أعمق، ولها علاقات اجتماعية أوسع، وتبهر الآخرين فورياً، وخفيفة الدم، ونشطة إنسانياً ومجتمعياً، وتثبت دائماً أن الرجال أغبياء ويعانون أمراضاً نفسية، وهي وحدها من تملك أيضاً تلك الشفافية الروحية لحل مشاكلهم والعبور إلى أعماقهم لتقرأ أفكارهم كلافتات في الميادين.



3- موروثات قيمية جعلت مفهوم المرأة مكروهاً في حد ذاته ومرتبطاً بدلالات سلبية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قيمة إذلال الرجل قبل الرضا عنه، وتأكيد أن الفتاة منال صعب لا بد من بذل المستحيل للاقتراب منه، ولا مانع من التقلب الدائم في الطباع، والتمرد على المسلمات، واستخدام أسلحة الأنثى المعتادة سواء الرقة أو الدموع أو التخيير المستحيل "أنا هكذا... أتقبل أم لا؟!".



هي عناصر ثلاثة قد تتسبب في تكوين تركيبة "المسخ"، فهي تجمع المتضادات معاً في شخصية إنسانية كمعالم رئيسية، لا أدري ربما يكون كلامي مجرد هذيان، ولكن لم لا أكتبه طالما هي مدونتي وحق الرد مكفول لأية فتاة تنطبق عليها المواصفات، علماً بأنني اجتنبت التعميم كلية وقلت "فتاة مصرية" ولم أقل "الفتاة المصرية"... لم أسهب في النقطتين الثانية والثالثة، ولكن لا يهم... حسبي هذا.