لماذا أقدم آدم وحواء على الأكل من الشجرة المحرمة؟ ولماذا لحق العقاب على السلالة البشرية كلها فصرنا نحن هنا على الأرض بدلا من موضعنا الطبيعي بأعلى؟! من لم يكن ليأكل من الشجرة!
لماذا في قصة الطفولة خبرونا أن الفتاة حين دخلت القصر ذا الغرف المائة لم ترق لها أية واحدة من بين تسع وتسعين وفضلت العبث بالباب المغلق للمحرمة الوحيدة؟! حتى وإن قنعت بعدم محاولة فتحها، أراهن أنها كانت ستختار الغرفة رقم 99 للإقامة دون غيرها، لا لشيء إلا كونها مجاورة لعين الممنوع والمحرم، ولقضت الليالي تنصت بأسماعها عبر الحائط لأنصاف الأصوات الصادرة من الجهة الأخرى، ولخصّبت خيالها ببذور كل المشوقات والمفاجآت لا تنفصل عنها إلا بجدار واحد.
هي جدلية، تلك التي تلخصها عبارة "الممنوع مرغوب" أو المثل الإنجليزي القائل The grass is always greener on the other side فما مُنع عنا يبدو دائما مزدانا مبهجا للدرجة القصوى، ولا أتحدث هنا عن الراضين القنوعين، هؤلاء الذين نجحوا في ترويض أنفسهم والتغلب على العادة الإنسانية بتمني ما ليس في اليد، هم بذلوا جهدا كبيرا ليحققوا إنجازا أكبر وإن اختلفنا حول تقييمه.
ألا يلاحظ أحد أن القاسم المشترك بين قصة آدم الحقيقية، وقصة الفتاة الأسطورية هو أن الفاعل أنثى هنا وهناك؟ وسواء قامت حواء بتحريض آدم كما يردد البعض أم أخذت معه المبادرة فإنها تبقى فاعلا مشتركا في الحالة الأولى، وفاعلا كاملا في الثانية، لأن التيمة التي لا تنتهي بطلتها فتاة لا شاب!
دائما ما أمقت الحديث بتعميم عن المرأة، أو لنقل الأنثى إن أردت دقة أكبر، هي فقط ملاحظة، لا أريد بها استفزاز أحد ولا التوصل لأي استنتاج مثل أن "هي" سر شقاء الدنيا ومبعث المتاعب دائما، فلست من مرددي الرأي القائل أنه إذا واجهت مشكلة فابحث عن المرأة وراءها... لا أحب هذا.