أكره الفلسفة حين تأتي في غير موضعها، وهو ما جعلني أتبنى اتجاهاً غير إيجابي نحو هذا الجني الذي غادر مصباحه داعياً إياي...أن أتمنى ليحقق هو
!لبيك مولاي! تمن عليّ-
حسناً... وكم أمنية أملك؟-
.لا تحاول الإحصاء سيدي، لك مني كل شيء-
.جملتك الأخيرة هذه لا أحبها، قد تركبت كي تعطي لدي معنى الكذب وحده-
!ولكن جربني-
.حسناً أريد... أريد أن تأتيني الآن بطبق ملئ بقطع فراولة طازجة-
.سيدي!هذا طلب لا يليق بك...ولا يليق بإمكانياتي! كل الناس تحصل على ما تقوله من المتجر بأثمان بخسة!أربأ بك عن هذه الأمنية-
..حسناً، اءتني بأجود عصير حلو حسب ذوقك وبمراعاة مكانتي ومكانتك كما قلت، فسأترك لك الاختيار-
!وهل تعلو العين حاجبها؟! أنا لا أختار-
.حسناً، اءت لي بأغلى مشروب دون أن يكون محرماً-
مولاي! الطعام والشراب أمور دنيوية بحتة، هي مواد تدخل للجسد فيخرجها في صور أخرى، هي مثال للمادية وابتعاد تام عن-
.الروحية، أعتذر سيدي عن هذه الأمنية
قلت لك أنك تكذب ولا تحقق شيئاًَ، ألا ترى؟ -
.سيدي ما قمت إلا بالاعتذار عن طلب وحيد، جربني ولا تملني، ليكن هذا عهدي بك -
.لا تقلق... أنا لا أمل إن تردها كذلك-
...حسناً، إلي بالأماني-
.أريد السفر لتغطية حدث صحفي كبير يشبع طموحي وأعود منه بخبرة جديدة لم أكتسبها من قبل-
ولكن سيدي... أتريد أن تحصل على هذا دون استحقاق؟ ستكون حينها كمن يستغل معارفه للجلوس في مكان لم يقدم ما يشفع له
لرؤيته، مازلت شاباً ودورك سيأتي بعرقك وكفاحك وإثبات جدارتك فعلاً... بل حينها ستكون موكلاً من قبل جهة عالمية كبرى تنشر فيها
...العمل الحقيقي الذي قدمته وتنال الهدف الذي سعيت له قبل السفر
ألا يمكنك إخباري بشيء أجهله؟-
.بلى-
أمثلة؟ -
.باستطاعتي إخبارك بزوار مدونتك هذه التي لم تكتب عليها منذ فترة-
وما الجديد؟ إنني أعرف بيانات عمن يدخلونها يومياً، أعرف أين هم سواء كانوا من قلب الدلتا أو أقصى الصعيد، من بلادي أو-
خارجها، بل أعرف الأوقات التي يدخلون فيها، أعرف هل دخلوا بمحض الصدفة من محركات البحث، أم قصدوا المدونة وكتبوا
.عنوانها بأناملهم... هذا كله أعرفه، ولكن لا أعرف دوافع الزيارات التي قد تتكرر... قد تكون هذه مهمتك... ها أنا منصت
لا أتجاوز حدودي أبداً، أنا أخبرك بالفعل، أما ما يقبع داخل النفس البشرية، ويجوب العقل والإحساس فهذا من أمر ربي! أنى لي
سيدي،لا أتجاوز حدودي أبداً، أنا أخبرك بالفعل، أما ما يقبع داخل النفس البشرية، و يجوب العقل والإحساس فهذا من أمر ربي! أنى لي
!أن أطلع عليه
.فاتت علي هذه-
.لا عليك... لنستكمل-
قل لي، هل تستطيع توصيل خط للمترو يصل ضاحيتي هذه بقلب المدينة الكبيرة؟-
!لو كنت تسكن وحدك هنا لفعلت، فمولاي يستحق، ولكن هؤلاء الباقين ماذا فعلوا؟ لا يمكنهم الانتفاع بوجودك وهم لا يدركون قيمتك-
هل تعلمت النفاق في المصباح؟ -
.بل أصدقك-
...ليكن! حسناً، قد وجدت الحل المريح لي ولك.. المال... أريد ثروة طائلة وأعرف كيف أستخدمها جيداً-
ستتسبب في خلل كوني! ستدعم المقاومين وتغير موازين القوى في العالم،ستتسبب في صدمة الناس بالأموال التهي ستهطل عليهم-
فجأة ودون تفكير، أنت تنوي توزيع الثروة، و حينها لن تستفيد أنت بالمال لأن الجميع سيكونوا سواء، و ستجد شأنك شأن كل من
.اعتدت و صديقك تسميتهم كلاب البحر تماماً مثلك دون فوارق أو اعتبارات لتميزك! صدقني ليس خياراً مجدياً
...استمر الجدال بيني وبينه إلى أن اعترفت أنني مللت حقاً، وحينها لخصت طلباتي كلها في أن يعود إلى مصباحه ويريحيني
بيدي دفعت المصباح بعيداً من فوق الصخرة صوب البحر متمنياً أن يبتلعه حوت لا يصطاده أحد أبداً، ومع توديعي الساحل وقفت أفكر فيمن قد يجد المصباح يوماً على الضفة الأخرى، قد يقوم برحلة من البحر إلى المحيط ويرسو في قارة أخرى... لا يهم طالما سيبقى
.عني بعيداً