نجح عصفور بري في تحويل أجزاء من حياتي إلى جحيم خلال الأيام الأخيرة.. بشكل استدعى إلى ذاكرتي العبارة الساخرة التي كان صديقي يطلقها على واحدة من أغاني عايدة الأيوبي "عصفور".
بالرغم من أنني أعيش في هذا المنزل منذ نحو عام وثلاثة شهور، إلا أن معاناتي مع العصفور هذا لم تبدأ إلا مؤخرا. هو لم يتجاوز حدود النوافذ والشرفات ولكنه يحدث إزعاجا يفوق الوصف خاصة بالنسبة لمن اعتاد الهدوء مثلي على مدار ست سنوات منذ رحيلي عن الجيزة.
مشكلة هذا العصفور أن زجاج النوافذ والشرفات كله من النوع العاكس، وحين بنى أبي المنزل فضّل هذا حتى لا "تجرحنا" الجيران فحين ينظر أحدهم إلى نوافذنا أو شرفاتنا المغلقة لا يرى بالنهار إلا انعاكاسا لصورته، والأمر نفسه إذا كان ينظر ليلا شريطة ألا نكون قد أضأنا الغرف.
ولأنني أعمل في المساء، أي أغادر المنزل في نحو الثانية ظهرا يوميا وأعود في الواحدة صباحا أو أبعد، فقد اعتدت النوم بعد الفجر والاستيقاظ بعد الظهر وهذه هي الفترة التي يحرمني فيها العصفور من إكمال ثلث ساعة بين الأحلام.
ينظر العصفور إلى الزجاج فيرى انعكاسه فيخيل له أن ثمة عصفورا آخر قد يهاجمه، فيبدأ بالنقر في الانعكاس نقرات متتالية فيصدر صوت احتكاك بالزجاج يقض مضجعي دائما، فأقوم لأطرق بقوة على الزجاج من الداخل فينصرف.
ولا يلبث العصفور دقائق حتى يعود، ولكنه يترك النافذة ويتجه إلى زجاج الشرفة، فأطرق من الداخل فيعود إلى النافذة، وهكذا.
تركت الغرفة بالكامل وذهبت إلى أخرى حيث يتواجد الحاسوب، فجاءني ينقر على شرفتها!
الحل البسيط هو تشويه واجهة المنزل ولصق ورق جرائد على النوافذ والشرفتين من الخارج، ولكن هذا إن تم فلن يلبث إلا أياما معدودة بفعل الرياح فضلا عن إفساد المنظر تماما سواء للساكن أو للجار.
السؤال الذي يلح عليّ: لماذا يصر هذا العصفور على زجاج نوافذي وشرفتي أنا بالتحديد؟ ولماذا لا يدرك حقيقة أن ذلك ليس إلا انعكاسا له مثلما تفعل القطط حين تتجاوز مرحلة الطفولة في الأشهر الأولى؟ لا أعرف.