(إهداء لنا نحن مراهقي كرة القدم)
منذ الكشف عن تميمة البطولة في صورة الديك الأزرق "فوتيكس" الذي يمسك الكرة بين يديه والتحفيز جار على قدم وساق لمتابعة الحدث المرتقب.. دورة رباعية تنظمها فرنسا قبل المونديال بسنة واحدة.. يسجل خلالها روبرتو كارلوس هدفا لا ينسى في مرمى أصحاب الأرض من خلال تسديده لركلة حرة مباشرة بعيدة.. أظهرت الإعادة التلفزيونية كيف أن الكرة انحرفت بعنف إلى يسار الحارس الفرنسي فابيان بارتيز ثم فجأة عادت إلى اليمين قليلا وسكنت الشباك.. كل ذلك في لمح البصر! ترى كيف ستكون مباريات المونديال ذاته؟
مطرب بويرتو ريكو الأشهر ريكي مارتن يشعل حفل سحب قرعة النهائية بأغنية The Cup of Life ومعالم باريس السياحية تتجلى في الأفق.. أبعاد جديدة للتسويق مع تأهل اليابان للنهائيات للمرة الأولى.. وجه آخر جديد هو جامايكا.. بلاد ربما تكون اكتسبت شهرتها كلها عبر بوب مارلي وموسيقى الريجي.. الآن لديها فرصة جديدة للفت الأنظار.
هناك 32 فريقا دفعة واحدة، ولكن يستمر غياب أوروجواي المتوجة بأول لقب للمونديال.. وتعجز التشيك وصيفة يورو 1996 عن بلوغ النهائيات شأنها شأن البرتغال صاحبة العروض القوية في ذات البطولة، فضلا عن مصر بطلة أفريقيا، وكذلك السويد صاحبة المركز الثالث في المونديال السابق.
كما جرت العادة خاض حامل اللقب المباراة الافتتاحية، وتغلبت البرازيل على اسكتلندا (2-1) بفضل هدف عكسي سجله كريس بويد كان ينبئ بتكرار هذه الظاهرة خلال البطولة.. النيران الصديقة.. أو قل الأسلحة الفاسدة التي ترتد إلى الخلف.
في مساء نفس اليوم وضمن ذات المجموعة الأولى زأرت أسود أطلس على ملعب "لاموسون" في مونبلييه.. مصطفى حاجي يتسلم الكرة على حدو منطقة الجزاء النرويجية.. يدخلها بثقة.. يتلاعب بالدفاع ويسدد قذيفة أرضية تسكن الشباك.
لا يمضي وقت طويل حتى تتعادل النرويج بهدف عكسي ليوسف شيبو، ثم تعود الأفضلية مغربية عبر عبد الجليل حدة "كماتشو" حين تلقى كرة طاهر الخلج الطولية واستقبلها بمهارة وسددها بقوة في سقف المرمى.
لم تدم الأفراح المغربية أكثر من دقيقة حتى استغل المدافع دان إيجن خطأ الحارس إدريس بن ذكري ليسجل هدف التعادل الذي انتهت به المباراة.. وحتى الآن لا يزال السؤال لماذا قرر الفرنسي هنري ميشيل مدرب المغرب الاعتماد على ابن ذكري بدلا من الأساسي عبد القادر البرازي؟
جاءت الجولة الثانية وحسمت البرازيل تأهلها بثلاثية في مرمى المغرب بينما تعادلت النرويج مع اسكتلندا، ثم جاء موعد الحسم في الجولة الأخيرة.. في سانت إتيان استعرض أسود الأطلسي مهارات جيل ذهبي كبير بثلاثية في مرمى اسكتلندا ولكن جاءتهم أنباء غير سارة ومفاجئة من مارسيليا.. خسرت البرازيل أمام النرويج بهدفين لواحد في آخر عشر دقائق بعدما كانت متقدمة بهدف بيبيتو!
قيل بعد صعود النرويج بدلا من المغرب إن العرب غرقى في نظرية المؤامرة ولكن السيناريو بدا إلى حد كبير مشابها لما حدث للجزائر في مونديال 1982 حين صعدت النمسا وألمانيا على حساب محاربي الصحراء بنتيجة كان أي شيء غير وقوعها يعني تقدم الفريق العربي.
في المجموعة الثانية تصطدم إيطاليا وصيفة النسخة السابقة بطموح تشيلي العائدة للمونديال في بوردو والمدججة بهجوم ناري يقوده الثنائي إيفان زامورانو ومارسيلو سالاس.. فقد سجلا معا 21 هدفا خلال التصفيات.
تقدم الأتزوري مبكرا عبر هداف أتلتيكو مدريد كريستيان فييري، ثم قلب الفريق اللاتيني النتيجة بثنائية من توقيع مارسيلو سالاس الذي شق طريقه بعدها إلى الملاعب الإيطالية مع لاتسيو.
اضطر الطليان إلى الانتظار حتى الدقائق الخمس الأخيرة حين احتسبت ركلة جزاء لصالحهم تقدم لتسديدها روبرتو باجيو وفي أذهان الجميع مشهد إهداره لركلة ترجيح خلال نهائي مونديال 1994 أمام البرازيل.. ولكنه بثقة كبيرة أودع الكرة الشباك وأفلت ببلاده من شبح صدمة البداية.
في اللقاء الآخر أبطلت النمسا مفعول هدف كاميروني مبهر من توقيع بيير نجانكا واقتنصت التعادل في الدقيقة الأخيرة (1-1)، وكررت السيناريو بحذافيره في الجولة التالية ضد تشيلي، فيما روضت إيطاليا الأسود بثلاثية دون رد.
ضمنت إيطاليا الصدارة بالفوز في الجولة الأخيرة على النمسا (2-1) فيما تعادلت تشيلي للمرة الثالثة مع الكاميرون (1-1) مستغلة النقص العددي في صفوف الأفارقة بعد طرد المدافع ريجوبرت سونج للمونديال الثاني في مسيرته، ما سمح لسالاس وزامورانو بالتقدم إلى دور الستة عشر.
بصعوبة حققت فرنسا العلامة الكاملة في المجموعة الثالثة بالفوز على كل من جنوب أفريقيا والسعودية والدنمارك على الترتيب دون أن تقدم عروضا تجعلها ضمن زمرة المرشحين للقب.. فقد استفادت من هدف عكسي لبيير عيسى مدافع جنوب أفريقيا في اللقاء الأول، ووجدت نجمها زيدان يُطرد أمام السعودية رغم الفوز الكبير، فيما اعتمدت الدنمارك من جانبها على خبرة الأخوين بريان ومايكل لاودروب وتألق الحارس بيتر شمايكل.
أولى مفاجآت البطولة كانت في المجموعة الرابعة حين ودعت إسبانيا النهائيات رغم فوزها في الجولة الختامية على بلغاريا (6-1).. السبب خسارة في الجولة الأولى أمام نيجيريا (3-2) وعجز عن هز شباك حارس باراجواي العملاق خوسيه لويس شيلافيرت خلال التعادل السلبي في الجولة الثانية.
تألق الفتيان الجديدان راؤول جونزاليز وفرناندو مورينتس لم تشفع للمدرب خابيير كليمنتي أن يذهب بالإسبان بعيدا، فكانت بطاقتا دور الستة عشر من نصيب كل من نيجيريا وباراجواي.
الجارتان هولندا وبلجيكا وقعتا في المجموعة الخامسة مع كوريا الجنوبية والمكسيك.. تلك الأخيرة ضربت المثل في العودة من الخلف دائما.. تتأخر مرتين بهدفين وفي كل مرة تدرك التعادل (2-2) سواء مع بلجيكا أو هولندا التي رافقتها إلى الدور التالي.
احتفظت المكسيك بثنائي هجومي متألق شكله لويس هرنانديز وكواوتموك بلانكو، وسجل ذلك الأخير هدفا صعبا في مرمى بلجيكا حين طار في الهواء لمقابلة عرضية رامون راميريز في المرمى.. حيث وضع الكرة بقدمه اليسرى في الزاوية الضيقة رغم أن الطبيعي كان مقابلتها بيمناه.
السياسة تطل برأسها في المجموعة السادسة.. ليست ألمانيا بطلة أوروبا من يلفت الأنظار.. ولا حتى ابنة قارتها يوغوسلافيا.. بل إيران والولايات المتحدة.. لقاء لا يمكن نزعه عن التصريحات النارية بين ساسة البلدين وتاريخ صعب يعيد إلى الأذهان أزمة رهائن السفارة الأمريكية بطهران.. هتاف "الموت لأمريكا" الذي يرج ساحات صلوات الجمعة يتعرض لاختبار لم يكن في الحسبان.. ها هي أمريكا.. وإن كانت في كرة القدم لا في ميدان الحرب.
إيران تحديدا عانت الأمرين حتى تبلغ المونديال للمرة الثانية، فأخفقت في التأهل مباشرة ثم خسرت الملحق الأول أمام اليابان وأخيرا اجتازت الملحق النهائي بهدف تعادل تاريخي مع أستراليا (2-2) من توقيع خداداد عزيزي.
عزيزي هذا شكّل عنصرا بارزا في الفريق الفارسي بجوار الهداف علي دائي ولاعب الوسط المنطلق دوما للأمام كريم باقري.. ولكن هذا الثلاثي لم يظهر خلال الخسارة الأولى أمام يوغوسلافيا بهدف.. كان يبدو أن البطولة التي جاء الإيرانيون لأجلها هي التغلب على الولايات المتحدة، التي خسرت هي الأخرى أمام ألمانيا.
دخل الفريقان أرضية ملعب جيرلان في ليون، وكبادرة لحسن النوايا والتأكيد على رسائل السلام وضع الإيرانيون أطواقا من الزهور على أعناق نظرائهم الأمريكيين.. واصطف لاعبو الفريقين معا في صورة تذكارية.. ولكن ذلك كله تلاشى بمجرد بدء اللعب.
أربعون دقيقة عصيبة مرت حتى حول حميد إستيلي برأسه عرضية من اليمين إلى الشباك الأمريكية لتدخل بلاده الاستراحة متقدمة وتفكر في الاحتفاظ بـ"النصر" خلال الشوط الثاني.. حينها بدت واضحة تعليمات المدرب جلال طالبي.. تنظيم الدفاع والاعتماد على الهجوم المرتد الخاطف.. وبتلك الطريقة وكثير من التوفيق عززت إيران تقدمها عبر الجناح الأيمن الصاعد مهدي مهداوي كيا الذي انطلق تلك المرة من اليسار.. ضَمَن هدفه الفوز لبلاده بنسبة كبيرة.. فلم يكن هدف بريان ماكبرايد سوى نوع من حفظ ماء الوجه للفريق الأمريكي.
الفوز كان كافيا كي يقننع الإيرانيون بتحقيقهم إنجازا كبيرا يعوض عن الإخفاق في بلوغ دور الستة عشر الذي تأهل إليه الألمان واليوغوسلاف، فالمهمة المحددة قد نُفّذَت.. والباقي لا يهم.
ممثل العرب الثالث المنتخب التونسي غادر المجموعة السابعة بنقطة وحيدة مثلما فعلت السعودية، فنسور قرطاج تعادلت مع رومانيا بعد أن ضمنت الأخيرة التأهل، فيما كان مقعد الوصافة من نصيب إنجلترا بعد تغلبها على كولومبيا بهدفين، أحدهما من ركلة حرة لفتى واعد اسمه ديفيد بيكهام، لتكون النهاية حزينة لآخر ظهور مونديالي لجيل كارلوس فالديراما وفريدي رينكون.
في المجموعة الثامنة اضطر المشجعون المصريون لبعض الوقت حتى يدركوا –في عصر ما قبل انتشار الإنترنت والفضائيات- أن نجم وسط الأرجنتين خوان فيرون هو ذاته الذي كان يذكره المعلق محمود بكر باسمه الأوسط "سباستيان" فقط خلال أوليمبياد أتلانتا 1996.. كان عليهم إدراك ذلك مبكرا فصاحب تلك الصلعة الذي يخرج تلك التمريرات لا يتكرر كثيرا.
فاز راقصو التانجو بمبارياتهم الثلاث على اليابان وجامايكا وكرواتيا التي صعدت هي الأخرى إلى الدور التالي، مستفيدة من نضج أغلب العناصر التي شاركت في يورو 1996.
جاء دور الستة عشر بنظام خروج المغلوب.. لا فرصة للتعويض.. إيطاليا بخبرتها تفوز على النرويج بهدف فييري الخامس في البطولة، والبرازيل تتلاعب بتشيلي وتهزمها (4-1) في تألق كبير لرونالدو الذي لم يخطف بمفرده الأضواء، بل شاركته من المدرجات خطيبته سوزانا فيرنر.
رهان كبير على قدرة نيجيريا على العصف بتقليدية الدنمارك.. ولكن لوحة النتيجة تشير إلى خسارة النسور (4-1).. فرنسا تحتاج إلى هدف ذهبي عبر المدافع لوران بلان كي تتخلص من لعنة شيلافيرت حارس باراجواي.. خبرة الألمان تساعدهم على قلب التأخر أمام المكسيك إلى فوز (2-1) وتسديدة إدجار ديفيدز في الدقيقة الأخيرة تقود هولندا إلى الفوز على يوغوسلافيا بالنتيجة ذاتها.. وكرواتيا تعبر رومانيا بركلة جزاء ينفذها الهداف دافور سوكر.. اسمه ينطق "شوكير".. لكن تصحيحه بعد تلك السنوات يبدو تحذلقا لا معنى له.
مباراة أخيرة تتبقى في ثمن النهائي.. ملعب جوفروا جيشار في سانت إتيان.. الأرجنتين تواجه إنجلترا.. بعد 12 عاما من مباراة مارادونا الشهيرة التي سجل فيها مرتين: إحداهما بعبقريته.. والأخرى بيده.
تتقدم الأرجنتين عبر هدافها جابرييل باتيستوتا من ركلة جزاء.. يتعادل ألان شيرار.. في الدقيقة العاشرة.. وبعدها بخمس دقائق يرسل بيكهام كرة طولية يستقبلها ببراعة مايكل أوين.. يراوغ مدافعا أرجنتينيًا.. التالي.. يخرج الحارس كارلوس روا.. يسدد فتى ليفربول الصغير في المقص الأيمن للمرمى.. إنه يرد على هدف مارادونا.
أفضلية الإنجليز لا تدوم.. خابيير زانيتي يدرك التعادل.. بيكهام يتعرض للطرد الذي يراه ظالما.. التعادل يستمر... ركلات الترجيح.. ديفيد باتي يهدر الركلة الحاسمة لإنجلترا.. الأرجنتين تفوز مرة أخرى.
في ربع النهائي، عادت فرنسا إلى الملعب الكبير في سان دوني لمواجهة إيطاليا التي تطلعت لتكرار ما فعلته قبل 60 عاما حين أحرزت لقبها المونديالي الثاني على الأراضي الفرنسية، ولكن الاصطدام بأصحاب الأرض هذه المرة لم يسفر عن أي شيء لمدة 120 دقيقة في ظل استبسال حارس الأتزوري جانلوكا باليوكا.. ما دفع الفريقين إلى اللجوء لركلات الترجيح.
زيدان يسجل أول ركلة.. من يتقدم لإيطاليا؟! روبرتو باجيو! بعزم على تحطيم مخاوفه يتعادل لإيطاليا.. ويستمر التعادل حتى يسدد لويجي دي بياجيو كرة الأتزوري الأخيرة في العارضة ويبلغ أصحاب الأرض المربع الذهبي.
في نانت تعافت البرازيل سريعا من صدمة تأخرها بهدف أمام الدنمارك لتتقدم بهدفين وتدخل الاستراحة بأفضلية على لوحة النتيجة.. ولكن ماذا يفعل روبرتو كارلوس بعد خمس دقائق من استئناف اللعب؟ إنه يحاول تشتيت عرضية دنماركية بضربة خلفية بقدمه اليمنى التي لا يجيد استخدامها.. يخطئ الكرة فتصل إلى بريان لاودروب ليتعادل للفريق الاسكندنافي محتفلا بطريقة تشبه من يلتقط صورة تذكارية على شاطئ البحر.
لا يمضي أكثر من عشر دقائق حتى تستعيد البرازيل الأفضلية عبر ريفالدو وتحافظ عليها حتى دوي صافرة الحكم المصري جمال الغندور.. حامل اللقب مستمر في الدفاع عن عرشه.
مواجهة كلاسيكية في مارسيليا جمعت بين هولندا والأرجنتين بذكريات نهائي نسخة 1978 حين فاز راقصو التانجو بلقبهم الأول بين أنصارهم وفي الوقت الإضافي، فهل يثأر فريق الطواحين؟ لم تتأخر الإجابة حين مرر دينيس بيركامب برأسه كرة ذهبية إلى باتريك كلويفرت ليتقدم لهولندا بعد 12 دقيقة فقط.. ولكن الرد لا يتأخر.. كلاوديو لوبيز يكسر مصيدة التسلل ويتعادل للأرجنتين بعدها بست دقائق.
الخشونة عنوان الشوط الثاني.. طرد لآرثر نومان.. وأرييل أورتيجا يشبع الدفاع الهولندي مراوغة ولكن يفقد أعصابه لعدم حصوله على ركلة جزاء من ياب ستام فينطح الحارس إدوين فان دير سار ويتعرض لبطاقة حمراء.
العقاب أتى فوريا قبل النهاية بدقيقة واحدة.. كرة طولية يستقبلها دينيس بيركامب ببراعة داخل منطقة الجزاء، يراوغ روبرتو أيالا، ويسدد في أعلى الزاوية اليمنى لمرمى كارلوس روا.. هولندا تخطف الفوز وتتأهل للقاء البرازيل على ذات الملعب.
بقي الضلع الأخير من المربع الذهبي حائرا بين كرواتيا وألمانيا حين التقيا في ليون.. ظن الجميع أن خبرة الألمان ستسعفهم في الشوط الثاني لتدارك التأخر بهدف روبرت يارني.. ولكن الماكينات بدت في في حالة عطل تام خلال الشوط الثاني فاستقبلت هدفين آخرين عبر جوران فلاوفيتش وسوكر.. كرواتيا مفاجأة البطولة بلا منازع بعد ثأرها من هزيمتها أمام ألمانيا في ربع نهائي يورو 1996.
صافرة الإماراتي علي بوجسيم تعلن بدء نصف النهائي في مارسيليا.. البرازيل تتقدم على هولندا بهدف رونالدو، ولكن كلويفرت يدرك التعادل برأسه قبل النهاية بثلاث دقائق ليتوجه الفريقان نحو الوقت الإضافي ثم ركلات الترجيح، وحينها استعاد الحارس البرازيلي كلاوديو تافاريل كل بريقه وتصدى لركلتين من فيليب كوكو ورونالد دي بور ليقود بلاده إلى النهائي للمرة الثانية على التوالي.
في اليوم التالي وجدت فرنسا نفسها متأخرة أمام كرواتيا بالهدف الخامس لسوكر في البطولة.. ولكن الرد جاء سريعا بالهدف الدولي الأول للظهير الأيمن ليليان تورام.. ماذا جاء به إلى وضعية متقدمة كي يتلقى تمريرة يوري دجوركاييف؟ ربما هو نفسه لا يعرف.
ليلة تورام لم تنته.. في لحظة ما وجد نفسه على الجبهة اليمنى.. وجهه للداخل.. سدد بيسراه عكس العادة.. ذهبت الكرة إلى الشباك الكرواتية..!
انتهت المباراة وفازت فرنسا ولكن المدافع لوران بلان تعرض للطرد قبل النهاية بربع ساعة.. استاء الفرنسيون كثيرا لغيابه عن النهائي.. ليس لبراعته الفنية فحسب، بل لاعتياده أداء تميمة الفوز قبل كل مباراة: تقبيل صلعة الحارس فابيان بارتيز.
في مباراة المركز الثالث حصدت كرواتيا البرونزية بالفوز على هولندا بهدفين لواحد، وسجل سوكر هدفه السادس ليتصدر ترتيب الهدافين ويبتعد عن باتيستوتا وفييري ويختتم صيفا رائعا توج فيه مع ريال مدريد بدوري الأبطال الأوروبي.
جاء يوم المباراة النهائية.. أصحاب الأرض يواجهون حامل اللقب.. ولكن قائمة البرازيل تخلو من اسم رونالدو أفضل لاعب في البطولة!! تم الكشف لاحقا عن تعرض نجم إنتر ميلانو وقتها لإصابة بتشنج ليلة المباراة وفقا لشهادة زميله في الغرفة روبرتو كارلوس.. المدرب ماريو زاجالو جمع لاعبيه في الفندق وأخبرهم بأن الفوز لا يتوقف على رونالدو وحده.. فحين كان لاعبا فازت البرازيل بمونديال 1962 في غياب بيليه.. ووقع الاختيار على إدموندو لقيادة الهجوم بدلا من النجم المصاب.
ومع خروج اللاعبين من غرف الملابس صوب أرضية الملعب فوجئت الجماهير برونالدو وسط زملائه.. أخبر زاجالو بقدرته على اللعب وقرر المدرب الدفع به.. ربما خوفا من تعرضه للنقد لو حدثت خسارة في غياب النجم الأول للفريق.. وربما كما قال البعض كخضوع لضغوط كبيرة تتعلق بالتسويق والإعلان مارستها شركة "نايكي" راعية المنتخب البرازيلي.
على الجهة الأخرى حل المدافع فرانك لوبوف محل لوران بلان ولكنه لم يتعرض لاختبارات حقيقية خلال المباراة.. فمن ركلتين ركنيتين في الشوط الأول ارتقى زيدان فوق الجميع وسجل برأسه في شباك البرازيل مانحا بلاده أفضلية مريحة في الاستراحة.
غاب رونالدو وغاب معه كل السحر البرازيلي.. فراقصو السامبا عجزوا عن استغلال النقص العددي بعد طرد مارسيل ديساييه، وفي اللحظات الأخيرة أطلق إيمانويل بوتي رصاصة الرحمة بتسجيله الهدف الثالث لفرنسا.. هدف ابتهج معه الرئيس جاك شيراك في المقصورة الشرفية.. وتبعته مباشرة صافرة الحكم المغربي سعيد بلقولة.. الديوك أبطال العالم! الأضواء تعكس اسم زيدان على قوس النصر في باريس.. فرنسا تدخل زمرة الكبار بتتويجها الأول في المونديال.. جول ريميه صاحب فكرة كأس العالم لم يعش ليرى بلاده تحرز اللقب.
لقطات:
هدف حاجي في النرويج
هدف نجانكا في مرمى النمسا
هدف المكسيكي بلانكو في مرمى بلجيكا
ملخص مباراة إيران والولايات المتحدة
هدف أوين في مرمى الأرجنتين
احتفالية بريان لاودروب بهدفه في مرمى البرازيل
هدف بيركامب في مرمى الأرجنتين
هدف تورام الثاني في مرمى كرواتيا