الأربعاء، يوليو 18، 2007

فخور بأني مدون إسلامي

كثر القيل والقال من الجاهلين أو المستجهلين حول لافتة "فخور بأني مدون إسلامي" التي ترصع جدار مدونتي ومدونات أخرى، هي لافتة لا أذكر من أي مدونة تحديدا حصلت عليها، ولكنها تعبر عن هويتي وانتمائي الفكري وقناعتي…حتى وإن لم تكن مفصلة، ولكن هذا دوما حال الشعارات… فأي شعار في الحياة دوما ما يكون مختصرا إلا أن أعداءه وبغباء فريد ينتقدونه متهمينه بعدم التفصيل متناسين أن هذا من طبيعة أية جملة تُتخذ كشعار عام...

في البداية كتب أحد المدونين تدوينة يستفهم فيها عن ماهية اللافتة وتهكم عليها بشكل لا يعكس إلا تهافتا كما أخبرته نصا، ولكن شاء القدر أن يدخل مصمم اللافتة ويوضح له جهله بالمنطق.

أرى أنه من الضروري أن أتحدث شيئا عن مفهوم "إسلامي" الوارد في الشعار من منطلق فهمي الشخصي له، كي يفهم من لا يعي ماذا أريد وماذا أعني...

في اللغة العربية لا توجدة أداة للنسب سوى الياء المشددة، بعكس الإنجليزية التي توجد فيها مقاطع شتى تعطي معنى النسب للأسماء فتحولها لصفات، فمثلا إن كنا نقول أمة أو قوم فسنقول بالعربية أممي أو قومي، وهنا تحمل معنى التوجه القومي فكريا، أو العمل لمصلحة الأمة إن كنا نتحدث عن مشروع عام، صحيح يتحدد المعنى من السياق إلا أن الصفة واحدة في كلتا الحالتين، في الإنجليزية يختلف الوضع، فإن كنا نتحدث عن مشروع قومي أو هيئة قومية فسنقول National وإن كنا بصدد الحديث عن شخص قومي الفكر والاتجاه فسنقول Nationalist، وهذا هو الفارق الكبير الذي تجاهله كل من انتقد الشعار الذي يحمل كلمة Islamist ولا يحمل كلمة Islamic والفارق بينهما شاسع لمن يدرك ويعي، إلا أنه في العربية يستخدم نفس الاشتقاق مما قد يعطي تشابها في الدلالة وإن كان السياق أيضا يبين، ولكن لا أحد منهم يفهم إما عن جهل أو استجهال.

Islamic تعني الأمور المتعلقة بالإسلام كدين بالمعنى التقليدي، أي كشعائر وفرائض من صلاة وزكاة وصوم وحج وفقهيات وغيرها، أو فن تزيين المساجد أو الأبنية بشكل عام بالآيات القرآنية والزخارف المستمدة من الإطار الروحي للإسلام، وهذا هو المفهوم الذي يريد العلمانيون دائما تعميمه على الإسلاميين ليحتجوا بأننا لا يمكننا أبدا الحديث عن الدولة لأن الإسلام ليس إلا "دينا" فقط.

على النقيض تماما، فإن كلمة Islamist تشير إلى الشخص الذي يرى في الإسلام فكرة شمولية، فالدين بالمعنى التقليدي هو إحدى زواياه ولكن ليس كلها، فإن كان ذلك الجانب يمثل الروح، فإن الالتزام بالإسلام في جوانب المادة كالعلوم الطبيعية والسياسيةوالاقتصادية والاجتماعية وغيرها هو المعنى المراد إبرازه من خلال هذا المفهوم.

هناك فلسفة بدائية جدا ينبغي تبيانها إذا ما أردنا قطع الطريق على الخصوم قبل أن يطرحوا أسئلتهم المعتادة والتي لا تلقى صدى مثل صياح الديكة فوق الأسطح... هذه الفلسفة تقول أن الله تعالى خلق كل شيء في الدنيا ونقيضه، وفي ذلك استدلال على ألوهيته وذاته، كيف؟ لننظر حولنا، سنرى ليلا يناقضه نهار، وموتا تناقضه حياة، وارتفاعا يناقضه انخفاض، وأملاح تقابلها سكريات، وذكورا تقابلهم إناث، وقاتلا يقابله مقتول، وظلما يقابله عدل، ومفعولا يقابله فاعل، وهكذا بشكل يجعلك تستدل من شيء على وجود نقيضه، حتى نصل إلى النتيجة النهائية وهي موجودات "نحن" يقابلها واجد "الله"! في وسط هذا نجد الله قد خلق نقيضين آخرين وسط آلاف النقائض، هما الحلال والحرام.

وخلق الله الحلال جاعلا سمته الكثرة والسعة، والحرام مرتضيا وصفه بالقلة والضيق، فأصل التحليل والتحريم نابع من أن كل شيء مباح ماعدا استثناءات قليلة، فالقاعدة هي التحليل، والتحريم هو الاستثناء، ما علاقة هذا بموضوعنا؟ علاقته أننا نحن الإسلاميين، وعن نفسي أتحدث بالدرجة الأولى، ندعو إلى التزام الجانب الأكثر سعة، وإقامة دوائر ينتظم فيها الناس بإرادتهم الحرة باجتناب الحرام، لأن الحلال أكثر من أن يحدد في أ،ب، ج إلا في حالات نادرة كالزواج ومصادر كسب المال مثلا، أعني أنه بنظرة أشمل فإن الإسلام يلغي خيارا واحدا هو الحرام، ويبيح خيارات متعددة هي كلها من الحلال.

بوجه أكثر عملية أتحدث بأمثلة قائلا، إن النظام السياسي يكون إسلاميا في حال اجتنابه الظلم والانفراد بالرأي والتوريث والتفرقة، وبالتالي فإن هذا النظام برلمانيا كان أم جمهوريا أم عشائريا يبقى إسلاميا طالما اجتنب المحرم بغض النظر عن آليته.

الأمر نفسه بالنسبة للاقتصاد، فإن تجنب الربا وتحاشى غياب العدالة الاجتماعية يجعلان لدينا اقتصادا إسلاميا، وضع تصنيفا له كما تشاء من التصنيفات الحديثة في ضوء آلية أدائه الحالية التي يستدعيها واقع المجتمع ومتطلباته.

يبقى التساؤل عن من يحدد الحلال والحرام، وهو ما نقرأه دوما في عين العلمانيين الذي ما إن يسمعون كلمتيّ الحلال والحرام حتى يسارعون بالصرخات التحذيرية من حكم دولة رجال الدين وما شابه من استنفارات مضحكة، ولكن كما كتب الكثير من المفكرين الإسلاميين فإن الدولة التي تعمد إلى تبني نظام إسلامي ينبغي أن تتعامل مع قضايا الحلال والحرام من منطلق الصحيح والمؤكد من الأمور غير الخلافية، أما الأمور الخلافية البسيطة فيبقى لكل فرد ومواطن أن يتبع الرأي الذي يريد من الآراء الفقهية إن كانت المسألة خطيرة عملا بمبدأ "اختلاف الأمة رحمة".

أوضح أيضا أننا حين نتحدث عن نظام إسلامي يجمعنا فنحن ندعو إلى هذا من منطلقين، الأول أن الشرائع الإلهية في الإسلام ليست زواجا وطلاقا وحيضا ونفاسا وعبادات وحسب! لا! فالله حين يتحدث عن تحريم الربا فإن أمره هنا للامتثال لا للزعم بأن الدين شيء والاقتصاد آخر وكأن الخالق –تعالى وتنزه- يشرع في مجالات البشر أعلم بها ولا حاجة لأوامره! أما المنطلق الثاني فهو أن النظام الإسلامي هو الأفضل، وهذه عقيدتنا، هو الأفضل للحياة، لأن وظيفته تهيئة حياة كريمة وعادلة بين الناس كي يتمكنوا من القيام بالمهام المنوطة بهم وهي إعمار الأرض وتهيئتها كبيئة مثلى وسط قيم العدل والجمال، ولا مبالغات رومانسية هنا، فالإسلامي يرى في حلمه هذا عين الواقعية القابلة للتحقق، فأكثر ما يميزنا ليس إحسان الظن فحسب، بل اليقين!

الفكرة أكثر من بسيطة، وحين أعكسها على مدونتي هنا فإنني أقول أنني وضعت اللافتة تعبيرا عن هويتي الفكرية واعتزازي بها وعدم خوفي من المجاهرة بها، وأنا أرى أنه حين أكتب هنا في الجوانب الفنية أو الرياضية أو السياسية أو حتى في الترفيه فأنا لا أنفصل عن كوني إسلامي، لأن شعاري هذا لا يلغي بشريتي، بل يعليها بعزة لا مثيل لها، فأنا هنا أنتقد وأتهور، وأجتهد لأصيب أو أخطئ، وأضحك وأحزن، وأكتب عن حبيبتي، وأشكو واقع وطني، وأدعو لأفكار أتبناها وأتواصل مع أصدقائي، وكلها أمور لا تعارض بينها وبين قناعتي الفكرية، فكوني "مدون إسلامي" لا يعني كوني ملَك مجنح لا يخطئ! أعتقد أن لو كانت اللافتة تحمل عبارة Proud to be Socialist blogger لما ثارت الدنيا هكذا، فالاشتراكي فنان ومبدع، أما الإسلامي فلا! هو فقط من وجهة نظر المنتقدين لا يجيد من الفنون سوى الابتهالات والأناشيد الحماسية وربما الزخرفة، أما المسرح والشعر والرسم والتصوير والرواية والقصة فكلها أمور عنه غائبة!! منطق أعوج! بالضبط كما يتعجبون كوني إسلامي ولا أنتمي لتنظيم بعينه من التنظيمات القائمة، وكأن كل الاشتراكيين منتظمون في أحزاب، أو كل من يؤمنون بالليبرالية ناشطون في جماعات! لماذا يختلف الأمر حين التعامل مع الإسلامي؟! ميزان بلا رمانة!

أختم بالتأكيد على أمر ما، أن من يوجه النقد لمن يعمل في الشارع السياسي بغض النظر عن اتجاهه عليه أولا أن ينزل إلى نفس الشارع ويترك المصطبة التي افترشها على الرصيف، وليقدم البديل أو يتبنى اتجاها قبل مهاجمة الآخر الذي أعمل عقله وحضر ونزل وتحدث ودعى حتى ولو على أمل غرس بذرة تغيير تثمر واقعا أفضل من وجهة نظره، فإن أسهل الأمور دوما هو انتقاد الواقع بالكلية ورفضه تماما وكأن المنتقد هو وحده الصواب في حين أنه لا يقدم شيئا، بل لا يملك إلا التعليقات! ولكن نصيبه من العمل والتقديم والاقتراحات صفري! هو سلبي لأنه يقوم بردود الأفعال ولم يعرف أبدا أن يفعل! يقول أنه ليس ملزما بتقديم الحل أكثر من كشف المشكلة التي يغرق فيها المعارضون من ذوي التوجهات، لأنه يرى في نفسه معارضا ولكن دون توجه! وهذه عبارة حق يراد بها باطل، فهو لا يعمل لكشف الخلل الفعلي، بل يكتفي بالتهكم كي يظهر خفيف الظل لا كي يفضح من يراهم على خطأ، هو أصلا ليس منشغلا بمشاكل أحد سواه، وإن كان هو يريد كشف الخلل فينا، فليتركنا نكشف ما به من كوارث أولا.

هناك 18 تعليقًا:

Unknown يقول...

تدوينة امتعتني شخصيا،اولا: لانها ثرية تحمل فكر ناضح واضح شامل لتوعية من لا يعلم والرد علي العديد من التهكمات التي ليس لها اي اساس منطقي،
علي العموم هو ده اللي اتعودنا عليه من عمرو مش اقل من كده :)

JuSt_hUmAn يقول...

البوست حلو و إن كان محروق بالنسبالي لأننا اتكلمنا في موضوعه من يومين.
يعيبه بس الإطناب الزايد عن اللازم من وجهة نظري.

AbdElRaHmaN Ayyash يقول...

كلام جميل جدا يا عمرو
ربنا يكرمك يارب
و بصراحة في ناس معلقين عند براء مزودينها اوي
سلاام

Amr يقول...

ألفت: الله يخليكي دي كلمة أعتز بيها

عمّور: أيوة كانت ليلة ليلاء، المضحك بقى إني دايما في الشغل بعيش على زمايلي وأقول لهم يا جماعة البلاغة في الإيجاز، يظهر إن باب النجار مخلع فعلا، انت معاك حق بس يمكن عشان ده مقال مش خبر أو كدة، خلي الواحد يتحرر من الكتابة الصحفية المركزة شوية، منورني دايما

عبد الرحمن: سعيد جدا بزيارتك وتشريفك ليا، أولا ربنا يكرمك عشان البانر اللي انت صممته واللي عمل القلق ده كله واللي أنا بزين بيه مدونتي، ثانيا اه الموضوع خد اكبر من حجمه عند براء، بس كدة كدة هيموت لأنه نزل بالفعل تدوينة جديدة
في أمان الله (F)

MariumaZ يقول...

أنا عارفة طبعاً يا عمرو إنك تقصد التدوينة اللي براء كتبها من كام يوم ... وبصراحة أنا رديت عليها بنوع من التأييد ليه ... أنا عمري ما مانعت الإختلاف مع حد ومقتنعة إن ربنا خلقنا مختلفين في أشكالنا وأفكارنا ووجهة نظرنا

تدوينتك وردك ده بصراحة عجبني جداً إلا في القليل من النقاط بس أنا ليا تعقيب وتوضيح في نفس الوقت
بالنسبة لتعليقي أنا ... أنا عندي اقتناع تام بصراحة باللي أنا قلته

بس مش قادرة أفهم لغاية دلوقتي ليه الموضوع يوصل بينك وبين براء للدرجة دي ... لقيت تعليقاتك على البوست اللي هو عاملها ... وفي نفس الوقت ردك دلوقتي وهو كمان دخل كتب تدوينة عن اللي انت قلته وعن اقتناعه باللي قاله قبل كده عن فكرة فخور بأني مدون إسلامي

الموضوع بجد مش مستاهل كل ده، أنا حسيت بهجوم بين الطرفين أكتر من إنه مجرد إختلاف
أنا مختلفة معاك وممكن أكون متفقة معاه في الفكرة لكن مش في طريقة كتابتها وتوصيلها

يا جماعة الإختلاف ده كان بين الأئمة الأربعة، ليه مش قادرين نتقبل عدم تقبلنا لأفكار بعض، وبعدين بصراحة المدونات دي بالذات حاجة شخصية أوووووي يعني كل واحد بيبعبع فيها عن اللي جواه زي ما هو عايز .. مفيش أي نوع من أنواع القيود ومش مقبول إن حد يدخل ويسب ويلعن في اللي غيره كاتبه

MariumaZ يقول...

أنا لسة كتبالك رد على مدونة براء برضه

حلو إن إحنا نقرا لبعض ونتكلم حتى لو اختلفنا

أنا عملت بوست للرد بتاعي اللي فوق ده قبل ما أقرا تدوينة براء الجديدة وأقرا ردك عليها

بجد أشكركم إنتوا الإتنين إنكم حمستوني وأستفزتوني إني أرد عليكم
وأنا سعيدة بالروح دي حالياً
أشوفك الأسبوع الجاي يا عمرو إن شاء الله

Amr يقول...

أولا سعيد جدا بمرورك يا مريم للمرة الأولى
ثانيا أنا معملتش بوست من دماغي مثلا واتلكمت على اتجاهات الناس واتريقت عليهم، وسكوتي ده يعني احترامي للآخرين... لكن براء خد المبادرة وهاجم بأسلوبه وطبيعي إني أرد وبأسلوبي بردو، معذرة لو كان غير لائق بالنسبة لك، بس أنا متقبل الخلاف لأني مش عايز كل النس تبقى زيي، بس لما ألاقي حد بيجانبه الصواب وأنا على حق طبيعي أرد وأكشف اللي من وجهة نظري يعتبر مغالطة

huda gamal يقول...

تدوينه مميزه
انا اتفق معك
انا شخصيا كان عندى رغبه فى اضافة الشعار ده لمدونتى لانه بيعبر بالفعل عن خلفيتى الثقافيه اللى اعتز بها بشده..
ورأى انه ده شىء خاص بصاحب المدونه ومش من حق حد يعترض عليه ،وبأيدك فى كلامك خصوصا الكلمتين اللى ابرزتهم باللون الاحمر وهما فعلا يستحقوا الابراز...
بس فى حاجه تانيه حبه اضيفها ان فى مدونات لا تضع هذا الشعار ولكن تستطيع من خلال تدويناتها ان تقرأ هذا الشعار بوضوح وده شىء بيؤكد على ان المضمون اهم من الشعار ،
فى النهاية وضع هذا الشعار فى اى مدونة هو مدعاه للفخر_فى وجهة نظرى_وعدم وضعها لا يقلل من شأن من لايضعها.. وفى كلا الحالتين الامر حريه شخصيه مكفوله للطرفين ومش من حق طرف فيهم ان ينتقد الاخر
تقبل مرورى واسفه على الاطاله
تحياتى

Amr يقول...

هدى: شكرا أولا على مرورك بالمدونة للمرة الأولى، دي حاجة أسعدتني في حد ذاتها... بخصوص التدوينة بقى، شكرا بردو على التأييد، ويمكن فيه مدونين كتير جدا معتزين بالشعار ده ومن المؤدبين اللي لسانهم مش طويل زيي زي رفيق درب الدراسة أيمن الشربيني، وفعلا دي حاجة تدل على نجاح الشعار جدا

أكيد طبعا فيه مضونات لا تضع الشعار لكن بتكون معبرة عنه أكتر من مدونتي مثلا اللي بتضعه

لأ من حق أي طرف ينتقد شعاري بس ينتقده بموضوعية، ومن حقي أرد عليه بأسلوبي الحر جدا زي ما هو ارتضى انه ينتقده بأسلوبه الحر، لو انتقد انتقاد مؤدب يبقى ساعتها بس يطلب رد مؤدب

مفيش إطالة يا فندم، وإضافتك ثرية :D

Ayman Elsherbiny أيمن الشربيني يقول...

باشا: أولا موضوع ممتاز وثري، وهو رد كنا نحتاجه خاصة عندما يتعلق الأمر بهجوم لا موضوعي ومليء بالتفاهات من قبيل أن المدون الإسلامي يجب عليه قراءة الفاتحة والبسملة قبل أن يكتب تدوينة ما، حيث إن في هذا إسفاف شديد من قائله

أنا أؤمن بالحوار والرأي والرأي الآخر حتى أنني كتبت تدوينة تؤكد هذا المعنى، ويمكن أن أكون أقل حدة منك في ردودي، ولكنني أدعمك كليا حينما يتعلق الأمر بتدوينة أقل ما يقال عنها أنها حادت عن المنطق وامتلأت بالسفه

نقطتان أخيرتان أحب أن أشدد عليهما وهما: أولا، غباء وتخلف من كبّر من المسألة إلى الحد الذي جعل البعض يكفّر صاحب موضوع "مش إسلامي"، ثانيا، ألا يعتبر من كتب هذا الإسفاف "مش إسلامي" أنني قد قللت من شأنه أو سببته أو ما إلى ذلك، فلقد اخترت ألفاظي بعناية شديدة رغم الغيظ الذي أشعر به، وأقول له: "لو أنك كنت قد اعترضت على الشعار والمبدأ في حد ذاته بالحجة والمنطق بدلا من (التريقة)، هنا كنت سأقدر ما قلت رغم تعارضه مع مبادئي وكنت سأناقشك بالحجة والبرهان أيضا، لكن طالما أنك استخففت، هنا فإن الرد الأمثل هو ما قام زقزوق بكتابته، مع الاختلاف في أن زقزوق تكلم بالحجة والمنطق إلى جانب بعض الحدة المبررة"

عامة أهو كل اللي عايز يكتب حاجه قدامه المجال واسع، بس مش كل ما يكتب يقرأ، لأن بعض ما تخطه لوحة المفاتيح "الكيبورد" لا يستحق، وطبعا لكل الحرية في تحديد ما يستحق مما لا يستحق

Mustafa Şenalp يقول...

selamınaleyküm


çok güzel bir site.

ألِف يقول...

طبعا من حقك تعبر عن قناعاتك زي ما أنت عاوز، و متفق معك في أن الشعارات دائما ما توجد مجالا لتأويلها بما يبعد عن المقصد الأصلي لواضعها.

دا كان لتقديم مواطن الاتفاق و إبداء حسن النوايا.

رأيي أن هذا الخلاف ينشب دائما حول هذه المنطقة بسبب اختلاف تفاصيل قناعات و عقائد أشخاص يحب كل منهم أن يرى نفسه مسلما بشكل أو بآخر و يعتز بانتمائه هذا و لا يحب أن يرى صيغة النسبة من دينه تستخدم بشكل يوحي باحتكارها.

مشكلة حقيقة؛ و بالذات عندما تتعلق بالهوية الدينية الإسلامية في زمننا هذا، و ما يجري حول هذه الهوية من تنازع على لافتَتِها - العريضة بطبيعتها - و دأب فئات على استثناء فئات أخرى منها؛ أقصد التكفير و الحكم على الآخرين بنقص الإيمان، عن طريق "تصغير ظل" هذه اللافتة و قصر معناها في نطاقات أضيق، تتمركز حول رؤاهم.

و بما أنك بدأت تدوينتك بالحديث عن صيغ النسبة في العربية و مقارنتها بما في الإنجليزية، فأحب أن أعرف رأيك في صيغة النسبة إلى العقيدة (الإيديولوجية)/الفلسفة، التي هي على وزن "فعلوية".

فقد تعلم أنه عندما يريد كثيرون أن يشيروا إلى الفكر السياسي الذي يرى منظّروه أنهم يستلهمون أسسه من الإسلام، و أن تكون هذه الإشارة محايدة لا تحمل حكما مسبقا على صدقية هذه المقاربة فإنهم يستعملون صيغة النسبة إلى العقيدة "إسلاموي"، و ذلك التفافا حول هذه المشكلة و محاولة لتناولها بالكيفية التي تسعى إلى الحياد و الموضوعية، مثلما في العلوم الإنسانية، و تتفادي الاصطدام بالمطلقات الدينية.

فما رأيك في هذا الموضوع؟

Dina Samaha يقول...

متفقة معاك جدا
فخورة بانى مدونة مسلمة رغم كيد اللى مش عارف ايه :P

انت جبت الخلاصه زى ماهدى قالت بالاحمر كون انى بتكلم عن حياتى الشخصية وامور اخرى ده لا يتعارض مع قناعتنا الفكرية ومع اسلامى

بفكر احطه (H)

مصطفى فتحي يقول...

وجهة نظرك جيدة ما شاء الله عليك
وانا اضم صوتي لصوتك
الله معك

mohamed يقول...

عجبني ردك وخصوصا الحدة اللي استعمتها مع النوعية دي من المحترقين ذاتياً باحقادهم

في ناس عندهم ورم في الشخصية وتضخم في الذات فبيتصوروا ان ليهم الحق تنصيب نفسهم حكام علي الناس ونقدهم لمجرد حب النقد وحب الظهور

Amr يقول...

أيمن: ربنا يخليك وتبرر لي، بس لأ أنا بقول إن حدتي كانت طويلة اللسان، وأنا اعتذرت لبراء لو فيه حاجة ضايقته بشكل شخصي في كتابتي، وأتمنى إنه يسامحني فعلا، تعيش يا رفيق... دلقوتي يقولوا انت مش إسلامي؟! رفيق دي بتاعة الشيوعيين!!! هبل معتاد

مصطفى شنلاب: شكرا على إبداء إعجابك بالموقع، خلفيتي عن التركية ضئيلة جدا

ألف: إن شاء الله حسن النوايا موجود
، ومتفق معاك إن الخلاف الحاد نابع من إن الناس افتكروا إن لما حد يقول عن نفسه إسلامي يبقى بيخلع عنهم إسلامهم، لكن ده كان أحد أدوار التدوينة وهو تصحيح الصورة دي
عجبني أوي لما وصفت لافتتها بالعريضة بطبيعتها، وده بردو يخلي محدش يحتكرها لو الناس فاهمة وبتتأمل، خليني أقول إني لما بحطها هنا أقصد المعنى اللي شارحه واللي حتى بيان من غير ما اشرحه من خلال تدويناتي عموما، وفي الوقت نفسه أقصد إني مشترك مع بقيت الرؤى الإسلامية في هدف نهائي وإن اختلفت الأطروحات
صيغة النسب على وزن فعلوية مسمعتش عنها قبل كدة، اعذرني لجهلي بيها، بس مبدئيا حاسس إنها هتعقد الموضوع أكتر وليه إحساس بالرهبة لدى الناس، لأن زي مانت شايف مفهوم إسلامي اللي سلس وبسيط اختلط ع الناس رغم انها اهتمت انها تعرف المراد منه، فمابالك بمفهوم زي "إسلاموي" متهيألي غريب فعلا... عموما هاكون سعيد أكتر لو ساعدتني أواجه جهلي بيه ومدتني بلينك أو شرح شخصي منك عن تاريخية المفهوم ده ومين تبناه، وإجمالا بقول إنها محاولة جيدة من اللي أخد المبادرة إنه ينهي جدل دائر، ردك أسعدني جدا

دينا:مسلمة ولا إسلامية، ولا الاتنين؟ مرورك واهتمامك يسعدوني

مصطفى فتحي: الله يعزك، كلنا مع الهوية

محمد: ههههههههههههه يعني أنا مش لوحدي هنا بقى؟ شد كرسي يا باشا واقعد... مرورك أبهجني

ألِف يقول...

الحقيقة أنا ما عنديش فكرة عن تاريخيتها، أقصد صياغة المصطلحات التي تشير إلى المذاهب الفكرية في صيغة "فعلوية"، و لا أعرف متى بدأ استخدامها أو ظهورها في الأدبيات أو الاستخدام اللغوي لأول مرة.

هذه الصيغة تستعمل عند الرغبة إلى استحداث صيغة نسبة إلى تيار فكري/عقائدي/فلسفي عندما تكون صيغة النسبة التقليدية فيها مؤدية للبس لأنها مستعملة في معنى آخر. الحالة الواضحة على هذا هي "إسلامي -> إسلامية / إسلاموية"، "تنمية -> تنموية"

و كذلك "إنسانية -> إنسانوية". فبينما تعني الأولى المشاعر الإنسانية من عطف و تراحم و اهتمام بالآخرين في المجتمع، فإن الثانية تعني تحديدا مجموعة الأفكار المرتبطة بمدرسة الفلسفة الإنسانية humanism أي تترجم إلى humanist.

أي عند الرغبة في النسبة إلى نظرية علمية/فلسفية اسمها ذاته في موضوع صيغة النسبة: مثل "النسبية"، ففي الفيزياء مثلا عندما ترغب في الإشارة إلى سرعات فائقة لا تصفها سوى نماذج نظرية النسبية فإنك تقول "سرعات نسبوية"، لأن البديل أن أن تقول "نسبيةية"

لكن تبقى مشكلة في حالة "الإسلاموية" بالذات هي أن الإسلامويين لم يميزوا في موقفهم التقليدي بين الشيئين، بين الإسلام كعقيدة و إيمان غيبي و بين النظم السياسية و الاقتصادية المادية الدنيوية التي يرون أنه مبنية على هذا الدين، و ربما كان عدم التمييز هذا جزءا محوريا في أيديولوجيتهم. فظل استخدام هذه الصيغة علامة على المفكرين العلمانيين.

أرجوا أني بهذا لم أنفرك من التفكير في الموضوع :)

تقليديا كذلك رأى إسلامويون عديدون أن العلمانيين إنما يعمدون إلى هذه التفرقة بنية الهدم و المؤامرة و الإبعاد عن الأصول و ما إلى ذلك.

استخدام مثل هذه الصيغة يمكن أن يفسر ما يراه كثيرون متناقضا من كون شخص ما مسلما، لكنه ليس إسلامويا (أو بتعبيرك إسلاميا)، و يمكن أن يكون علمانيا. أي أنه يعطي مساحة لتحديد انتمائات مختلفة على مستوى كل من الدين و السياسة.

كما أنني و أنا أفكر الآن أجد أن النسبة على "إسلامي" هي فعلا أدل على المظاهر المادية للحضارة الإسلامية، مثل الفنون و العمارة و ما شابه مثلما ذكَرت في بداية تدوينتك، بينما نظل في حاجة لمصطلح آخر للدلالة على الجانب السياسي. لكنا غالبا سنختلف في هذا.

طولت عليك، معلش.

Amr يقول...

ألف: شكرا على التوضيح، فعلا الموضوع جدلي، ومتقلقش ماتنفرتش منه، بمعنى إن زي ما انت قلت ليه تفسير تآمري، وتفسير تاني محايد... بالنسبة لي لو هنتكلم بمبدأ التنظير فتقدر تقول إني مقتنع باستخدام مصطلح "إسلاموي" بعد ما انت وضحته، لكن لو هاستخدم خطاب عام فهابقي على مصطلح إسلامي اللي أنا شايفه أعم وأكمل.... الاختلاف مش كبير، بس بجد إضافتك ثرية جدا
تقبل تحياتي