حين قررت خط تلك الكلمات، كان في بالي شيئان، أولهما أن موت الأسرار مع حاملها ليس عملاً محموداً دائماً، والسبب الآخر هو اقتناعي بأخلاقية هذا السر الذي نجح البعض في الاطلاع على روايات عنه دون أن يروه رأي العين.
والحقيقة تقول إن ليس كل من يبصر الأشياء يراها، وبالتالي فحتى من يصل إلى الكنز- بعد استنتاجات معقدة ومجهود ذهني– لن يدرك قيمته بالضرورة، فقد يكون حب الاستطلاع فقط هو الدافع الوحيد لديه، وما إن يصل إلى نقطة النهاية حتى يدركه الإحباط، فما أراه أنا كنزاً لا تراه أنت بالضرورة كذلك، فلم ألتزم شيئاً من السرية والغموض؟!
التفسيرات كثيرة، ومنها أنك قد ترى الكنز كنزاً بالفعل وتشاركني في السباق، وحتى إن لم تدرك حقيقته، أليس بديهياً أن أخاف عليه من عبث العابثين؟ بلى.
حسناً، ليبقى غير معلن، ولأترك الخيوط كنوع من التنفيس، فإن نجحت أن تعثر عليها أولاً، ثم تتبعتها بنجاح إلى المنتهى فسيكون ذلك يوم لا يسأل حميم حميماً، أي بعد نهاية المباراة، وحينها سيكون الأمر شبيهاً لو عرفت مستقبلاً أن بكار مثلاً شخصية مستوحاة من الواقع ولكنه لم يملك أبداً النعجة رشيدة، ماذا تستفيد وقتها؟ لا شيء!
كثير من الكتب لا يحمل اسمها معنى، كذلك كان سجل الفرسان التاسع عشر، لا يحمل اسمه دلالة سوى رقمه المسلسل بين الإصدارات بشكل يجعلك في غنى عن استخدامه، أي إننا نتحدث عن عنوان يتمثل في الرقم "19" وهو ليس ذا علاقة بسلسلة الكاتب الشهير التي تثير حنقي دون أن أقرأ منها سطراً.
في عام 1940 كانت نقطة البداية، يمكنك تصوير الأمر بنظرية الإبصار القديمة التي قامت على اعتقاد خروج شعاع من عين الإنسان يقع على المدى المتاح أمامها فتحدث ظاهرة الرؤية، ولو تتبعت ذلك الخط لوجدت أنه ليس شعاعاً بالمعنى الهندسي إذا أردنا الدقة، بل قطعة مستقيمة أو حتى مجرد خط واصل يأخذك حتماً إلى 1985 لتبصر الكفتين وجهاً لوجه وإن كانت اليمنى منهما مشوهة بعض الشيء، ربما لأسباب فنية.
الصورة لا تبرز كل شيء، حدودها تنتهي عند الكادر، وعمقها يتوقف عند الخلفية، كما أنها لا تقدم الحقيقة بالضرورة، فإن أظهرت شاباً وفتاة يكونان ثنائياً يشكله شريكان، لا تتسرع، بل هما شقيقان! وهكذا سر للخلف تُصِب!
قال المفكر في أول تعريفه لمعنى الخيار الأوحد إنه "استعداد روحي وعقلي ومادي للإصلاح"، ربما لذلك مات مستعداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق