السبت، نوفمبر 25، 2006

الحب في مصر


لماذا لا تنجح قصة حب في مصر؟!

طبعا العنوان على سبيل المبالغة، حتما هناك استثناءات ولكن تبقى القاعدة هي الفشل شبه الحتمي لكل قصة حب تنشأ على أرض الكنانة لألف سبب وسبب...

أول ما يأتي إلى البال هو أنني أرجع أسباب الفشل إلى المقومات المادية شبه المنعدمة والتي تعيق أغلب قصص الحب في مصر عن الوصول للمحطة الطبيعية وهي الزواج، ولكن ليس هذا السبب الوحيد، فقد تكون هذه المقومات متواجدة ولكن تنتهي قصة الحب رغم ذلك، أو تنتهي قبل الوصول لمرحلة التساؤل عن الماديات أصلا.

الغباء هو كلمة السر، ولا أعني هنا أن الشباب المصري بوجه عام غبي أو أن البنات في مصر يعانين انخفاضا حادا في مستوى الذكاء، ولكن دوما ما يصاب أحد طرفي العلاقة بحمى الغباء، والأمثلة لا حصر لها ولا عدد، فمهما كانت الأسباب ستجد في النهاية أن مردها الغباء، فلو لم يكن غبيا لتخلى عن كذا، ولو لم تكن غبية لفعلت كذا، في النموذجين التاليين قد يثار التساؤل حول وجود الحب أصلا من جانب أحد الطرفين، وبالفعل كان الحب موجودا إلا أنه كان مغلفا بالغباء الذي رفض التخلص من سمة أو التحلي بسمة أخرى، أو أنه كان حبا مؤقتا، 12 ساعة في اليوم مثلا وفقط! لنرى معا...

البنت عاشقة الكبرياء، دوما ما تريد الجلوس على على عرش شاهق حتى وإن شيده لها عاشقها، فهي لا تريد سوى إشعاره بصعوبة نيلها، تريده أن يلعق الأرض بلسانه قبل أن يحصل منها على كلمة الموافقة، لا يكفي صدقه، لا تكفي إنجازاته على أرض الواقع، لا يكفي أي شيء، هي تتفنن في كيفية إشعار عاشقها بانعدام الأمان، بأنه قد يصحو يوما ليجدها قد حذفته من حياتها، وتظن ببلاهة شديدة أن هذا سيجعله أكثر تمسكا بها، إلا أنها في الواقع تمسك بفأس تهدم بها كل القصور التي شيدها في خياله على أمل أن يسكنها فيها يوما ما، فحتى إن كان نموذجا في التضحية فهي تهدم أمامه هذا المعنى وتشعره أن كل ما يقدمه لا معنى له البتة، وتدريجيا يفقد قدرته على البذل، صحيح لم يكن ينتظر منها مقابلا ولكنه في الوقت نفسه لم يتوقع إساءات متكررة، ورغم كل هذا يتمسك بها، وفي النهاية يجدها تضع ساقا فوق أخرى وتتحدث بنبرة عاقلة في ظاهرها عن ضرورة انفصالهما، وحينها تكون المفاجأة أنه يرضخ لقرارها، لأنه كان سيأتي عاجلا أم آجلا، لأن معاني الأمن والسكن لم تكن منحتها إليه يوما حتى وإن حاول أن يبث فيها الثقة على قدرتها على منحه ذلك الشعور، وربما تبقى الفرصة قائمة بالنسبة لها لاستعادته إلا أنها تهدر كل الفرص مفضلة اختيار كبريائها الذي تظن أنه سيمس لو طالبته بالبقاء وعدم الرحيل حيث ستكون قد رجعت عن كلامها! هي ببساطة لم تعتد البذل، فتراقبه سائرا بعيدا دون أن تحرك ساكنا، بل تتهمه فيما بعد أنه لم يتمسك بها، وهكذا تنتهي قصتهما لأنه كان يأتي في قائمة أولوياتها – إن كان قد دخلها أصلا- خلف أكثر من شيء كأحلامها الشخصية وكبريائها وصورتها أمام الآخرين وغير ذلك.

قصة أخرى بطلها شاب من طراز كازانوفا، كثيرات أحببنه لأنه وسيم ولكن استوقفته غيرهن، وبالفعل يدخلان معا قصة حب، إلا أنه كالأحمق تماما لا يعبأ بها كثيرا، ويستغل حبها وضعفها أمامه لامتصاص غضبها إن حدث وغضبت، يفضل أصدقاءه عليها، يتعمد استثارة غيرتها في كل مناسبة، يظن أن ذلك سيزيدها عشقا له إلا أن وعن جهل يسرب السرطان إلى جدار الثقة بينهما فينهار سريعا بفعل التآكل، ولا يكتفي بهذا بل يحاول دوما التسفيه من اهتماماتها وتلوين أي نقاش بينهما باللون الذي يفضله، قلما تخرج من بين شفتيه كلمة إشادة بحقها وإن كان يفعل ذلك أمام الآخرين، يخبئ عنها جزءً كبيرا من حياته بداعي الخصوصية التي يقدسها، كثيرا ما تتفاجأ بأفعاله وكأنها آخر من يعلم، تحاول أن تلمح إليه لكنه لا يفهم، وحين تنفجر يوما تجده يتهمها بعدم قدرتها على احتماله، يفكر بالدرجة الأولى في نفسه وخططه، فحين علم أن سيناريو الانفصال بدى وشيكا كان يفكر فقط فيم سيفعله بعدها، لم يفكر أبدا فيم قد ينالها من جرح بفعل التباعد، كانت تختبره دوما لتقيس اهتمامه بتطوراتها فتجده لا يلاحظ شيئا، فقط يكتفي بإعلان ثقته فيها وأن كل ما قد يلحق بها ليس سوى انتكاسة سرعان ما ستتعافى منها، دائم الخضوع لهاجس أنها تريد السيطرة عليه، فلو كلمته بخطاب يحمل معنى النصيحة فسّره على أنه لهجة آمرة ليست إلا مقدمة لنتيجة حتمية من منظوره هي رغبتها في السيطرة عليه وقيادته، وهو ليس صالحا كي يقوده أحد، كان بعيدا كل البعد عن معنى المشاركة، فقط كان يحب حديثها ومظهرها ربما، لم يكن غريبا يوم تركته أن تقول له "ستجد غيري بسهولة ممن يمكنهن القيام بوظيفة التسلية!".

من واقع القصتين السابقتين يمكننا القول أن هناك أمثلة لا حصر لها ولا عدد في المجتمع المصري الذي يلجأ فيه المتحابان أحيانا إلى ممارسات لا تتوافق مع إطاره القيمي المفترض أن يكون! ولا أعني من كتابتي للمثالين السابقين اختزال كافة أشكال العلاقات فيهما فهناك الكثير غير ذلك، ولا أعني أن البلاد الأجنبية لا تحدث فيها مثل هذه القصص ولكن أعني أنها أصبحت سمة مميزة للحب في مصر خصوصا في مرحلة الشباب، قد يكون الحب نافعا ومجديا بحق حين نرى بطلي القصتين في تجربتيهما الثانيتين بعد أن تعلما الكثير، قد يكون السن النوذجي للحب في مصر يبدأ من فوق الخمسين ربما، حين يهيم مطلق بحب أرملة مثلا.

تذييل: قمت بكتابة هذا الموضوع على غرار "واشمعنى يعني أنا اللي مكتبش"، وبالتالي فلا مجال لاتهامي بالتعميم أو ما شابه

هناك 9 تعليقات:

غير معرف يقول...

Tashbehatak mashaa' Allah ya Amr. you'r fe3lan a good writer.
belnesba lel mawdoo3:SOOO TRUE and yama el wa7ed sama3 3an love stories feha one sacrificed side who truly loves and gives without thinking what will be in return & other bad ended love stories And all because of the wrong choices ya amr ;guys n' gurls of nowadays RUSH with blind eyes just to find the LOVER not thinking wid there minds Yet following there hearts n' emotions and in the end they regret it.The 2 stories u wrote bey7melo two heros with wounded souls and broken hearts.
Hope that anyone with a similar story to recover soon , breathe again ,move ahead forgetting the past.

غير معرف يقول...

nice work , yur words are true in many ways

غير معرف يقول...

كده يا عمرو
يطلع عندك بلوج و اعرف بالصدفة
عيب عليك


المهم
بخصوص موضوعنا هنا
طبعا كلامك صح جدا
هو الغباء و الكبرياء و اللى انا مسمياهم ان الواحد يتظاهر بعكس اللى حاسه علشان ده المفروض او دى سياسة و خطة و افلام تلاقى الواحدة تدارى و تخبى مع انها عايزة اللى معاها علشان هى لازم تتقل يا اما هتخش النار باين
و ده بيخرب العلاقات فعلا
ياريتنا بس اللى فاهمين مانعملش كده والا هتبقى خربانة اوى

غير معرف يقول...

كده يا عمرو اعرف انك عندك بلوج بالصدفه


المهم نيجى لموضوعنا
متفقه معاك جدا
الغباء و الكبرياء بالنسبة لى بسميهم التظاهر بغير اللى جوانا
يعنى تلاقى البنت بتتقل و تستهبل علشان ده المفروض عليها و هى دى الخطة و الا هتدخل النار و الولد يفتكر انها سهلة

والولد برضه بيعمل حركات مشابهة


فى الاخر بينتهى الامر بيه انهم ناس عاشوا حياة غير بتاعتهم و شخصيات غيرهم لانهم ماشيين على نهج عادات و تقاليد او نهج خطط و الهبل ده

Amr يقول...

welcome ya Salma once again, thank you for commenting...
منورة يا د.ياسمين... المدونة مدونتك

Unknown يقول...

الموضوع كله قريته بهدوء شديد وعادى خالص الا آخر فقرة، بتاعة المطلق والأرملة، برغم كمية التشاؤم اللى فيها الا ان بقى عندى احساس انها منطقية اكتر بكتير من اى احتمال تانى.

غير معرف يقول...

لا يا عمرو الدنيا مش سودا اوى كده،،و ياما فى قصص حب قويه جدا ونجحت ومستمرة من 30 سنة وحتى وقتنا هذا.
و الكلام اللى بيقولوه الولاد والبنات اللى انت كاتبه بيثبت ان ده فعلا غباء ،، لكن عمره مكان حب حقيقى
بي انا متفقه معاك ميه فى الميه فى كلام البنت ،، فعلا فى بنات بتحسس الولد انه لازم يلعق الثرى عشان ينول رضاها،، ولما ده مش عاجبك اختارتيه من الول ليه
لكن الحب اسمى من كده ،، love conqures allفعلا

Amr يقول...

منور يا أمادو
أسمى من كدة يا سلمى لكن مش في مصر، متنسيش إني قلت إنني ببالغ وأكيد فيه استثناءات
بعدين لسة بدري بردو، بكرة تكتبي الجزء التاني للموضوع ده هههههههههههه

Amr يقول...

للأسف اتضح إن النموذج ده منتشر بنسبة غير قليلة يا مها، والمشكلة إن اللي بيعانوا منه مرضى نفسيين رافضين العلاج أصلا رغم إنهم مقرين بمرضهم من الداخل