السبت، نوفمبر 24، 2007

إسرائيل في مادتنا الرياضية

حين جاءت إلى رأسي هذه الفكرة لم أكن أريد أن تأخذ أكبر من حجمها، ولكنها إشكالية فعلية يتم التعرض لها لدى التحرير الصحفي الإخباري الرياضي، فالقصة هي هل نكتب "إسرائيل" أم "الكيان الصهيوني" أم ماذا؟ وفي الوقت نفسه ما هي دلالة كل مصطلح؟ وماذا يمكن أن تعطي الكلمات المستخدمة معه في السياق من دلالات أخرى؟

ما أتعرض له شخصيا هو أنني أعمل لدى جهة أجنبية تقوم سياستها التحريرية على الاعتراف بما يسمى دولة إسرائيل، وأنا شخصيا لا اكتب كلمة "الكيان الصهيوني" لأن هناك ما يسمى إسرائيل وإن كنت أفقد الإيمان بشرعيتها وأؤمن بأنها ينبغي أن تمحى من على الخريطة يوما ما، لكن الأخطر حقا هو الألفاظ المستخدمة في السياق، وهي التي يمكننا التحكم فيها حتى رغم السياسة التحريرية للجهة التي نعمل لديها.

مثلا في الآونة الأخيرة كان فوز إسرائيل على روسيا في تصيفات بطولة يورو 2008 محور حديث وسائل الإعلام العربية وهو ما أسفر عن عناوين أو جمل يمكن النظر إليها والبحث عما تخرج من دلالات كالتالي:


إسرائيل تهزم روسيا وتقلص آمالها في بلوغ النهائيات



الروس يسقطون في ضيافة الكيان الصهيوني



نجح المنتخب الإسرائيلي في ملعبه بتل أبيب في مفاجأة نظيره الروسي بالتغلب عليه....


العنوان الأول: قد يكون الأكثر اعتدالا من وجهة نظري، خاصة أنه أورد ما حدث دون إعطاء دلالات أخرى، وهو ما سيتضح لدى مقارنته بما يليه.


العنوان الثاني: على الرغم من استخدام مصطلح "الكيان الصهيوني" إلا أن كلمة ضيافة لها دلالة أخطر بكثير من أي شيء، فهي اعتراف بأن إسرائيل صاحبة أرض وتستقبل الآخرين بموجب أن ما يلتقون عليه هو أرضها وملكها الفعلي!


الجملة الثالثة: "في ملعبه" هنا تم تناسي أن ملعب إسرائيل المشار إليه مقام على أرض فلسطينية أصلا وبالتالي لا يفترض أن تتم الإشارة إلى مكونات الأرض أو الحضارة بهاء الملكية أبدا وإلا تعتبر منتسبة لإسرائيل، في حين يمكن الاستعانة بالعكس مثل نسب العناصر البشرية، وهو القول "نجح الفريق الإسرائيلي وسط أنصاره، مشجعيه، جماهيره..." وهذه حقيقة لأن هناك من يشجعه ويؤازره، ولكنهم ليسوا بالضرورة أصحاب الأرض الحقيقيين وذوي شرف الضيافة.



بعيدا عن هذا أيضا، انتشرت موجة تعمد تجاهل الحديث عن الشخصيات الإسرائيلية الرياضية، حتى مع تولي أفرام جرانت تدريب فريق تشيلسي الإنجليزي الذي يضم أيضا مدافعا إسرائيليا هو طال بن حائم بجانب فرق ليفربول الذي يلعب بين صفوفه يوسي بن عيون.

ولا أدري لمصلحة من يتم التجاهل؟ أمن أجل التنويم وبحيث لا نعرف كقراء أن إسرائيل صار لها كوادر كروية عالمية سواء على مستوى اللاعبين أو المدربين بغض النظر عن أهليتهم الحقيقية لذلك؟

عل الجهة الأخرى، أتذكر منذ نحو أربعة أعوام وربما أكثر، كان إيال بركوفيتش صانع الألعاب الإسرائيلي يلعب في صفوف فريق مانشستر سيتي الإنجليزي ولا أنسى كيف بقى المعلق الليبي "حازم الكاديكي" يتغزل في مهارات اللاعب الفائقة وتفاهمه الكبير مع زميله الجزائري في نفس الفريق علي بن عربية! كان بإمكانه وصف اللعبة بأنها "جميلة" او تمريرة "مميزة" لكن دون الغناء والطبل والزمر!

بل لا أنسى وقتما كان يلعب بن عيون في صفوف فريق راسينج سانتاندير الإسباني وكان يحصل على التهنئة بعد أهدافه من زملائه اللاعبين ومن بينهم التونسي مهدي النفطي! بل كمية الإسرائيليين الذين لعبوا في الدوري التركي وعلى رأسهم حائم رفيفو الذي كان يحصل على هتافات الثناء من مشجعي فريقه فناربخشة تحديدا.

بعيدا عن هذا وفي مصر تحديدا، بمجرد تولي جرانت ومجئ بن حائم إلى تشيلسي، ظل محبو الفريق على المقاهي يقولون "هذه كرة وليست سياسة!"، وهي عبارة محيرة حقا، لا أدري ماذا يُعنى من ورائها!


الحل ببساطة هو الاعتدال، لا مانع أن نقول "إسرائيل" مع كامل إيماننا بعدم شرعيتها وضرورة إزالتها من الوجود، ولكن لنبتعد في الوقت نفسه عن الدلالات الأخطر من مصطلحات أو تعليقات تحمل في طيها معاني الاعتراف والقبول.

الأربعاء، نوفمبر 14، 2007

عبارات أستفز بها غيري

ليثق كل واحد منا أن خلف الآخر قصصا كبيرة، وتعقيدات نفسية بعيدة، لنحترمها! ولنتوقف عن احتكار الألم والجزم أن معاناتنا هي الأكثر قسوة!


موتي باب تمنعني غريزتي من فتحه، ولكن تتيح لي تحسس سطحه، ومحاولة يائسة لتبين ما يفصل عني، لا خيارات كثيرة سوى احتمالين فقط، الراحة أو الشقاء.


إن الأشباح كانت أجسادا كاملة، حولتها الصدمات المتتالية إلى كائنات نفاذة دون جدران، هذا لم يمنع الألم بل اقترب به من الجوهر.


في ظل الغياب تتشابه علينا وجوه نفتقدها، ولدى المارة نلتمسها لتأخذنا ارتعادة الوهلة الأولى قبل إدراك إصابتنا بالتهافت.


قالوا "كانت لك انطلاقة!"، لم أحمل ردا… مجرد خواطر… العنقاء ليست خيالا…

الجمعة، نوفمبر 02، 2007

نحوها


أكثر من وارد أن تتحول مشاعر العاشق نحو فتاته إلى الأبـّوة مع ابتعاد حلم اللقاء، فهو يبقى خارج الصورة، يسمع اسمها صدفة ليعود بريق عينيه لحظات، ودون العودة إلى الماضي، تعلو شفتيه ابتسامة وهو يسمع عنها، فقط يفكر... كيف تبدو الآن؟

يبقى متيقنا أن سحرا مازال يسكن عينيها، وأن صوتها يبقى ملائكيا كما عهده، وأن حرف الحاء يكتسي بنغم محبب إن تلفظه، هي قد صارت طفلته!

خياله وضعها في دور ابنته التي يوصلها إلى المدرسة ويساعدها في دروسها، ويراقبها وهي تجري وتلعب، وتسكن وتهدأ، فقط لأنها هي! فهو لم يحبها لرابطة الدم بينهما، ولو كانت بنتا لآخر لتمناها له، ولكنها تبقى بعيدة! كمن هي على جزيرة أخرى يحول الضباب دون رؤيتها، ولا شكوى متاحة إلا للموج أو تلك النقطة النهائية في الأفق حيث يلتقي الماء بالسماء.

ربما لا يتمنى الآن سوى أن تسند رأسها إلى كتفه، ويرى وجهها النائم باسما، لكأنه يرى طيفها... على صفحة النيل، بين السحب، حتى على الأوراق أو الشاشات... يخط اسمها لا إراديا... لأنه لم يكتب أعذب منه أبدا.

هي تواصل الابتعاد، وهو يقف لا يقوى على الركض، فقد إيمانه بدور "الفاعل"، عصاه لم تعد سحرية، أيزحف؟ خيار سابق! كان يظن العدو بالبطن!

الأمل تدمع عيناه، والخيال شُل جناحاه، حتى الصدى اعتزل التلبية!

ولكنها الحياة تستمر: عبارة ليست بعزاء أو حل... مجرد تعبير عن دهشة عدم التوقف وإسدال الستائر...