السبت، مارس 29، 2008

اللاعودة

اليوم الوداع، لم يهاب الموت إن كان قد سئم الحياة؟ حتى أنفاسه المتوالية صارت إيقاعاً مملاً، ولكنه المجهول، هو لا يعرف أن سيكون اليوم...

إلى الساعة ينظر... العقارب تتحرك، وتبقى رؤية حركتها بإمكانه... تلك القدرة التي ستتوقف بعد قليل، حين يصبح بلا رؤية أو أي شيء، لن يسمع أنفاسه، ولن يملك وضع كفه على صدره كي يستشعر نبضه...

هو كالقنبلة الموقوتة حين تشير خانة الساعات إلى الصفر ولا تبقى سوى دقائق بجوارها ثوان مارقة...

أين سيكون؟ وكم تبقى؟ ولم كل هذا العطش؟ كلها أسئلة تتدافع فتلتحم ببعضها وتكون في رأسه معضلات يعجز عن حلها...

حاول تهدءة ذاته، طمأن نفسه بقدرته على النطق بالشهادتين، أدهشه أنه ودع الدنيا بكل ما فيها ولو فكرياً فقط إلى الآن، فما عادت الذكريات تتدفق إلى عقله، كل ما تعرض له في الحياة بدأ يشحب ويفقد معالمه...

ولكن مع الوقت، واقتراب الأجل... جاءت تجذبه من جديد، ترى ماذا سيفعلون بمعرفة نبأ رحيله؟ وهل ستسعد أم تتندم؟ أستتمنى فعلاً لو أمسكت بجسده الصريع وضمت رأسه إلى صدرها؟ أيكون دفء عناقها نصيبه ميتاً طالما لم ينله حياً؟

هل يقابل من سبقوه؟ أم أنه وهم آخر من الخرافيات؟ ربما! زيارات في المنام للأحياء؟ يتمنى! من يزور سواها! وبمن تأنس روحه غيرها؟

شعر بالهدوء تدريجياً، وبلع ريقه الجاف، واستطاع ثغره أن يتسع راسماً ابتسامة لم يرها أحد، كم مرة ابتسم منفرداً؟

اتجهت عيناه إلى الساعة من جديد، لم يبق أقل... هل يقابل الموت مبصراً أم مغمضاً؟ لم يتحداه بحدقتيه؟ فالزائر فائز فائز... قد أتى مبكراً وحسب! لا داعي للمعاناة أكثر، وليس المشهد إعدام بطل...


أسبل جفنيه... وانتظر برهة... لا شيء! رفعهما قليلاً... لا... لم تأت المعجزة... إنه هنا... أسبلهما للمرة الأخيرة... ولم يلبث طويلاً...


الجمعة، مارس 28، 2008

ملل

أكره الفلسفة حين تأتي في غير موضعها، وهو ما جعلني أتبنى اتجاهاً غير إيجابي نحو هذا الجني الذي غادر مصباحه داعياً إياي...أن أتمنى ليحقق هو
!لبيك مولاي! تمن عليّ-
حسناً... وكم أمنية أملك؟-
.لا تحاول الإحصاء سيدي، لك مني كل شيء-
.جملتك الأخيرة هذه لا أحبها، قد تركبت كي تعطي لدي معنى الكذب وحده-
!ولكن جربني-
.حسناً أريد... أريد أن تأتيني الآن بطبق ملئ بقطع فراولة طازجة-
.سيدي!هذا طلب لا يليق بك...ولا يليق بإمكانياتي! كل الناس تحصل على ما تقوله من المتجر بأثمان بخسة!أربأ بك عن هذه الأمنية-
..حسناً، اءتني بأجود عصير حلو حسب ذوقك وبمراعاة مكانتي ومكانتك كما قلت، فسأترك لك الاختيار-
!وهل تعلو العين حاجبها؟! أنا لا أختار-
.حسناً، اءت لي بأغلى مشروب دون أن يكون محرماً-
مولاي! الطعام والشراب أمور دنيوية بحتة، هي مواد تدخل للجسد فيخرجها في صور أخرى، هي مثال للمادية وابتعاد تام عن-
.الروحية، أعتذر سيدي عن هذه الأمنية
قلت لك أنك تكذب ولا تحقق شيئاًَ، ألا ترى؟ -
.سيدي ما قمت إلا بالاعتذار عن طلب وحيد، جربني ولا تملني، ليكن هذا عهدي بك -
.لا تقلق... أنا لا أمل إن تردها كذلك-
...حسناً، إلي بالأماني-
.أريد السفر لتغطية حدث صحفي كبير يشبع طموحي وأعود منه بخبرة جديدة لم أكتسبها من قبل-
ولكن سيدي... أتريد أن تحصل على هذا دون استحقاق؟ ستكون حينها كمن يستغل معارفه للجلوس في مكان لم يقدم ما يشفع له
لرؤيته، مازلت شاباً ودورك سيأتي بعرقك وكفاحك وإثبات جدارتك فعلاً... بل حينها ستكون موكلاً من قبل جهة عالمية كبرى تنشر فيها
...العمل الحقيقي الذي قدمته وتنال الهدف الذي سعيت له قبل السفر
ألا يمكنك إخباري بشيء أجهله؟-
.بلى-
أمثلة؟ -
.باستطاعتي إخبارك بزوار مدونتك هذه التي لم تكتب عليها منذ فترة-
وما الجديد؟ إنني أعرف بيانات عمن يدخلونها يومياً، أعرف أين هم سواء كانوا من قلب الدلتا أو أقصى الصعيد، من بلادي أو-
خارجها، بل أعرف الأوقات التي يدخلون فيها، أعرف هل دخلوا بمحض الصدفة من محركات البحث، أم قصدوا المدونة وكتبوا
.عنوانها بأناملهم... هذا كله أعرفه، ولكن لا أعرف دوافع الزيارات التي قد تتكرر... قد تكون هذه مهمتك... ها أنا منصت
لا أتجاوز حدودي أبداً، أنا أخبرك بالفعل، أما ما يقبع داخل النفس البشرية، ويجوب العقل والإحساس فهذا من أمر ربي! أنى لي
سيدي،لا أتجاوز حدودي أبداً، أنا أخبرك بالفعل، أما ما يقبع داخل النفس البشرية، و يجوب العقل والإحساس فهذا من أمر ربي! أنى لي
!أن أطلع عليه
.فاتت علي هذه-
.لا عليك... لنستكمل-
قل لي، هل تستطيع توصيل خط للمترو يصل ضاحيتي هذه بقلب المدينة الكبيرة؟-

!لو كنت تسكن وحدك هنا لفعلت، فمولاي يستحق، ولكن هؤلاء الباقين ماذا فعلوا؟ لا يمكنهم الانتفاع بوجودك وهم لا يدركون قيمتك-
هل تعلمت النفاق في المصباح؟ -

.بل أصدقك-
...ليكن! حسناً، قد وجدت الحل المريح لي ولك.. المال... أريد ثروة طائلة وأعرف كيف أستخدمها جيداً-
ستتسبب في خلل كوني! ستدعم المقاومين وتغير موازين القوى في العالم،ستتسبب في صدمة الناس بالأموال التهي ستهطل عليهم-
فجأة ودون تفكير، أنت تنوي توزيع الثروة، و حينها لن تستفيد أنت بالمال لأن الجميع سيكونوا سواء، و ستجد شأنك شأن كل من
.اعتدت و صديقك تسميتهم كلاب البحر تماماً مثلك دون فوارق أو اعتبارات لتميزك! صدقني ليس خياراً مجدياً

...استمر الجدال بيني وبينه إلى أن اعترفت أنني مللت حقاً، وحينها لخصت طلباتي كلها في أن يعود إلى مصباحه ويريحيني

بيدي دفعت المصباح بعيداً من فوق الصخرة صوب البحر متمنياً أن يبتلعه حوت لا يصطاده أحد أبداً، ومع توديعي الساحل وقفت أفكر فيمن قد يجد المصباح يوماً على الضفة الأخرى، قد يقوم برحلة من البحر إلى المحيط ويرسو في قارة أخرى... لا يهم طالما سيبقى
.عني بعيداً

السبت، مارس 08، 2008

كلام من غير سلام

لا يدري لماذا يفضل ارتداء الجوارب في المنزل... يفكر ماذا يفعل؟ يريد شراء قصافة أظافر بدلا من التي كُسرت مؤخراً... يريد إنهاء العمل المتراكم... ولكن المزاج غائب...




يسند ظهره على الكرسي في اتكاءة ملولة، ويمد ساقيه حتى يسند قدماه بجوربيهما على الطاولة التي تحمل شاشة الكومبيوتر... أخبره صديقه أنه يبدو جذاباً نسبياً في التي شيرت الذي كان يرتديه...




حلم رفض العبور للواقع، تسبب في لعن وسباب على المقهى، أعرافنا الاجتماعية تستندي إلى نظرية الواجهة والمعروضات، ولا يهم أي شيء آخر... طالما الناس يصفقون، ويبدون الإعجاب...




قال لصديقه الذي يشاركه اسمه والذي رفع من روحه المعنوية عن طريق الإشادة بالتي شيرت "الناس زبالة أصلاً ومحدش هيعرف يرضيهم أبداً، زي جحا وابنه والحمار! بعدين أنا اللي يلزمني في الناس شخصيات معدودة، ومفتكرش الشخصيات دي هتبص لي من منطلق واجهة اجتماعية تحدد معرفتهم بيا! واللي يبطل يعرفني مثلا عشان وضعي الاجتماعي غير لائق من وجهة نظره... مع ألف سلامة! بعدين هو أنا بأذي حد؟ يبقى ليه غلط؟!".



لا إجابات سوى تفهم الصديق ومشاركته بأمثلة، ولا داعي لاستكمال تحليل اليوم، لقد كان عزاء ولا شيء أكثر، وأخيراً ياتي إليه طبق ملئ بالمكرونة يلتهمه رغم ضخامة الكمية، إلى أي مدى يتجه إلى الحيوانية؟ هو يأكل رغم كل شيء!




الفجر يؤذن، الصلاة تعيد له الآدمية، ويخلع التي شيرت الجذاب ويرتدي آخر للنوم، ثم يغفو...

الأربعاء، مارس 05، 2008

عنها



عن عينيك خبّري...

وعن قلبك اكشفي...

من أين تأتين فتاتي!


بخطى رقيقة تمشين عبر الطرقة، وتمرين عبر الجالسين، هناك... يبقى أحدهم في عالمك منعزلاً عن واقعه، قد لا تعرفينه! ولكنه في فلكك دائر...


لا تنكري أن الأودية تصير أنهاراً إن تنظري لصحرائها، وأن القمر يقلب مداره حياء من حسنك، فما عادت السماء بحاجة لبقعة بيضاء تتوسطها بداعي الإنارة! فتألقك يكفي...


في رحابك يعانقني النسيم، وتعزف الموسيقى في الأفق، وتستحيل حركاتي سكنات، ويهدأ روعي، وتخفق رايات السلام...


إن تأتي إليّ، أعتزل الآخرين، وأمزّق الهوية، ولا أنتمي إلا إليك!