السبت، يونيو 28، 2008

نمو

لم يكن من الغريب أن أجد نفسي في حالتي هذه، هي مرحلة انعدام الوزن، أو فقدان معيار للقياس ربما... لا لخلل في المعايير... ولا لافتقاد الأداة... ولكن هي الدنيا... كأنني جُردت من عويناتي ليلاً، فلا أرى إلا أضواء متداخلة تفتقر إلى التحديد، وأخشى التقدم أكثر، عبور الطريق يبدو أصعب مما كان، ولكن لي سلاحاً لم أحظ به من قبل... لامبالاتي! أحملها وألتف بها أخترق الجموع.

وتمر الأيام، وأنظر إلى مرآتي... كم تغيرت ملامحي! متى أحلق شعري؟ ولم أحلقه؟ يبدو مقززاً... لا يهم! ولم لا أجيد تلميع عدستيّ؟ الرؤية تبدو مشوشة... لا يهم أيضاً! ولم لا أكتب مجدداً؟ أوخُلقت لأكتب؟! عملي الكتابة، وكلماتي لا تجدي، فهي لا تستمطر السماء، ولا تغير من ناطقها شيئاً.


أعلم أن تدويناتي تتشح بالحزن منذ فترة بعيدة، ومن حين لآخر أعد بالتوقف، أو الهدنة، ولا ألبث أن أعود، كي أؤكد لنفسي أولاً استمراري في الحياة التي لا يصف مشاعر أغلبنا تجاهها سوى الملل ربما...

أنا في غاية العجب من شباب مثلي ومثله وربما مثلك أنت أيضاً، في زهر العقد الثالث... ولا نملك سوى الحنين إلى ذكريات! ما حالنا في الأربعين أو الخمسين إن كُتبت لنا الحياة أكثر؟! إن كنا نحيا الآن على الذكرى... ولقطات من "كعبول"، وصوت "عايدة الأيوبي"، ونشيد "قطتي صغيرة"، فعلام نأتنس بالحياة خلال عقدين أو أكثر؟ هي كلها أسئلة غيبية... ولكنها قابلة للطرح.


استدع معي الذاكرة، حين دخلت المسجد للمرة الأولى في حياتك وحدك... دون أب أو أخ يصحبك... فقط كنت أنت... كام كان شعور المسئولية جميلاً؟ أنت تمثل أحد المصلين، أولئك الذين اعتنقوا الإسلام وطواعية يختارون موقفاً كان للصحابة الذين سمعت وقرأت عنهم في السابق... ومع الوقت... تسمع الأذان، ومنه ينطلق خيالك نحو صوت بلال... أكان مقارباً للواقع؟

ولكن تمضي بك السنون، ومن جنة الرسالة في مهدها، والإيمان في أوله، تدخل مصيدة الفتنة... لماذا قُتل عثمان؟! تصرخ بها! ولماذا رفع معاوية سيفه في وجه عليّ؟ لا! لا تقل لي إن الاثنين على حق! ألقيت كتاب التاريخ فور انتهاء الامتحان حين ورد أن ناصر والسادات بطلان! لا يمكن أن يكتب للشيء ونقيضه الأحقية... ليكن كلاهما باطلاً... لكن الحق... حتماً لأصل واحد.

من كتب تاريخي؟ من ذلك الأفاق؟ لقد فهمت من محمد (ص) أن ثمة حقاً وباطلاً... وعليّ التمييز والفصل... وأعجب ممن يقر بأن الفئة الباغية كانت لتقتل عمار... ثم إن قُتل يرفض إدانتها! إن كنا نصرنا قوي الأمس... فما غير الخذلان ينال منا ضعيف اليوم؟


ما لقصتي مع المسجد ونموها مع التاريخ والفتنة، وهذه التدوينة؟ هي عبارة واحدة، أن أي شيء، أي شيء على الإطلاق... لا يبقى وردي الصورة... فأواصل تراجعي إلى طفولتي... حين كنت لا أرى المسلمين إلا في مهد الرسالة... دون أن يرفع أحدهم سيفه على أخيه، ودون من يأتي يكتب تاريخاً زائفاً متحايلاً تبريرياً... هكذا مع كل شيء...

أتمنى لو كنت بيطرياً من جديد... فهو حلم لم تلوثه رغبات الشهرة أو الثراء أو المكانة الاجتماعية أو أي شيء... هو حلم إنساني بحت...

وأستمع إلى "عايدة"، فمع صوتها لم أُكِّن ضغينة لأحد، هجرني أو خذلني، لا أملك سوى مشاعري في وهنها، وحاجتها لصدر يضم، وبسمة ترتسم على شفتيّ دون سبب محدد..
وأقف في الملعب أسمع سلام بلادي، لم أعد أستمع إليه في أي مكان آخر، وأنعزل عن الحاضرين، وأختزل صورة العلم في شعار مصغر على قميصي الكروي... لا على قسم شرطة يُغتصب فيه الرجال، أو على جيش أبعد أسلحته عن الشرق.


للناس عني رأيان... أولهما أنني أملك آراء معقدة، وأعادي المرأة، وأفكاري سوداوية حزينة، منزوٍ في بعض الأمور، ولا أحب الاهتمام بأحد، مغرور بعض الشيء.

الآخر أنني منطلق للحياة، أجيد النكتة والتلاعب بالألفاظ، لا أبغي مع غيري سوى الوفاق بعيداً عن تنافرنا، أهتم بمشاعر الجميع ولا أجرح أحداً، على ثقة من نفسي.

والحقيقة أنني لست معضلة، ولا أكتب هذا للترويج لشخصيتي بين قراء هذه المدونة الذين يعرفونني حقاً ولا أسعى للتحذلق أمام أي منهم... ولكن أنا نفسي لا أكترث برأي هذا أو ذاك، فقط أنقل وأشرككم معي في الضحك على المفارقة، فأنتم تعرفون عمراً.


الاثنين، يونيو 09، 2008

The Call

It started out as a feeling
Which then grew into a hope
Which then turned into a quiet thought
Which then turned into a quiet word

And then that word grew louder and louder
'Til it was a battle cry

I'll come back
When you call me
No need to say goodbye

Just because everything's changing
Doesn't mean it's never
Been this way before

All you can do is try to know
Who your friends are
As you head off to the war

Pick a star on the dark horizon
And follow the light

You'll come back
When it's over
No need to say good bye

Now we're back to the beginning
It's just a feeling and now one knows yet
But just because they can't feel it too
Doesn't mean that you have to forget

Let your memories grow stronger and stronger
'Til they're before your eyes

You'll come back
When they call you
No need to say good bye


The Call - Regina Spektor

الاثنين، يونيو 02، 2008

عن مهند

كتب عني أحمد محمود تدوينة ذات مرة، والفكرة تروق لي... ليكن مهند الشناوي!


لا أذكر الظروف التي تعرفت فيها على مهند تحديداً، ولكننا التقينا منذ عامين، شاهدته سابقاً قبل أربع سنوات وربما أكثر ولكن لم أتعرف عليه شخصياً...

التقينا منذ عامين قبل أن نبدأ العمل بقليل في صفحة كان يتولى هو ونادر عيسى تحريرها بإحدى الجرائد الأسبوعية، كنت أعرف نادر قبله، وهو ما سهل عملية التعارف مع مهند التي جاءت بعد تخرجه من الكلية بعامين ربما... بينما بقيت أنا فيها في انتظار دوري.


أكثر ما يميزه هو ابتسامته شبه الدائمة، ونظرته البريئة التي تدل على قلب صافٍ متسامح لدرجة بعيدة.

يبدو متواضعاً، ويتحمل الكثير في العمل، ويزيد من أعباء نفسه بطول البال الزائد عن الحد، والأمانة في تقصي المعلومة التي لا تكون ضرورية من الأصل، لا يحب الصدام، لا يصل إلى مراحل متقدمة في الغضب، يحكم انفعالاته بسلطة مطلقة... إذا افترضنا أنه ينفعل.



يعشق الكرة، ولا عجب أن تكون مادة موجودة لملء الفراغ دائماً، مازال يمارسها وهو أمر يحسب له وسط جيل شباب الشيخوخة الذي ينتمي أغلبنا إليه، لديه معرفة وإحاطة معلوماتية وخططية تجعله من الأطراف المعدودة التي أحترمها في المجال الكروي.

بوجه عام صحفي موهوب، يجيد كتابة العناوين ببراعة، وأسلوبه تسلسلي بالأساس، ولديه رؤى خاصة بالصورة والإخراج عموماً، ولا يتعامل بتكبر مع القارئ، ولا يمكن إغفال الصبغة الساخرة في كتاباته.

ليست لديه مفاهيم معقدة بوجه عام، ولكنه لا يحب الاقتراب من مواضيع بعينها، أو قل مجالات بأسرها... تفكيره ممنطق بشكل يبعث على النفور أحياناً، فالحياة قد تكون أبسط.



وجود مهند ومحادثاتنا معاً سواء عبر الكومبيوتر أو في الواقع المباشر أحد أسباب احتمالي للحياة، فالضحك هو سمة أي لقاء بيننا، تفاهم غير طبيعي في الـ"إفيهات"، هو يجيد اللعب مع كثيرين غيري، ولكن ليس جميعهم يستمتع بالتسليم والتسلم إليه ومنه مثلما أفعل، على مستوى آخر... مهند لا يعاني مشاكل ذاتية كبيرة... أو هكذا يبدو... وهكذا أراد هو.

كمية غير طبيعية من المصادفات جمعتنا ومازلنا نكتشفها، وكأن القدر في أكثر من مناسبة يضعنا في كادر واحد، فأكثر من لقاء عشوائي في الكلية، وآخر وسط زحام ميدان رمسيس، وآخر في مصعد مبنى لا يعمل أحدنا فيه وإن كان تابعاً للمؤسسة التي ينتمي إليها مهند.

هو رجل في مواقفه، تجده وقت الحاجة دوماً، حريص على علاقته بالجميع، يعرف كيف يستمتع بالحياة، وكريم للمدى الأبعد، ولا يقع فريسة للفضول أبداً، وربما لكل هذا لم أعرف أحداً يبغضه بعد.



في الحب... لا أعرف! ويبقى هذا الباب مغلقاً بما يوحي أن ثمة أبواباً أخرى أراد مهند إغلاقها أمام أي آخر وهو ما يجعل بعض النقاط بأعلى محل جدل للأبد.

حسناً... لا أعرف هل هو "مرتبط" أم لا، وهذه الكلمة بين علامتي التنصيص ليست إلا استفزازاً آخر له، وهو ما سأواصله بالتنبؤ بشخصيته زوجاً، حتماً سيكون مخلصاً للأبد، ومسالماً على طول الخط باستثناء انفجاره من حين لآخر ولكنها ستحتويه لسببين: حباً له، ورداً لاحتوائه غير المنقطع لها.



إشارة أخيرة: مهند آخر الأشخاص حاجة ليكتب عنه أحد.







مهند (يسار) وأنا في لحظة تمثيل