الأحد، نوفمبر 27، 2011

لا تُقاطع!


قبل ساعات من بدء المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية يتداول البعض عبر تويتر وفيس بوك تساؤلات حول جدوى المشاركة في التصويت وشرعية المجلس المقبل وغير ذلك من أمور تدفعني في مجملها إلى كتابة هذه االسطور.
أكاد أجزم أن جل من يدعون لمقاطعة الانتخابات لم يسبق لهم التصويت في اختيار أي مجلس نيابي باستثناء الاتحادات الطلابية ربما، وإلا لما تبنى تلك الدعوة.
هو بالطبع ممن كانوا يكتفون بمتابعة برامج التوك شو حول التزوير الانتخابي بينما كان غيره يذوقون الأمرين لمراجعة أسمائهم بالكشوف واستلام البطاقات الحمراء بأقسام الشرطة في يوم آخر ثم بدء رحلة البحث عن اللجنة يوم التصويت تحت سطوة بلطجية الحزب الوطني المعلنين.
كان ينعم بمكيف الهواء بينما غيره يقف في طابور يقطع فناء مدرسة رملي تفترسه الشمس، وكان ينام القيلولة أو يجلس على مقهى (عفوا: كافيه) بينما يصطدم غيره بقاتل مأجور يلوح له بالسيف في جولة الإعادة قائلا "رمز الجمل يا كابتن".
هذا هو الفارق الأساسي،وبالطبع فإن من لم يشارك في السابق -ولا لوم عليه- قد ينظر لمن شاركوا على أنهم حفنة من المعاتيه ساهموا في إضفاء شرعية على نظام ديكتاتوري، أو أنهم رعاع منساقون وراء تياراتهم السياسية التي ترضى بالفتات الملقى لها من مائدة السلطة، أو أنهم يخدعون أنفسهم ويشغلون وقت فراغهم!
الطريف أن نظرة العازف عن المشاركة تستمر على نفس المنوال حتى حين تغيب شبهات التزوير عن الانتخابات المقبلة لأنه في قرارة نفسه يعرف أن التيار الذي لا يميل إليه مرشح لتحقيق الأغلبية ومن ثم فإنه يلجأ إلى نزع الشرعية عن الأمر برمته طالما قد يأتي له بما لا يريد.
هو لم يكتف بأنه سينتخب بالرقم القومي وسيعرف مقر اللجنة عبر الإنترنت دون جيئة وذهاب وتحرش، فهو أيضا يريد أن يأتي الصندوق فقط بما يريد وإلا فالأمر كله غير شرعي ومسرحية ولا يلائم الثورة ولا يساوي دماء الشهداء بل ويساعد من "خذلوهم" من "الانتهازيين" وكأن كل الفصائل السياسية غير انتهازية إلا واحدا!
ضحكت كثيرا حين تابعت حوارا موجزا مع علاء الأسواني (د. في العيادة فقط) على فضائية "فرانس 24" حيث ذكر أن تزوير الانتخابات البرلمانية في نهاية 2010 كان له الأثر الأكبر من بين ثلاثة عوامل مهدت لقيام الثورة، ولا أدري هل أنصار وقراء ومحبو الأسواني يرون ذلك أم لا؟
أتساءل لأنني أدرك أن غالبية المنتسبين إلى التيار الفكري الذي يمثله الأسواني دأبوا على انتقاد كل من شارك في تلك الانتخابات باعتبار أنه لهث وراء الفتات وأسهم في المسرحية وشق الإجماع الوطني ولم يقاطع في حين أن مشاركته فقط هي العنصر الوحيد الذي أثبت التزوير الذي يستدل عليه الأديب الآن في تحليله على فضائية غير مصرية لا يتابعها كثيرون من مريديه.
ثمة طائفة من البشر مغضوب عليهم في وسائل الإعلام، فالانتهازية سمة السياسة الضرورية لغيرهم في حين لا تكون  إلا وصمة لهم وحدهم، وهم في كل حال يُقدَمون كخونة وأدعياء وهمج ومع ذلك لهم قبول شعبي! ألا يكفي ذلك لدفع معارضيهم إلى التشكيك في صحة أية مباراة سيكون أولئك الخصوم طرفا فيها؟
أضف إلى كل تلك العوامل الشعور في قرارة النفس بأن غالبية الشعب جهلة لا يعرفون مصلحتهم ومن ثم فإن الديمقراطية التي طالبنا بها يجب ألا تطبق عليهم أيضا، فهل أنزل لأقف بينهم وأسمعهم يرددون الحماقات؟! الصواب أن يأتي خياري أنا (الصحيح بالطبع) دون إرادتهم المقيدة بالدعاية الدينية والخدمية! فإما أن يكون الرأي والشرعية لنا وحدنا أو يكون صوت الشريف منا بضعف صوت العبد منهم (نعم هي أجواء طبقية قريش).
أتمنى على كل مصري ألا يسير وراء أدعياء الديمقراطية وأن يشارك في التصويت لأي فريق يراه. فالديمقراطية تُكتسب بالممارسة، والعيوب لا يتم إصلاحها إلا بإدارك مواطنها والآليات كفيلة بتصحيح الأوضاع (من وجهة نظرك) لاحقا.
شارك ولا تُقاطع..

الأربعاء، نوفمبر 23، 2011

بعض الهذيان


في ظل هذا الصخب.. ليس هناك أفضل من بعض العبث بالكلمات التي قد تحمل ملامح معنى وقد لا تكون أي شيء سوى حروفها..
بعد سكوتي عن التدوين وعودتي بما أكتب الآن .. أتذكر المثل القائل "سكَت دهرا فنطق كفرا".. المهم أن الكفر ليس بالإله.
لا أحب المثاليين.. ولا أعني من وجدوا نفسهم كذلك بل من يحبون المثالية في كل شيء.. ربما التعبير الإنجليزيperfectionist  أدق في هذا المعنى.
والحقيقة أن المثالية هنا متعلقة بكل شيء.. المثالية في الفوضى.. المثالية في الطاعة.. المثالية في الثورة (النقاء الثوري!) وكذلك المثالية في الآمال ربما، ولذلك لن أنشر هذه التدوينة على فيس بوك حيث يسيطر مناخ الإرهاب الفكري ولا طاقة لي بمواجهة الأصوات العالية.
هل كان فان جوخ مثاليا؟ يقولون إنه انتحر رغم سيناريوهات أخرى محتملة.. ولكن لنفترض أنه قرر ذلك بالفعل فهل كان تحت تأثير تلك الهواجس التي تضرب غالبية من يعانون الاكتئاب أمثالي؟ ربما.
أفكار كثيرة تمر برأسي.. أود استيقاف بعضها للتدقيق وأرغب في تفادي البعض الآخر.. الأمر في الحالة الأخيرة أشبه بالممر الذي كان يُطاَلب باجتيازه الرجل سيئ الحظ في القصص الرومانية حيث يتحتم عليه تفادي الكتل الطولية التي تجيء وتروح مثل بندول الساعة حتى يعبر إلى الجانب الآخر.. ولكنه يصطدم بجدار أصم فيدرك حتمية العودة والتفادي مرة أخرى.
يكفي هذا بعد انقطاع.