الثلاثاء، يناير 07، 2014

تعليق على بيان وائل غنيم



أخيرا ظهر وائل غنيم من خلال بيان على صفحته الرسمية يكسر به صومه الذي نذره للرحمن منذ انقلاب الثالث من يوليو الماضي، فالرجل حي وغير مختطف أو محتجز مثلما كان يشاع، بل والأهم بالنسبة لي أنه لم يتواطأ مع الأمن أو أية جهة أخرى كما كنت أشك مؤخرا.. فها هو قد نطق لتكذيب حملة التسجيلات الهاتفية التي سقط ضحيتها شأنه شأن مصطفى النجار وأحمد ماهر وكل من أيد ودعا وحشد إلى الثلاثين من يونيو رغم نداءاتنا المتكررة وقتها بأن الحراك تقوده وتوجهه وتدعمه قوى الثورة المضادة.
يقول وائل في بيانه إنه ما كان ليرد لولا إلحاح أسرته عليه، ويعلل صمته منذ الانقلاب إلى الآن برغبته في اعتزال الفتنة، ويختتم بالدعوة إلى عدم تصديق من يقول إن للجميع مصالح شخصية وليس هناك من يحب مصر فوق أي اعتبار.
والحقيقة أن وائل وقع في تناقض غريب.. فهو بجملته الختامية يريد أن يقول إن مصر لديه في الصدارة، رغم ذكره في البداية أن كسر صمته جاء بسبب ضغط الأسرة.. وبالتالي استجابته لحاجة محيطه العائلي أقوى من استجابته لما يحتاجه الوطن من تفاعل مع ما حدث ويحدث ولو حتى بتغريدة باهتة لشجب القمع والقتل.
أما بخصوص اعتزال الفتنة، فلا أدري كيف تشارك أنت بنفسك في تشكيل وضعية معينة ثم تنسحب فور انتهائك من وضع النار في مواجهة الزيت! كيف تسخر صفحة "كلنا خالد سعيد" كفرع للشئون المعنوية ما بين الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو –لدرجة أن بيانات القيادة العامة كانت تنشر عليها دون تمهيد- وتريد الآن أن تقنع اي مغفل أنك فجأة أدركت أن الوضع فتنة يجب اعتزالها! لو كان ذلك حقيقيا لكان الاعتزال أولى بعد مجزرة الحرس الجمهوري مثلا في الثامن من يوليو وليس بعد الانقلاب مباشرة.. فطبقا لما ذكرته أنت بنفسك في آخر ما كتبت فور إعلان الانقلاب فلم يكن هناك وجود لأية فتنة، بل انتصار للثورة.
مشكلة وائل الكبرى أنني أتذكر دموعه على شهداء الفصل الأول من الثورة (25 يناير-11 فبراير 2011) فأجد شابا مخلصا لم يحتمل وفاة نحو 800 مصري وشعر بالمسئولية كونه كان من الداعين لما انتهى إليه الوضع، ثم أجده الآن في أول ظهور له يتجاهل تماما ما يقارب ألفي مصري نحسبهم من الشهداء في مشهد يبدو واضحا أنه ساهم أيضا بدعواته في الوصول إليه.
هذه ليست محاكمة لوائل فكلنا أخطأنا وهو نفسه يقول "أخطأت كثيرا وأصبت أحيانا"، لكن للأسف فإنه ليس على مستوى الحدث مطلقا.. ومسئوليته تجاه كثيرين ممن وثقوا فيه –وأنا منهم- تفرض عليه أن يشير إلى هذه الأخطاء حتى لا يفترض كل شخص ما يحلو له ويظل الأمر قيد استنتاجات تمليها الأهواء والميول.. لا أحب أن أقول لوائل إنه عاد بعد فوات الأوان فيبدو أنه لم يعُد أصلا.


هناك تعليق واحد: