الجمعة، سبتمبر 22، 2006

رمضان


هذا الشهر هو علامة مميزة لكل عام في حياتنا ولاسيما أولئك الذين لم يبتعدوا عن الطفولة بسنوات طويلة، فمازالت طفولتي على مرمى البصر، أفتح نافذة ذاكرتي لأشاهد منها لقطات...

حاولت الوصول إلى أبعد نقطة في هذه الذاكرة ولكنني لم أنجح، أتذكر حين كنت في الرابعة أو الخامسة من عمري واستيقت صباحا لتقول لي أختي أن اليوم هو أول أيام رمضان، ولم أكن أعرف ماهية رمضان تحديدا غير أن شعورا بالبهجة ينعكس عليّ كجزء من الجو المحيط، ربما كان يعني لي حلقات "بوجي وطمطم"... لا أذكر تحديدا، أغلب الذكريات مرتبطة بمنزلنا القديم بالجيزة.

كانت سنوات عمري تقف عند الرقم 7 حين طالبت امي وأختي بصيام يوم كامل للمرة الأولى لأنني كنت أشعر بالضيق من الصيام حتى الظهر أو العصر، والمسألة بالنسبة لي سواء لأنني لا آكل كثيرا ونحافتي مألوفة للجميع، وبالفعل وافقت أمي وأختي على طلبي، وأذكر أنه بحلول العصر كانت أختي تقطع السلاطة فأخذت قطعة من الخيار وأكلتها متناسيا، فقالت لي "انت مش صايم؟!" وعلى الفور ارتسمت على وجهي علامات الهلع وألقيت القطعة الصغيرة من فمي فطمأنتني أن صيامي صحيح طالما كنت ناسيا...

مرت بعدها الأيام حتى نجحت في الصيام الشهر كاملا وأنا في التاسعة، وحين كانت امتحانات نصف العام للشهادة الابتدائية تتزامن مع الشهر الكريم كنت أصر على الصيام وأبتهج لانفرادي به بين زملائي في المدرسة، ومعها كنت أقلد أمي وأختي حين أراهما يختمان القرآن... وأذكر جيدا كيف كنت ألعب مع أختي بالمفرقعات في شرفة منزلنا القديم قبيل المغرب، وأذكر آخر فانوس تم إهداؤه لي عن طريق ابن عمتي الأكبر... كل هذا تلاشى سريعا...

انتقلت للمرحلة الإعدادية، وكان اختراع "الصواريخ" مسيطرا على عقول الأطفال وقتها، وكنت من هواة المفرقعات ولكن بالأدب والأصول!! في أكثر من مناسبة كنت ألعب الكرة في المدرسة لساعتين بعد انتهاء اليوم الدراسي فكنت أشعر بحلقي يكاد يسقط من فمي من شدة العطش، وأعود إلى المنزل لا أجرؤ على الشكوى وإلا سيطالبونني بعدم اللعب في نهار رمضان مرة أخرى...

في المرحلة الثانوية كانت الأيام الأحلى في رمضان، عرفت مع صديق عمري طريق التراويح في مسجد عمرو بن العاص، واتي اعتدنا عليها في الصف الثالث تحديدا، كنا نعود من المسجد مشيا مارين بالنيل ليلا، كان جوا استثنائيا، وفي أول أيام رمضان في الصف الثالث ذهبنا لصلاة العصر في مسجد السيدة زينب، وكان يوما مليئا بالمفارقات... لن أنساه ربما...

أما مع الجامعة فقد انتقلت بعد عام واحد إلى هنا حيث نعيش الآن بمدينة السادس من أكتوبر، لا أرى تميزا، بل صار رمضان أكثر عزلة بالنسبة لي، أفقتد الجو الصاخب وتزيين الشارع كما كنا في الجيزة، لا اذكر علامة مميزة إلا يوم الخامس والعشرين من رمضان الماضي...

ليست هناك تعليقات: