السبت، أكتوبر 04، 2008

من قاع الهوة أكتب



حين وجدت هذه الأفكار طريقها في رأسي، أدركت أن انتمائي لجيلي هذا شبيه بانتمائي للوطن ككل، بل يكاد يتخطاه في أكثر من موضع، قد يقول البعض أننا ضحايا هذا الوطن، وحتى الآن لم أحسم موقفي من هذه المقولة.

كنا في بداية العقد الحالي نحيا ما نسميه بالصحوة الإسلامية، أو بعث مشاعر الانتماء للكيان الأممي الأكبر، ربما كان عمرو خالد بطل تلك المرحلة، وله علي شخصيا فضل لا أنكره أبدا، ربما كان هو الدافع لدي لمعانقته في المرة الوحيدة التي التقينا فيها.

كنت أنا أحد أبناء هذا الجيل أقرأ السيرة النبوية من الكتب القديمة دون مختصرات أو شروح، وأشمئز من ظهور حركات القومية العربية حين درست تاريخ المرحلة الثانوية، وحين أترك لقلمي مساحة يرتجل فيها كان يخط الخريطة تصل الرباط بطشقند عبر خط قطار يمر بالقاهرة.

أذكر أول مقال كتبته في كراسي عن قضية السنة والشيعة، أذكر بحثي عن أوجه الوحدة وعزمي أن أكون أحد دعاتها، حلمت بالتقارب الحقيقي، عشقت حسن البنا وعلي شريعتي، انفجرت بكاء لدى استشهاد الشيخ ياسين، هزتني خطابات حسن نصر الله، فكرت في كتابة سيناريو سينمائي لغزوة مؤتة... لا أدري ما العلاقة بين كل ذلك، ولكن كنت حالما.

ومع الوقت لا أدري ماذا حدث، لا أقول معي وحدي، ولكن كلنا! ليسمح لي أشقائي في البنوة لهذا الجيل أن أتكلم بلسان شريحة كبيرة منهم... نحن الآن نتعامل باعتيادية مع ما كانت تقشعر له أبداننا... خذ أمثلة كما تشاء:


- الظروف الاقتصادية خانقة! العريس عملة نادرة، ولكنهم طلبوا منه شقة في الهرم بدلا من الشقة البعيدة التي يملكها بالفعل في الشيخ زايد! الشبكة لا بد أن تتخطى ما حظيت به ابنة خالة العروس.

- هم من الطبقة الوسطى، ولكن الفرح كان في "فور سيزونز"!

- فلانة "صاحبتي"، ستأتي معنا في رحلة نبيت فيها يومين! سيتصل بها أهلها من حين لآخر للاطمئنان عليها، هم يثقون بها، فهي مختلفة عن بقية البنات بل ملتزمة بصلاتها وحجابها، وضحكتها الرنانة أيضا.

- لا تقل شواذ! قل "مثليون"، ما ذنبه يا أخي؟ إن هذا ميله الذي ولد عليه! ما يؤذيك إن كان يضاجع رجلا مثله؟!

- القاهرة لا تحتمل قدما أكثر، وتيار الهجرة إليها مستمر! أحيانا لا ذنب للمهاجر، فالمركزية سمة الدولة.

- لسنا مستعدين للشريعة الآن! وهل هي حل حقيقي للأزمة؟ أزمتنا أخلاقية بالأساس! بل لماذا نقحم الدين في الموضوع؟ العالم يتعامل الآن على أساس المواطنة، والعلمانية ليست سيئة.

- لقد أصدرت "فلانة" ديوانا أدبيا، صحيح هي تجهل أبسط قواعد اللغة، ولكن لها حفل توقيع عما قريب، أما فلان فأديب كبير، لقد طرق في روايته السابقة موضوعا خطيرا عن غياب الإشباع الجنسي عن الأزواج.


لا أدري حقيقة ما السبب وراء كل هذا، أهو جو الحياة العملية؟ كثير منا يعملون منذ الدراسة، فما المشكلة؟ ربما هي عجز التروس الصغيرة عن السير عكس دورة الآلة العملاقة التي تضمها.

من أبسط مظاهر التدهور الاجتماعي الذي نمر به هو كما يقول حامد تلك الفتاة التي كانت تعتبر صورتها على الإنترنت بمثابة كارثة، وكأن شرفها سيطعن، وهي الآن تضع ألبومات كاملة على الـ"فيس بوك"! بل موضة "الملحدين" التي انتشرت بشكل فج، وأكثر منها موجة "اللامبالين" الذين لا يفكرون قيد أنملة في الله أو الآخرة أو أي شيء من هذه المواضيع "الدينية" أو "الغيبية".

حالة التقديس التي تحظى بها منطقة "وسط البلد" من أدعياء الثقافة وكأنها البيت الحرام، البنات أو أولئك الرجال ذوي الشعر الطويل الجالسات ليلا ونهارا على مقاهي البورصة وزهرة البستان (الـ******) وغيرها.

لقد تراجعنا، تراجعنا بشكل غريب، هل نهنئ "ميلودي" على نجاح مهمتها؟! بل إن الموضوع تخطى كل شيء، أحيانا أشعر باقترابي من التعريف الأولي للعدمية، لست قادرا على إصلاح نفسي فما بالي والمجتمع، كأن هذه الحياة حمل ثقيل لا أقدر على تحمله أكثر.




هناك 14 تعليقًا:

Known as PHYSCO يقول...

طيب مش يمكن لو افتركنا حماسنا القديم وأحلامنا واحنا مش صغيرين .. الكلام ده كان من كام سنة بس .. ليه بنحبط بسرعة بينما حماسنا علشان يتأجج فعلا بيحتاج خطب ومواعظ من ناس مختلفة .. يمكن، لأ هو مش يمكن هو أكيد كل اللى قلته هو السبب .. بس مش يمكن لو احنا لاقينا بعضنا فلاقينا نفسنا فنحاول نعمل حاجة .. مش عارفة بقى أنا مصدعة وعايزة أنام

على فكرة انت تقريبا أول ولد اقراله من الجيل الحالى كتب كلمة شكر بسيطة فى عمرو خالد .. فشكرا ليك

احتمال غير أكيد بالمرة أبقى آجى أكمل بعدين

Known as PHYSCO يقول...

على فكرة .. الصورة اللى انت حاططها خنقتنى

غير معرف يقول...

من أجمل ما كتبت يا عمرو ..
كلنا مشتتين ..كلنا عندنا إنفصام فى الشخصية ..

i believe in that !

متابعاك دايماً يا عمرو , بس البوست ده شدنى جداً للرد ..مع إن الرد مالوش لازمة و مابيقولش جديد
بس حبيت أحييك بسرعة أوى

كل سنة و أنت طيب

مُصْعَب إِبْرَاهِيم يقول...

تحدثت بلساني عما يجول بنفسي..
وكنت منذ فترة أفكر في هذا وأكتب كلمة وأمحو سطرا في تدوينة لا أعلم هل سترى النور أم لا..

من قاع الهوة أقرأ.. وأومئ رأسي تصديقا..

Mai Kamel يقول...

مش عارفة فيه ايه الليلادي
من حلقة العاشرة مساءا واللى كانت ملخص لاسوا ماحدث خلال شهر فات
لعيد غريب من اغرب الاعياد اللى مرت ع الواحد
لمدونة تشرّح في الوضع الحالي

اكيد انا مش مختلفة معاك في كل اللى قلته بس

اليأس اليأس اليأس

انا مبحبش كدة.. بجد مبحبش كدة
نتكلم على احوال سيئة ماشي، نفكر في علاج ونقول ايه المشكلة ماشي، عايز تعبر عن نفسك يا عمرو ماشي يا سيدي
بس متتفقش انت والعاشرة مساءا والاحداث اللى بتحصل والعيد والشوارع والرصيف وباسطة بيتنا كلكوا على انكو تخلوني احس باليأس

فوضت امري اليك يارب

Amr يقول...

آيات: والله فيه كتير جدا أعرفهم بيحبوا عمرو خالد، منهم حامد أقرب مثل
بالنسبة للصورة، مش عارف ليه ممكن تخنق، عموما هو الموضوع ككل مش معمول للترفيه ولا لبعث الطمأنينة
مستني ترجعي تكملي بعدين

مها: تحية عزيزة يا فندم، ويا ريت أجمل حاجة كتبتها تكون حاجة عدلة مشعن واقع مؤسف

مصعب: مش عارف أقول إيه، بس القاع ضاق قوي بينا كلنا

مي: أنا بكره العاشرة مساء وبكره منى الشاذلي المدعية، بعدين التدوينة مش محاولة بحث عن حل بل تعبير عن واقع والسلام

mohamed يقول...

كنت بسال نفسي عن سبب تغير مصطلحاتي الداخلية ..

هل حقاً وصلت لدرجة من المصالحة مع الأخر وقبوال الحوار معاه أيا كان شكل ونوع الأخر ..
أم أنه فرض فرضة علينا أسلوب وجو العمل ..

بس حقاً حاسس بعدم الرضا وخصوصاً في شهر رمضان وجدت كثير الصدام الداخلي .. والتناقض اليومي بين الصباح وجوف الليل .

سوووكا يقول...

على الرغم من اني كنت واخدة قرار نهائي لا رجعة فيه اني معلقش عندك تاني ....بس اديني رجعت ..حماسي للقرار فتر لما قريت التدوينة ديه فمبدئياً حرحب بنفسي عندك بعد طول غياب واسمحلي ازغرتلها لولولولولولي منورة ياسوسو والله
فراشة الحج سيد ترحب بكم أما بعد ؛


زي ما نت قلت انت بتتكلم عن شعور
شريحة كبيرة منناواسمحلي اضم نفسي للشريحة ديه

واحد ......حاجة خاصة بعمرو
ياعمرو الأزمة مش في المجتمع الأزمة في رؤيتنا ليه ؛ انا اصبت زيك بنفس حالة الاندهاش تجاه مستوى حماسي لبعض الحاجات اللي فتر ؛ بس انا توصلت ان الحاجات ديه مش جديدة على المجتمع يعني طول عمر الملحديين موجودين وغريبي الأطوار وانصاف الرجال موجوديين ؛ وتوتو بقاله فوق الخمسيين سنه بطل للأغاني والنكات ؛ والشواذ نازل فيهم آيات قرآن كريم ؛ الفرق بس ما بين انك تسمع أو تشوف من بعيد وما بين انك تحتك في حياة يومية ؛ لكن كل ما أفردته في تدوينتك = مجتمع ؛ احنا بس نضجنا ياعمرو ومجتمعنا بيكبر معانا من اسرتنا لمجتمع اصدقاء وزملاء دراسة لمجتمع مفتوووووح اوي ومتنوع فرضته علينا مهنتنا وفرضت علينا الاحتكاك بجميع افراده ؛ والشاطر اللي يندمج مع الكل من غير ما يتنازل عن قيمه ولا يثير نفور حد ؛ حتي خصومه أو اعداء الأمة يخسرهم انسانيا لكن يكسب احترامهم وغيظهم منه ؛ تقوم تقولهم قل موتوا بغيظكم ؛ لكن للاسف معظم الإسلاميين ماعرفوش يحققوا النقطة ديه ؛ مش النسبة يعني اللي تبني بيها أمة أو تحقق بيها وحدة ؛ أما موضوع انك ما بقتش حالم فده طبيعي مش عشان الإحباطات المتكررة فقط انما احنا جيل التطور السريع ؛ ففعلا احنا زينا زي جهاز الكمبيوتر التطورات النفسية والعقلية اللي بتحصلنا ؛ بتم بمعدل اسرع من الاجيال اللي سبقونا ؛ احنا كبرنا ومجتمعنا لسه بيقولنا انجغه ؛ لأنه جامد مش عارف يستوعبنا
انا شايفة انك بتبص للعدو ؛ اكتر ما بتعد نفسك للقاءه ؛ يعني ليه مفروض علينا دايما نوضح للغرب سماحة الإسلام وليه ربنا ورث المرأة وليه الراجل بيتجوز أربع ؛ ليه دورنا بينتهي عند رد الفعل ؛ ليه مابنصدرش افعال ؛ اقولك سألت واحدة سلفية مرة ؛ قولتلها قوليلي خمس حاجات انتي رأيك اتغير فيهم وتكون حاجات جوهرية في شخصيتك اتغيرت ؛ قالتلي لا مفيش انا وبفضل الله زي مانا ؛ فقولتلها وعاوزة تغيري الناس ازاي ؟

اما صدمتك في الناس ابطال الأمثلة اللي قلتها فده طبيعي ؛ انا ما عتقدش ان حصل تقبل ليهم ابدا ؛ ولكن انت مش قادر تمنعهم ؛ انا عن شخصي الملحديين الأول كنت بخش معاهم في نقاشات وبعديين كنت ما بقعدش معاهم وبعديين
بقيت بزنقهم بااللي بيتفوهوا بيه لانهم لا يعنوني ؛ اللي يهمني انهم ما يأثروش على غيرهم من محدودي الثقافة ويمسحلهم دماغهم

سوووكا يقول...

اتنين نيجي بأه للصحوة الإسلامية
الصحوة الإسلامية انا من الأول كنت متحفظة تجاها وبشكك في نجاحها ؛ وده بحكم تربيتي في مدارس إسلامية يعني كنت على وعي بديني واهميته واثره في نفسي من قبل الصحوة ديه ما تتفجر بكتيير، يعني كان شعوري ما بين الاستعداد الفطري لقبول الإسلاميين وما بين الاستياء من نسبة كبيرة منهم ورفضي ليهم .
في وجهة نظري لابد من تحقق نقطة أساسية عشان نقدر نقول انها ناجحة هي
تخريج كيانات غير قابلة للذوبان عند الاصطدام مع الضد ؛ وفي نفس الوقت قادرة على احتواء الآخر مش بصفة مطلقة ؛ لكن على الأقل الآخر اللي عنده الميل لفكرك ...بس مش قادر ينفذ ؛ او مش عاوز ينفذ بس في النهاية ...بيحترمك ؛ يعني فرض نفسها على الآخر
الصراحة ؛ وفي رأيي الشخصي الصحوة ديه خرجت كيانات بتثير نفور أي آخر ؛ سواء اللي على الحياد أو الضد
والنتيجة المنطقية حبة دابوا وحبه تقوقعوا على نفسهم وحبه اصيبوا بلا مبالاة وبقي القبيح عندهم زي الحسن وكله محصل بعضه وقليل أوي اللي قدر يحقق الموازنة
والسبب في رايي يحتاج تدوينه لوحده ؛ مرة تانية ابقي اقولك انا شايفاها فشلت عشان اييه

سوووكا يقول...

اضافة اخيرة مالهاش علاقة بالتدوينة ؛ والله انا عارفة اني طولت بس حقيقي الموضوع هاممني وإلا ماكنتش علقت زي ما قلتلك في الأول ؛ موضوع تنفيذ الشريعة ده محور جدال دائم بيني وبين شرقاوي دائما وابدا ؛ لان بتطالب مين ينفذ ؛ وازاي البشر الموجوديين حاليا لو خرجنا واحد منهم يطبق الشريعه حيخلص على سكان مصر كلهم ؛ احنا عندنا تدهور اخلاقي رهيب مش بس في طلوع البنت رحلة او ما طلعهاش انما في موازيين العدل ؛ في الإيمان بالله هو الرزاق تلاقي البنت بخمار تحت الركبة وهارية صاحبتها اسافيين عشان خايفة تاخد مكانها عشان اشطر منها ؛ في المال الحرام تلاقيه عايش في الجامع ورافض يدي اخته ميراثها من ابوها ؛ في الغش ؛ في النصب ؛ في الرشوة ؛ في الرحمة ؛ في الكرم ؛ في الرضا ؛ في كل قيمة من القيم اللي الرسول بعث عشان يتمم مكارمها ؛ فيه اربي جيه نزل فتت الاخلاق ؛ من الآخر الناس عاوزة تتربي ؛ تتربي بعقيدة تخش الدماغ وتملاه فينطبق قول الله تعالى وما يتذكر إلا اولوا الألباب ؛ يعني ما نعملش زي بني اسرائيل اما مسكوا في ظقوس تقديم القرابين ونسيوا العقيدة والاخلاق فنزل الرسول عسيسى عشان يحيها في نفوسهم من جديد ؛ ولذلك برضه هو امر بتطبيق شريعة موسي عشان ككده الانجيل اغلبه متعلق بالعقيدة والاخلاق لان الشريعة بالاساس موجودة في التوراة

Amr يقول...

محمد: المشكلة مش مع قبول الآخر، عادي إننا نقبله، بس منقبلش نفسنا زيه

سالي: إضافتك ثرية ومطولتيش ولا حاجة، وسيبك من تعهدات عدم التعليق

غير معرف يقول...

لذلك كانت
"واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه...الآية"

ليسوا فئة بعينها

موجودون في كل فئة لكنهم نوادر

وهم أكبر عناصر التثبيت كلما زلقت الأقدام

فبهم تشبث

غير معرف يقول...

كنت داخلة أعلق بس لقيت سالي كفت ووفت:))
متفقة معاك يا عمرو في كل اللي كتبته
واللي قالته سالي كمان
كل اللي كنت بتقول عليه ده موجود من زمان بس احنا اللي مكناش واخدين بالنا منه لاننا كنا صغيرين ... إدراكنا للأمور اختلف.. وانا شايفة انها حاجة كويسة اننا نبدأ نغير تفكيرنا واتجاهاتنا.. ده يعتبر نوع من التقييم.. بدل ما نقعد بالعشرين سنة مقتنعين بأفكار وحاجات وبعدين نعمل مراجعة للأفكار دي

بجد انا شايفة انه فيه أمل لمجرد التفكير في ده .. لمجرد الاحساس بالضيق والخنقة واليأس ووكل حاجة احنا متخيلين انها خانقانا دلوقتي أكيد جاي الفجر قريب
علياء ماضي

Amr يقول...

التعليق المجهول :)
علياء: تفتكري؟؟ يا رب