الأربعاء، أبريل 15، 2009

Overrated

كل مرة أبدأ فيها بالكتابة أرغب قبل أي شيء أن أضيف جديدا على أي مستوى، وبغض النظر عما قد أكتب، فمن الضروري أولا التخلص من نغمة الكآبة الباكية على ترك سنوات الجنون والانطلاق، والتوقف عن الشكوى من أعراض الشيخوخة المبكرة التي تضرب بقوة أواسط العقد الثالث من العمر... لا بد أن أنحي كل ذلك جانبا، وأكتب في أي شيء آخر.

لا أدري عم أكتب تحديدا! حسنا لنبدأ بالعبارة الإنجليزية القائلة Everything is overrated وهي تنتهي بصفة لا يوجد ما يعبر عنها في العربية بكلمة واحدة، أو هكذا أظن في ضوء معرفتي، المهم أن المعنى يدور حول كون القيمة أو التقدير الممنوح للأشياء يفوق ما تستحق في الواقع، والحديث عن كل الأشياء، أو لنقل أغلبها.

مصر نفسها أصبحت أوفر-ريتد! زحام في كل مكان، على الرصيف وعلى الطريق! وكما أثمر نقاشي مع صديقي عمرو منذ أسابيع، فإن فرص العمل ما أكثرها! ولكن أيا منها ليس في قطاع إنتاج سلعي! كل ما هنالك مجموعة من مراكز خدمة العملاء في كل التخصصات، ولكل الشركات، ومن مختلف الجنسيات، وبجميع اللغات.

كل الإنتاج خدمي، لا ننتج سلعة واحدة! ووداعا لأحلام الاكتفاء وقدرة الاقتصاد على الصمود داخليا إذا واجهنا حربا لأي سبب.

حتى سياسيًا، أصبحت متابعة السياسة الخارجية المصرية أمرا مضحكا! وكل أدوار الوساطة الإقليمية لم تعد مصرية، سواء كانت الفصائل السودانية أم اللبنانية أو حتى الحوار الفلسطيني الذي لا يقام في القاهرة إلا على سبيل القرب الجغرافي فيما يبدو.

بل إن الحديث أصبح كوميديًا عن ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية حول وجود مؤامرة إيرانية لاغتيال الرئيس المصري! ولا أدري لماذا تفعل إيران ذلك أصلا، ولماذا لم تلجأ لنفس الخيار مع خصم تاريخي مثل صدام حسين خلال حرب السنوات الثماني! أقول لتذهب إيران إلى الجحيم إن كانت هي ما يزعزع الأمن المصري بحكم مشروعها "الصهيوني من النيل إلى الفرات"، أو بحكم سجلها الدامي بحق شهداء مصر في حروبها، أو بحكم قربها جغرافيا ومشاركتها مياه المتوسط وأطماعها في سيناء.


بعيدا عن كل ما سبق، أصبحت لا أحب الكتابة الذاتية، لا أريد أن أكتب عما أشعر به أو فعلته أو أفعله أو أنوي فعله، لا أريد حتى أن يهتم من يقرأ بمعرفة هويتي حتى وإن كانت معلنة كما هي... لي من الأسباب الكثير، ما بين أخلاقي ومزاجي وغير ذلك مما لا أذكر الآن.

في كل الأحوال، أنا لم أعد مميزا بأي شيء، لست ببراعة خالد بن الوليد العسكرية، أو بحزم أبي بكر الصديق، أو بورع معاذ بن جبل، أو بعزيمة بلال بن رباح، أو بحكمة علي بن أبي طالب، وهذا ليس يزعجني في شيء على الإطلاق، بل يريحني، ويريح كاهلي من نير التميز، فما أفضل أن أكون واحدا آخر وسط الزحام بعيدا عن أية أضواء أو ضوضاء.

ربما لهذا أتمنى أن أعمل هنا قرب مسكني البعيد نسبيا عن جحيم العاصمة حتى وإن بقيت أقطن جزءا مما يسمى بالقاهرة الكبرى.

أشعر الآن بحالة ارتياح نفسي وأنا أفكر في خاتمة لهذه التدوينة، صحيح ذكري لهذا يتناقض مع ما كتبته قبل قليل بنفي رغبتي في كتابة أي شيء عن مشاعري وأفعالي، ولكنه تملك النوم من عينيّ قبل مقاومتي تلبية للفجر... بالمناسبة أنا أيضا أوفر-ريتد.

هناك 3 تعليقات:

Ayman Elsherbiny أيمن الشربيني يقول...

:D

ahmed يقول...

يبدو أنه سمة آخر الزمان ولكن بقليل من العبارات العصرية فالمعني واضح وهو أن كل شيء زاد عن حدة، فالإنسانية ضجرت من الضجيج والزحام والبحث عن المادية والابتعاد عن الروحانية، فسئمت النفس البشرية
أحمد حسن

Amr يقول...

أيمن
:D:D:D:D

أحمد: منور الأول يا مان
الله يحرق المادة يا أخي، ده احنا حتى من تراب