الاثنين، فبراير 18، 2008

الموضوع نفسه

في القطار كانت البداية، جلست على كرسي لا يجاورني فيه أحد، وناولني أمادو كتاب "شكلها باظت" لعمر طاهر بناء على طلبي، وقد قرأت كتابه الآخر "كابتن مصر" في القطار أثناء الإياب أيضا، حيث لم أحصل على أي منهما لمقاطعتي معرض الكتاب هذا العام، والحقيقة أنني ضحكت في العودة كما لم أضحك في حياتي، كالعادة دمعت عيناي من فرط الضحك، وظن الركاب المحيطون أن صبيا أبله يستقل معهم نفس العربة، ضحكت للدرجة التي منعتني من استكمال القراءة بعدما شعرت بسخونة في جسدي كناتج طبيعي للانفعال...

ولكن لماذا أضحك للدرجة؟ لماذا أبالغ في الضحك دوما؟ كانت لي قصة مماثلة مع أغنية "عبد القادر" لثلاثي الراي الشهير، والحقيقة أن استمرار إفراطي في الضحك يثير استفهامي أكثر، هل أنا مرح بطبعي؟ بالتأكيد لا! أم هل هناك طاقة مكبوتة بداخلي فتخرج كمبالغة في الانفعالات... لا أبالغ في انفعالات أخرى..! لا أدري!

قبل أن أنسى، أنوه أن عمر طاهر كاتب موهوب للدرجة الأبعد، والحقيقة أنه يعبر فعليا عن جيلنا ولو بشيء من الاختلاف نتيجة لفارق السن الذي يصل لتسع سنوات، حقا أشكره وقد راق لي أسلوبه للغاية.


وصلنا الإسكندرية ونزلنا منطقة "بير مسعود" بحثا عن شقة للإيجار لليلة واحدة فقط، لقطنا سائق تاكسي وركبنا معه صوب شقة تقع في محيط منطقة المحروسة، وأثناء ذهابنا بقى يتحدث وكأنه مدير الغرفة السياحية بالمدينة، يقول "السمسار ميودكش حتة! إنما سواق التاكسي يجيب لك أي حاجة! أي حاجة عندي".... ثم استدرك قائلا "إلا الحريم!".

وصلنا للشقة وبعد أن قابلنا المسئول عنها وتجولنا فيها قليلا، بادرنا السائق هامسا "بس بلاش حريم يا شباب"، رددت سريعا "لا إزاي!" مشيرا إلى لحية فراس وكأنه شيخنا، والحقيقة أن أمادو لحيته قد تعطي انطباع الشاب المتدين، أما لحيتي فهي لا ترى بالعين المجردة، ولكن إن اقتربت قليلا تلحظ شعيرات شعثاء تعطي إيحاء أنها لشاب يسعى للالتحاء لولا أنه أمرد، وبالتالي المظهر العام أنه ثلاثي متدين، فلم الشك؟!

بمجرد أن نزل السائق قلت "طالما ركز على حوار الحريم يبقى ليه في الموضوع!".


صلينا الجمعة وذهبنا إلى مطعم أسماك سبق وأن دعيت فيه من قبل صديقي السكندري أيمن، ولن أكشف عن اسمه أو موقعه حتى لا يزدحم أكثر فنحن نريده لنا فقط! أمادو لا يحب السمك عموما ولكنه أكل الأرز بالجمبري تضحية منه، بينما غصت أنا وفراس في نموذج مصغر لمتحف الأحياء المائية حتى امتلأت البطن عن آخرها، تساءلنا عن حجم الطاقة التي نملكها الآن، ومما تمكننا! الخيال الخصب نعمة!


انتقلنا بعدها مباشرة في تمشية طويلة نحو القلعة حيث شاهدنا الغروب أسفل سحب كثيفة لم تمطر، وبقينا صوب البحر ما بين كلام مشترك، أو سماع للأغاني المفضلة، ولو كان معي رصيد في الهاتف لأجريت مكالمة بعينها من هذا الموقع الذي شعرت فيه براحة تامة بعد تناول آيس كريم "عزة"، ولكن حمد لله أنني لم أشحن هاتفي إلى الآن حتى لا أجري مثل هذه المكالمة في لحظة لن أجد لها معنى لاحقا.

ولا يفوتني الاعتراف باستمتاعي بالتدخين من "بايب" فراس، عدة أنفاس للتجربة الجديدة، ولكنها لم تكن لتستمر كثيرا حتما.


عدنا إلى مقهى، ثم في تمشية طويلة حتى ستانلي، وحين مررنا بالمكتبة بقت قطة تتبعنا بشكل يثير الدهشة، مسحت على رأسها فكانت أليفة، أخبرنا عسكري أنها "مسعورة" وهي الكلمة التي سمعها أمادو حتى نهاية الرحلة "مسحورة" وعلى أساسها تصرف، ولكن كيف لعبت معها إذاً؟ ما كانت لتتركني حتما! وصلنا إلى الشقة حاملين فطائر "الشندويلي"، وما إن جاء وقت النوم حتى بدأت لعبة الحيرة، من سينام بمفرده في الغرفة ذات الفراش الواحد تاركا رفيقيه في الغرفة المزدوجة؟! الحقيقة أن أمادو رفض تماما فكرة النوم بمفرده، ليس خوفا بل عدم اطمئنان لجو الشقة بوجه عام.

جلسنا قليلا نتسامر عن أمور ما وراء الطبيعة كي نكسر رهبة الجو، وجدتني من جديد صاحب التراث الأعلى من الروايات العائلية حول العفاريت والجنيات وما شابه، شعرت أن عائلتي كعائلة أدامز، أو كأن أعضائها تخرجوا من مدرسة هوجوارتس للسحرة، ذهبت للغرفة ونعمت بنوم هادئ.


أخلينا الشقة في الموعد، وذهبنا لأداء الظهر والعصر قصرا وقبل الجماعة كي لا نسبب ارتباكا، وما إن خرجنا من المسجد قبل إقامة الصلاة حتى أتت إلى مسامعنا عبارات الدهشة من المحيطين "صليتم؟!!!"، "مش هتصلوا ليه؟!!!" وسؤال وراء آخر وكأن أمر سفرنا من المعجزات! المهم ابتعنا بعض شطائر الفول والطعمية والبطاطس من الزعيم كي نفطر على البحر.


بينما كنا على البحر، أخبرت فراس "نفسي في آيس كريم، بس لسة هعدي أجيب!" رد "يا عم يلا نروح، متخليش في نفسك حاجة!"، كم أنت رائع يا صديق!


لدى الشندويلي حيث الغداء، كانت أغنية "بحلم بيك" للمطرب الدميم سامو زين تدوي في الآفاق، ضحكت للغاية، وحين خرجنا قلت لفراس "عارف الأغنية دي هعمل لها معارضة! يعني تبقى بسرح بييييييك... بسرح بيييييك... أنا بسرح بيك!" ثم انطلقت في ضحك ساخر بصوت عال في وسط الشارع.


في الحافلة التي أقلتنا إلى "محطة مصر" شككت هل هي التي كنت أراها من النافذة أم سيدي جابر، فسألت شابا واقفا، أجابني "آه هي دي" هممت أن أقوم فباغتني "انت عايز القطر نفسه ولا ايه؟" ارتبكت قليلا والحافلة تسير بسرعة، فأخبرتنا فتاة تركب في الكرسي الأمامي لنا "أيوة هي، الحقها!"... نزلنا سريعا ونحن نتساءل عن الأبله الذي يرى حقيبة أمادو معنا ويتساءل إذا كنا نريد القطار أم لا! مضيعة وقت ليس إلا!


قبل اللجوء لبوفيه المحطة، كدت أنفجر من فرط الرغبة في استعمال الحمام، ذهبت إلى الحمام ذي التذاكر النقدية، ولكنه كان أسوأ من الحمامات المجانية في الواقع، لفت نظري على ظهر باب الوحدة التي التحقت بها عبارات مكتوبة بالطباشير على الخلفية الزرقاء.

كانت عبارات على لسان أحد الشواذ الذي لم يتردد في ترك اسمه ورقم هاتفه متحديا "الرجالة" أن يتصلوا به لتحقيق مصلحة مشتركة! حين أخبرت أمادو قال لي أن على خلفية باب الوحدة التي استعملها أيضا كانت هناك عبارة مكتوبة مفادها أن شخصا آخر كان يبحث عن شاذ لتلتقي مصلحتهما!!! هنا قال أمادو أن الحل يتمثل في سهم إرشادي نرسمه على كل باب يرشد إلى الوحدة الأخرى كي نوفر العناء على الثنائي الشاذ!!!


هناك 6 تعليقات:

Ayman Elsherbiny أيمن الشربيني يقول...

اتمنى تكونوا قضيتوا وقت سعيد

JuSt_hUmAn يقول...

قريت البوست تاني دلوقتي و وقعت من الضحك برضو..أنت مش ممكن يا ابني!!
البوست دا و كومنتات الفيس بوك خلوني في هيستريا ضحك!

غير معرف يقول...

تصحيح بس:
فراس هو اللى شاف فى الحمام الكلام بتاع الراجل التانى، وأنا ساعتها اقترحت السهم الإرشادى.

عطشان يقول...

عالى اوى البوست ده يا عمرو
تصدق بقى إن احلى حاجة فيك و انت بتضحك بهسترية كدا :d

Amr يقول...

تسلم يا ايمن

يا عمرو مش للدرجة والله، انت بتبالغ موت على فكرة

أمادو سلم لي ع الملكية الفكرية

محمد آه انت شفت بنفسك

ojg يقول...

طب انا بقى اعلق على ايه ولا ايه؟
على كتابات عمر طاهر
ولا على حبيبتي اسكندرية اللي خلاص هموت وارجعلها ولو يوم
ولا ضحكك الهستيري اللي وراه كلام كتير قوي
ولا على سواق التاكسي ده
والسي فوووود :)

أولا رحلة سعيدة
وثانيا بوستك حسسني اني في اسكندرية وواقفة ع البحر والرذاذ جه عليا كمان
ثالثا بقى
طلعتها في دماغي قوي
وهسافر وليحترق الشغل
:)