يبدو أنه لا مفر من العودة إلى التدوين الذي بدأته
قبل سبع سنوات.. توقفت لأكثر من عام وكنت أظنه توقفا إلى ما لا نهاية، وفضّلت حينها
الكتابة عبر فيسبوك لوجود قدر أكبر من التفاعل هناك، ولكن الواقع كان مغايرا بشكل جعلني
أنفر من فكرة التفاعل وأبحث عن مساحة أكتب فيها ما لا يقرأه أحد.. فمصر باتت أشبه بحديقة
"ما دون الحيوان" في الآونة الأخيرة. كثيرون للغاية فقدوا مشاعرهم وفقدوا
آدميتهم وحتى حيوانيتهم، وللأسف فإن كثيرين من هؤلاء كنت أظنهم على قدر من العلم أو
الثقافة أو رجاحة العقل.. ولكنهم بنفس طائعة راغبة غير مضطرة ولا مكرهة سلموا لجامهم
للموجة الرائجة عبر إعلام رجال الأعمال الفاسدين.. وكثير منهم أكاد أجزم أنه قرر
السير في الاتجاه الذي يجعله يبدو على قدر أكبر من الوجاهة الاجتماعية في صحبة
الفتيات محترفات البلاهة اللاتي لا يعرفن شيئا.
وللأسف سقط كل هؤلاء في أول اختبار إنساني سقوطا مروعا
بسبب خلافات سياسية، ونسوا أو تناسوا أن المأزق الحالي أكبر من أن يكون سياسيا
فحسب، وأكبر من أن يكون مرتبطا بجماعة الإخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية بوجه
عام.. كثيرون منهم لم تهتز لهم شعرة عند سقوط شهداء أمام الحرس الجمهوري أو عند
المنصة أو في مناطق أخرى.. فقط ركزوا كل اهتمامهم على إدانة الضحية والإتيان
بالسياسة مرة أخرى في المشهد لتحميل تيار بعينه مسئولية ما يحدث.. صاروا كمحللين
سياسيين ليست الأبعاد الإنسانية ضمن حساباتهم.
غسيل المخ الذي قام به الإعلام القذر وحملة
الشيطنة والرغبة في الكِبر و"تخليص الضمير" كانت أهم العوامل التي سيطرت
على المشهد في الأشهر الأخيرة.. لا أحد يريد أن يعترف بأنه قد أخطأ.. فقط يقول إن
ما يحدث للمنتمين للتيار الإسلامي الآن هو جزاء ما فعلوه سابقا! ومع أنه كان
ينتقدهم لهذه الروح "الشامتة"، فإنه الآن لم يستطع أن يثبت أنه أفضل
منهم.. بل سقط في نفس الهوة.. فلا أعرف هل لو استباح الإخوان السرقة مثلا فهل
سيكون ذلك مبررا له هو أيضا كي يسرق بدعوى أن "الإخوان عملوا كدا هما
كمان"؟
هم الآن يركزون على مظاهر التسليح في بعض تجمعات
واعتصامات الإسلاميين، وهذه حقيقة ولا داعي لا تبريرها.. ولكن لا داعي أيضا
لاقتطاعها من سياق كبير اسمه "الاستباحة" لكل ما هو يبدو على صلة
بالإخوان.
لا أشفق على أولئك المهددين بالقتل في أية لحظة
بقدر ما أشفق على طائفة الحالمين الذين لا يزالون مؤمنين بأن 30 يونيو كان مجرد
موجة جديدة في الثورة وأن "الشباب" –ولا تسأل أي شباب- لن يتوانى عن
التدخل مجددا لتصحيح الموقف إن اختطف العسكر السلطة (أحقا؟!!).
على أي حال.. سأنشر ما كتبت على الفيسبوك في
الفترة الماضية قبل أن أقرر التوقف، على أن يكون تاريخ كل تدوينة مكتوبا في صدرها..
ذلك ضمن عملية التأريخ الذاتي.. فكما قلت لا أنتظر من أحد أن يقرأ ما أكتب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق