14 نوفمبر 2012
لم يكن يليق بمصر في أي وقت سابق أن تقف متفرجة وإسرائيل تصب رصاصها فوق غزة، ولكن كان الوضع مفهوما في ظل وجود نظام ديكتاتوري يعتبر فصيلا فلسطينيا مثل حركة حماس أخطر على الأمن المصري من الصهيونية ذاتها.
كان الأمر مفهوما لأن في تل أبيب وصفوا رأس النظام المصري بالكنز الاستراتيجي لإسرائيل، ولأن وزير الخارجية في القاهرة وقتها كان يدلي بتصريحات قد يستحي منها الأمريكيون حرصا على مشاعر الجمهور العربي.
أما الآن فالوضع مختلف للغاية، فالرئيس في مصر ابن جماعة الإخوان المسلمين التي يحمل فرعها الفلسطيني اسم "حماس"، وهو من خرج طويلا في مسيرات تندد بالمواقف المخزية لسلفه إزاء حصار غزة الذي لا يزال قائما ولو بوطأة أقل.
ولا أدري إذا قرر الرئيس محمد مرسي الصمت أو تكرار نفس ردود الأفعال الكرتونية للرئيس السابق حسني مبارك.. فماذا سيكون السبب؟
آمل ألا يكون السبب حينها هو الخوف من المعارضة ومواصلة مسلسل الانبطاح أمامها، فهناك من سينتقده مهما فعل.. فلو اتخذ موقفا مخزيا فسيتعرض للمزايدة.. ولو قرر الحسم والوضوح لاتهموه بالسعي لإدخال البلاد في حرب لا طاقة لنا بها الآن.
لا ينبغي بالتالي للرئيس أن يضع في حسابه ما ستقوله المعارضة.. ولكن الأجدر به أن يضع في حسابه ضميره ومبادءه وتاريخ جماعة الإخوان المسلمين مع القضية الفلسطينية بدءا من حرب 1948 وحتى قبل ذلك.
قدم الإخوان شهداء على أرض فلسطين، وأشعلوا الجامعات والنقابات تضامنا مع الانتفاضات وغضبة لأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ومحمد الدرة وغيرهم. إن موقف الإخوان من القضية الفلسطينية لو تعرض للتشكيك فعلى الجماعة أن تدرك أنها تُضرَب في أساس شرعيتها، ولن يُقبل أي عذر للبحث عن المصداقية بعد ذلك.
الرئيس مرسي الآن أمام طريقين: إما أن ينتصر للبراجماتية وينسف فكرة وجود "مبادئ" في السياسة مهما كانت الشعارات سامية.. أو يبقي على شيء من الأمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق