الاثنين، يوليو 27، 2009

حواديت

أغنية لمنير اتأخرت عني 14 سنة!


ياما في زماننا قلوب رسماها أعمارنا..
زي النجوم حواديت.. على ضل شباكنا.

***

دي مركبي فضة..
وفرحي لو قضّى..
حبيبتي تبقى معاي..
من غيرها مش هرضى!

ساعات أتوه مرات..
ألقى القمر هدّى..
يسقي النسيم شربات..
في ليل طويل عدى.

الصعب راح وّلى.
الحب ده أحلى.
لو وقفت الساعات..
صوتي أكيد أعلى.

لو زارني فرحي ساعات..
حواديتي مابتخلصش..
قمري حصان في الليل..
نجومه دي بترقص.

والحلم ويايا..
والذكرى جوايا..
من بين كتير حكايات..
حكايتنا دي حكاية.

ساعات أحب حاجات..
مايحبهاش غيري..
في الرايحة في الجايات..
بغني مع طيري..

طمّني أطمّن..
في القلب راح تسكن..
وطول هواكي معاي..
أتدفى واطمّن.

الخميس، يوليو 23، 2009

هناك آخرة




هذه ليست تدوينة دينية، ولكن إن كانت.. ليس عيبا.


نحن الآن في أواسط 2009 أي قاربنا نهاية العقد الأول من القرن، وهذه السنوات العشر تحمل بينها مئات التناقضات في نظري، ربما يبرز بينها ذلك التناقض في الموقف من فكرة الآخرة، وأن لهذه الحياة نهاية هي الموت، ثم تأتي مرحلة الآخرة حيث الحساب والعبور إما إلى الجنة أو النار.

أعتقد أن النصف الأول من هذا العقد كان في أغلبه يتسم بوجود مد للمشاعر الإيمانية حتى مع كل التحفظات التي لا يتوقف أعداء عمرو خالد عن ترديدها، وأقول أعداء لا منتقدي لأن الفارق كبير بين النقد والرفض لشخص ما بما يعكس حالة عداء واضحة قد تكون لها تبريراتها.

على كل حال كان تفكير قطاع لا بأس به من الشباب أو من هم تحت العشرين تحديدا غارقا في قضايا ذات أبعاد إسلامية، حتى ولو كانت خيرية عامة مثل مشروعات "شنطة رمضان" التي مازالت مستمرة بثوبها المتطور كل عام والتي قد تأخذنا لحديث آخر نظرا لارتباطها بثقافة العمل الخيري في مصر الذي لا يخلو من عيوب واضحة.

بل بشكل فكري، كان قيام الليل وقراءة التاريخ والتأثر بسير الصحابة من معالم المرحلة، فكان طبيعيا أن تجد حذيفة بن اليمان محور حديث جمع من الفتية أسرع أغلبهم للتسجيل في برامج حفظ القرآن التي تقدمها بعض المساجد الكبرى.

وكانت فلسطين حاضرة بقوة، ربما لحادثة استشهاد الشيخ أحمد ياسين والتي تبعتها حادثة استشهاد عبد العزيز الرنتيسي، أو ربما في إطار مشاعر العار التي صاحبت سقوط بغداد ومن قبلها كابول.

في كل الأحوال، كانت هناك حالة إيمانية عامة تنعكس على الأقوال والميول وأحيانا كثيرة السلوكيات والأنشطة الاجتماعية مهما كانت انتقاداتي أنا شخصيا أو غيري.

ولكن كل هذا تبخر! ولست ميالا للجزم بأن ميلودي ومزيكا مسئولتان عن هذا! ولكن حقيقة لا أدري ماذا حدث! ربما الحياة العملية.. ربما انتهاء الدراسة.. ربما حروب الحب.. ربما كأس الأمم الأفريقية.. ربما انتهاء مرور النسيم.. ربما زوال الموضة.. ربما أي شيء آخر.. وفي كل الحالات لا أعرف!

قد تكون الماديات بوجه عام هي السبب، وهذا ما أستشعره حين لا أقرأ لدى غالبية من أقابلهم أية فكرة عن الآخرة! بالتأكيد الغالبية تؤمن بوجود اليوم الآخر.. ولكنه إيمان عميق تحت الرمال، شيدت فوقه البنايات الشاهقة حتى أصبح نسيا منسيا، قد يحتاج استخراجه من جديد إلى صدمة نفسية تولدها زيارة للمقابر لشهود دفن أحد الأقرباء.. ولكنها تكون مؤقتة المفعول.

هذا ليس ادعاء للزهد، ولكن كثرة التفكير في الآخرة قد تساعد أحيانا على اللامبالاة الإيجابية إن صح التعبير، فلا يتوقف الفرد أمام إحباطاته كثيرا، بل قد يتعامل معها بابتسامة ساخرة وكأنه شيخ في الثمانين، يعمل ما ينبغي عمله بموجب شعوره بالمسئولية، ولا يطمح في المزيد.

انعدام التفكير في الآخرة تجده في أبسط تصرفاتنا، ولا أريد ضرب الأمثلة وإلا سأكون كالقائل "مثل شروق الشمس كل صباح"، فلم يضف جديدا قط.

هناك أيضا حالة من التشكك الداخلي لدى كثيرين منا، وهذه حالة إيجابية، وأعتقد أنه من السلبي ألا يمر بها أحد، أعني التشكك في وجود الآخرة، بل وفي جدوى كل شيء من بدايته إلى نهايته، وربما التشكك فيما هو أبعد، ولا عجب فالإلحاد في حد ذاته أصبح موضة بين فئات شابة بشكل يثير الضحك أحيانا، ولا يثيره أحيانا أخرى.

وأؤمن أن على المتشكك ألا يبحث بطريقة من يريد تفنيد شكوكه، بل من يريد أن يعرف ويعثر على الطمأنينة في بقعة ما.

هناك أيضا أزمة فائض في الاعتيادية، فتكرار النماذج أصبح مملا وباعثا على الاشمئزاز، فالغالبية تريد أن تعيش وتموت كبعضها! لا فوارق، بل ثبات على نهج العادات والأعراف والتقاليد والقيم السائدة بغض النظر عن صحتها من عدمها.

فالفتاة مهما بلغ عقلها لا تقبل المساس بإمكانية التخلي عن إقامة حفل زفاف تلطخ فيه وجهها بالمساحيق، والفتى الذي ينقصه االكثير لتوفير أساسيات الحياة مازال يحلم باليوم الذي يقود فيه سيارة بي.إم.دبليو، وكل منهما يعلم عدم جدوى ما يريد أو ما يقدس، ولكنه لا يقدر على مواجهة نفسه والآخرين فيفرط فيما جعله قدسا.

قد تكون الآخرة كما قلت وسط الكلام حلا يوفر اللامبالاة الإيجابية، ولكن ليس على مبدأ أن في الجنة أفضل والسلام، فهذا مبدأ من يضمن لنفسه دخولها ولا أحد بإمكانه ذلك! إذًا الموضوع متعلق أيضا بفكرة النار، أو حتى فكرة الموت، أن كل هذا لن يساوي شيئا ولن يغني عن أحد أي شيء، فما جدوى التمسك؟

قد أكون تحدثت عن جيلي، أو عن دائرة المحيطين بي، أو عن نفسي فقط، أو عن خيالي وحده، ولكن في كل الأحوال كتبت ما أشعر به منذ مدة، وهو ما حدثت عنه أحد أصدقائي في ليلة ليست ببعيدة، وأعتذر عن عدم الترابط والترتيب في الفقرات.

على الهامش: هناك حالة بلاهة مطبقة تسيطر على قطاع من الفتيات اللاتي يرين في أنفسهن أديبات حين يكتبن status مضحك ومثير للحنق في الوقت ذاته على الفيس بوك، مثل "النهاردة هعمل حمام بالفريك" أو "كوبان" أو "اشتريت النهاردة حلاوة المولد" وغيرها مما يجبرك حينها على الصراخ قائلا "وأنا مال أهلي!" أو "هي دي ا، فضلا عن الفتيات اللاتي تحددن مواعيد للقاء بينهن عبر الحائط المتاح لكل دائرة معارفهن! أي دون أية خصوصية.

الأحد، يوليو 05، 2009

هاااااااوم

ربما يكون لتهاوي نجم المدونات بصفة عامة أثر محمود على هذه المدونة تحديدا، فلم تعد تحظى بمتابعة كما كان في السابق، وهو ما يجعل محتواها أكثر تجريدا بقتله بعض مما كان يمكن أن يصيب الكاتب من زهو أو رياء أو تجمل بشكل لاإرادي وبحكم بشريته.

نجحت أخيرا في تغيير اتجاه اللغة ليصبح من اليمين إلى اليسار تماشيا مع قراري السابق بتحويل المدونة كاملة إلى اللغة العربية والتوقف عن الكتابة الموسمية بالإنجليزية، وهذا شيء يبهجني فعلا.

أعيش هذه الأيام معجبا بأغنية The Memory of Trees للمبدعة الأيرلندية Enya، والتي أعتبر أغانيها -كغيرها- قصيرة العمر في إبهاري، لسبب لا أدريه لكن اعتيادية الظاهرة تجعلني لا أهتم بالبحث عن تفسير.

قد تكون إنيا والسلت عموما وموسيقاهم وحتى فريق The Corrs من أسباب رغبتي في زيارة أيرلندا وشمال بريطانيا يوما (حيث أتخيل عالم هاري بوتر). دوما أعجبتني تلك القلاع المطلة على التلال الخضراء والغابات، أو حتى الغموض الذي يفوح من أغنية The River Sings لإنيا.

لا أعرف لماذا عاد هاجس السفر بالنسبة لي من جديد بعد أن زهدت في فكرة ركوب الطائرة ورؤية بلد جديد وعالم آخر بعيدا عن بلادي التي لم أغادرها إلى الآن. ولا أدري تحديدا لماذا إيطاليا فقط من بين الدول "المعتادة" هي من أرغب في زيارتها! فلا أريد برشلونة أو لندن أو باريس أو نيويورك، وبالطبع مازلت أحتفظ بنفس المقت تجاه شرق آسيا بأكمله سواء طوكيو أو بكين أو بانكوك أو سيول، وربما أستثني ميانمار انطلاقا من وازع الفضول.

لماذا إيطاليا وهي هدف القوارب المصرية في المتوسط؟ لا أدري! ربما بسبب رواية قرأتها، أو بسبب خلفيتي الضئيلة عن لغة أهلها، فدائما جذبني المجهول مثل حلم زيارة آسيا الوسطى، وبالتحديد أوزبكستان! ذلك الحلم الذي نسفه قبل تصريح التجنيد.. سعر التذكرة الوهمي من القاهرة إلى طشقند على متن الخطوط الروسية، فضلا عن الشروط التي رأيتها صعبة للحصول على تأشيرة الدخول إلى بلاد بخارى وسمرقند وخوارزم.

العقبة أن كل البلاد التي أرغب حقيقة في زيارتها تتسم بارتفاع ثمن التذكرة بسبب المسافة أو ندرة حركة الطيران، فصحراء مالي وتمبكتو القديمة تبدو هدفا صعبا، شأنها شأن جولة في الأرجنتين وتشيلي حيث لا أعتقد أنني سأرى أيا منهما يوما حتى مع رغبتي في ذلك.

أشعر أن العمر مر بسرعة غريبة، وأن الأحداث توالت كانفراط عقد، ربما لذلك أعجبت بأغنية "مرجيحة" لحمزة نمرة لدرجة تحويلها إلى رنة هاتفي! صحيح.. منذ قرابة شهرين فقط امتلكت أول هاتف حديث أو متعدد التقنيات. لم يعد الآخرون ينظرون لي بدهشة وأنا أجيب مكالمة على هاتف نوكيا 1208 أو من قبله وأنا أسجل رقما على نوكيا 2300 على الرغم أنني كنت أتعامل مع أي منهما بسهولة كبيرة ودون الحاجة إطلاقا للخصائص المتوفرة في هاتفي الحالي، لماذا اشتريته إذًا؟ كانت فرصة! سعر منخفض ومن شخص أثق فيه.

يغلبني النعاس، وقد حان وقت النوم لإضاعة ثاني أيام العطلة الأسبوعية، ربما يعبر عنوان التدوينة عن حالتي مع فارق وضع يدي على فمي أثناء التثاؤب كما علمتني أمي.

كنت أتخيل أنني سأكتب الكثير بعد انقطاع عن "روح" ما كنت يوما أكتب، ولكنها من جديد الشيخوخة المبكرة تؤكد إحاطتها بي إحاطة السور بالمعصم مع أني لم أكن معصما لأحد.

صحيح... عدت من جديد للكتابة مع منتدى ناشئ بناء على دعوة زميل سابق في عالم المنتديات، ولكن يبدو أن العرض جاء كما قال صديق آخر بعدما بدأت الحكمة تتسرب لأغلبنا وأعطينا الصمت قدره زاهدين في الرد.

الجمعة، يونيو 19، 2009

1-0




الخميس 18 يونيو 2009 يوم تاريخي بلا شك! أن نفوز على أبطال العالم!!! لا أدري كم سعادتي حقا، ربما لم أكتب كثيرا عن كرة القدم في هذه المدونة، ولكن حان الوقت للتخلي عن القاعدة لأن المناسبة بلا شك تستوجب الاستثناء.


مصر تهزم بطل العالم في بطولة رسمية! أطلقت صرخة مشتركة مع زملائي في العمل وأنا أشاهد محمد حمص يرتقي برأسه ليحول ركنية أبو تريكة في شباك من؟ جانلويجي بوفون!!! حقا مشاعد يعاد آلاف المرات دون أي ملل.


مرت في نهاية اللقاء خمس مرات كالدهر! وكوني مطالب بكتابة متابعة المباراة لوسيلة، أو لممول لوسائل أخرى، يحتم عليّ أن أنسى مصريتي التي كانت تتفجر داخلي وقتها.


فكرت في العنوان، "حمص والحضري يثأران لكليوباترا"، ولكنه كان غير مفهوم ولا أدري لماذا تندرت بفكرته قبل اللقاء مع زميل لي أثناء توجهي للحمام!


وبغض النظر عما سنفعله أمام الولايات المتحدة، لقد استمتعنا بالبطولة!


وكل الشكر لحسن شحاتة، أعظم مدرب في تاريخ الكرة المصرية، جمعني القدر به مرة وقتما كان مدربا لفريق "المقاولون العرب"، في مؤتمر صحفي كنت مازلت طلبا وأحاول سؤاله ولم تسنح لي الفرصة، فأمسك بيدي حتى فرغ من الإجابة على الآخرين، ثم بقي معي ليجاوب عن سؤالي.


ورغم وجود انتقادات وكل شيء، حفر ذلك الرجل اسمه في قلوب المصريين بعد أن حفره لاعبا ماهرا عبر مسيرته.


ويكفي شحاتة ما قدمه لمصر من كأسين لأمم أفريقيا، إحداهما في عرين غانا والأخرى تحت ضغط عصبي قاتل، بجانب كأس أفريقيا للشباب، وبلوغ الدور الثاني من مونديال الشباب، فضلا عن انتزاعه كأس مصر بذئاب الجبل وقتما كانوا من فرق الدرجة الثانية.


لا أنسى أن الحضري ورغم كل السهوات، ورغم كل شيء يبقى الحارس الأفضل في تاريخ مصر، كما يبقى أبو تريكة واحدا من أكثر اللاعبين عبقرية ممن شاهدتهم في حياتي.


بالمناسبة، صحيفة "جازيتا ديللو سبورت" الإيطالية شهيرة نشرت عقب المباراة في نسختها الإلكترونية صورة جاتوزو "الشهيرة" مع أبو تريكة بجوار عبارة "إيطاليا تبقى باللباس الداخلي"، وعلى الصورة "جاتوزو في عرض ستريبتيز مرتجل ولاإرادي".



الأحد، مايو 31، 2009

كراس


مرة أخرى أعود وأكتب عن نفسي، حتى مع تعهدي بغض الطرف عن ذاتي، لا أدري لماذا تحديدا أكتب ما أكتب.. ربما التساؤل نفسه غير جائز.

كنت أروي اليوم بداية تعلقي بكرة القدم، لا أدري المناسبة ولكن الحديث أخذنا لذلك المنحى، حيث أبحرت في ذاكرتي لبدايات 1996.

وقتها كانت كأس الأمم الأفريقية تقام في جنوب أفريقيا، وكنت لم أكمل عشر سنوات بعد، إلا أنني بقيت أسيرا لشاشة التلفاز أتابع أغلب المباريات بما فيها مباراة ميتة طرفاها سييراليون وبوركينا فاسو حيث فازت الأولى 2-1.

ومضى عامان، وجاء كأس العالم 1998 حيث كنت وقتها فرغت للتو من امتحانات الصف الأول الإعدادي، حينها، ودون أن أدري أو أفكر كثيرا في ماهية ما أفعل، أخذت كراسا أخضر 80 ورقة بغلاف طفولي يمثل الضفدع الشهير "كرميت" وهو يركب بالونًا ويلوح بيده.

تحول هذا الكراس لما يشبه بمجلة عن البطولة، فقبل انطلاقها كنت أقرأ كل ما يرد في الجرائد عن كل الفرق، وبالتالي أصبحت لدي خلفية تؤهلني لكتابة صفحة عن كل فريق تشمل استعراضا لأهم نقاط القوة والضعف وتوقعاتي لمسيرته في كأس العالم، بجانب العلم الوطني في نهاية الصفحة بألواني.

ومع بداية البطولة كنت أدون نتيجة كل مباراة وأهدافها مع انتظار اليوم التالي حتى تنشر صور منها في الجرائد، فأقصها وألصقها في كراسي وأكتب تحتها تعليقا من اختياري.

وحافظت على قوام الكراس حتى رغم سفري إلى مرسى مطروح أواسط البطولة، فعدت لأدون كل ما فاتني، وأغرق باحثا عن نتيجة مباراة كرواتيا ورومانيا في دور الستة عشر (1-0) حيث لم أملك وقتها كومبيوتر أو أعرف البحث على الإنترنت الذي كان موعدي الأول معه بعدها بثلاثة أشهر.

ومرت السنون وأبقيت على الكراس في دولاب والدتي، وفجأة لم يعد موجودا! ولا أدري السبب، ربما أثناء انتقالنا للمنزل الحالي ضل الطريق.

والآن بعد 11 عاما، أشتاق إلى هذا الكراس، بكل سذاجته، بكل ذكرياته، ورغم فقدان الأمل عمليا في وجوده.. لا أعرف لم أشعر أنني سأمسكه بين يدي يوما.






أول تي-شيرت كرة اشتريته كان الزي الاحتياطي الأزرق للأهلي
كنت متابعا للكرة أفضل من كوني لاعبا

الجمعة، مايو 15، 2009

كلام

لا شيء في هذه الحياة يساوي شعور الفرد أن هناك من يحبه ويفتقده، ذلك الشعور الذي أجده في معانقة صديق أعرفه منذ أكثر من عقد، تحول بيننا المشاغل والحياة، ولكن يجمعنا دائما عناق حار، يعود إلى أيام المدرسة الإعدادية، حين كنا صبية لم تلعب "المصلحة" أي دور بأي نسبة في تشكيل صداقتنا، أو قل أخوّتنا.


أعي جيدا أنني لم أعد أستخدم ضمائر المخاطَب فيما أكتب، لا أريد أن أفرض رؤيتي على من يقرأ إن كان هناك أحدهم... فقط أريد أن أكتب أحيانا.


هل أتنازل عن شهادتي الجامعية؟ ربما ألجأ لذلك كمواجهة لحملة التشويه المسبقة لكل من كان ذنبه أنه التحق بجهة تدرس الصحافة، أو أنه قرر أن تكون الكلمة والجملة مهنته وجرمه أنه وُفِّق لتحقيق ما أراد.


"شد الحزام"... أغنية أحبها وحل جميل.


الثلاثاء، مايو 05، 2009

الرحمة

الجدل الدائر على مدار الأسبوع الأخير هو أنفلونزا AH1N1 التي عرفت في البداية عن طريق الخطأ باسم "أنفلونزا المكسيك"، لتعرف بعدها بخطأ ثان باسم "أنفلونزا الخنازير" وتبدأ موجة من الجهل والعنصرية والتعسف والتسييس تعصف بالشارع المصري.

وبلغ الجدل ذورته مع قرار "إبادة" الخنازير بحجة تطهير مصر من المرض، وهو القرار الذي سبقته عرائض وحملات ومجموعات على الفيس بوك، فحواها عنصرية واضحة وقسوة بالغة وجهل جم.

اعتقدت الغالبية، وبمنتهى الصراحة، أن الدولة لن تقول "بم" في قضية الخنازير باعتبار أنها حيوانات تربى في الأعم الأغلب في مراعي يملكها مسيحيون، ويستهلك لحومها بالطبع مسيحيون أيضا، وبالتالي فإن الدولة في سياسة التراجع أمام المسيحيين لن تملك سوى ترك الخنازير بعكس ما فعلته من إبادة للدواجن قبل سنوات قليلة في ظل غزو أنفلونزا الطيور.

ونسيت هذه الغالبية أن الطيور التي أبيدت كانت مملوكة لمسلمين ومسيحيين على حد السواء، وأن من تضرر بالأزمة كانوا من مرتادي المساجد والكنائس معا، وبالتالي لا معنى أن تكون قضية الخنازير في وجه قضية الدواجن، ومن ثم الحديث عن ازدواجية في المعاملة.

وبالطبع توالى الهراء، فعشرات المحامين يطالبون البابا شنودة بموقف "وطني تاريخي" يتمثل في إعلانه تحريم أكل لحم الخنزير في مواجهة الأزمة! وهي نفسها الأزمة التي لم تقابلها أية دولة في العالم بقرار إبادة مماثل! الأزمة التي كشفت للمرة الثانية بعد أزمة الطيور أن الإدارة المصرية لا تعرف شيئا عن مواجهة الأزمة، وهذه قاعدة طبقها على أي مستوى أو أي مجال إن شئت.

فبدلا من تشديد الرقابة الصحية على الحظائر واستبعاد الحيوانات المصابة، وإمداد العاملين بإجراءات الوقاية اللازمة، ونقل الزرائب لخارج المدن، أو تحويلها إلى مزارع إلزاميا، كان القرار الأسهل هو الإبادة!

هذا إداريا، أما شعبيا فكان الأمر مضحكا، فهناك من يقول إن هذه الحيوانات محرم أكلها وهذا دليل على إعجاز الإسلام وعظمته، والحقيقة أن الإسلام ديني لم يزد شيئا أو يقل في أزمة كهذه، هذا ببساطة لأن من يرددون هذه العبارات تناسوا أن الإسلام لم يحرم الطيور التي أصيبت بالأنفلونزا مثلا! وبالتالي فإن تحريمه للخنازير لذات السبب ليس منطقيا... بالتأكيد حكمة التحريم في الإسلام لها أبعاد أخرى غير هذه.

كما أن هناك فارقا بين تحريم أكل حيوان ما وحقه في الحياة! فهل لأنه محرم يتم إعدامه؟!! هل نعدم الكلاب لأن هناك من يعتقد في نجاستها؟ هل نعدم الجوارح لأن أكلها غير جائز؟ هل خلق الله الخنازير دون أية فائدة على الإطلاق؟ هل خلقها عبثا؟ ولماذا لا نحترم حق المخالفين في الدين في تناول ما لم تحرمه شرائعهم؟

أضف إلى ذلك عبارات العنصرية، من طراز أن الخنزير حيوان "قبيح الشكل"، وكأن هو من خلق نفسه! وكأن قتل الغربان واجب لأنها قبيحة أيضا بمقاييس البشر القاصرة، ناهيك عن التحجج بقذارة الخنزير وقذارة مأكله، وكأن الماعز الذي يأكل أوراق الكتب الدراسية يتغذى على الكافيار بالمقابل، أو أن البط الذي يلتقط الديدان يأكل من المراعي! أي قذارة في بلد عبارة عن "زريبة" كبيرة؟!

كل هؤلاء تناسوا أيضا أن الكمية الهائلة من لحوم الخنازير المذبوحة ستسرب الآن إلى المطاعم لنأكلها جميعا رغم أنوفنا حيث لم تعد بالثلاجات سعة تستوعب هذه الكميات الهائلة! سنأكلها الآن وهي محرمة علينا ودون أن نعلم بفعل هذا القرار التعسفي!

أضف إلى كل ذلك الزيادة الحتمية في أسعار لحوم الماشية والأغنام، فلحم الخنازير الذي كان يسد خانة ما لدى شريحة من المستهلكين لم يعد موجودا، وبالتالي سيزداد الطلب على البدائل ليرتفع سعرها في دولة ترتفع فيها الأسعار بمناسبة أو بدون مناسبة.

أشعر بغاية الأسى حين أرى وأسمع متعلمين ينطقون بتلك الكلمات، أو يتناقلون تلك الأفكار في التعامل مع قضية كهذه، ولا أملك غي تدوينة كهذه أو نقاش مع صديق.

الأربعاء، أبريل 15، 2009

Overrated

كل مرة أبدأ فيها بالكتابة أرغب قبل أي شيء أن أضيف جديدا على أي مستوى، وبغض النظر عما قد أكتب، فمن الضروري أولا التخلص من نغمة الكآبة الباكية على ترك سنوات الجنون والانطلاق، والتوقف عن الشكوى من أعراض الشيخوخة المبكرة التي تضرب بقوة أواسط العقد الثالث من العمر... لا بد أن أنحي كل ذلك جانبا، وأكتب في أي شيء آخر.

لا أدري عم أكتب تحديدا! حسنا لنبدأ بالعبارة الإنجليزية القائلة Everything is overrated وهي تنتهي بصفة لا يوجد ما يعبر عنها في العربية بكلمة واحدة، أو هكذا أظن في ضوء معرفتي، المهم أن المعنى يدور حول كون القيمة أو التقدير الممنوح للأشياء يفوق ما تستحق في الواقع، والحديث عن كل الأشياء، أو لنقل أغلبها.

مصر نفسها أصبحت أوفر-ريتد! زحام في كل مكان، على الرصيف وعلى الطريق! وكما أثمر نقاشي مع صديقي عمرو منذ أسابيع، فإن فرص العمل ما أكثرها! ولكن أيا منها ليس في قطاع إنتاج سلعي! كل ما هنالك مجموعة من مراكز خدمة العملاء في كل التخصصات، ولكل الشركات، ومن مختلف الجنسيات، وبجميع اللغات.

كل الإنتاج خدمي، لا ننتج سلعة واحدة! ووداعا لأحلام الاكتفاء وقدرة الاقتصاد على الصمود داخليا إذا واجهنا حربا لأي سبب.

حتى سياسيًا، أصبحت متابعة السياسة الخارجية المصرية أمرا مضحكا! وكل أدوار الوساطة الإقليمية لم تعد مصرية، سواء كانت الفصائل السودانية أم اللبنانية أو حتى الحوار الفلسطيني الذي لا يقام في القاهرة إلا على سبيل القرب الجغرافي فيما يبدو.

بل إن الحديث أصبح كوميديًا عن ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية حول وجود مؤامرة إيرانية لاغتيال الرئيس المصري! ولا أدري لماذا تفعل إيران ذلك أصلا، ولماذا لم تلجأ لنفس الخيار مع خصم تاريخي مثل صدام حسين خلال حرب السنوات الثماني! أقول لتذهب إيران إلى الجحيم إن كانت هي ما يزعزع الأمن المصري بحكم مشروعها "الصهيوني من النيل إلى الفرات"، أو بحكم سجلها الدامي بحق شهداء مصر في حروبها، أو بحكم قربها جغرافيا ومشاركتها مياه المتوسط وأطماعها في سيناء.


بعيدا عن كل ما سبق، أصبحت لا أحب الكتابة الذاتية، لا أريد أن أكتب عما أشعر به أو فعلته أو أفعله أو أنوي فعله، لا أريد حتى أن يهتم من يقرأ بمعرفة هويتي حتى وإن كانت معلنة كما هي... لي من الأسباب الكثير، ما بين أخلاقي ومزاجي وغير ذلك مما لا أذكر الآن.

في كل الأحوال، أنا لم أعد مميزا بأي شيء، لست ببراعة خالد بن الوليد العسكرية، أو بحزم أبي بكر الصديق، أو بورع معاذ بن جبل، أو بعزيمة بلال بن رباح، أو بحكمة علي بن أبي طالب، وهذا ليس يزعجني في شيء على الإطلاق، بل يريحني، ويريح كاهلي من نير التميز، فما أفضل أن أكون واحدا آخر وسط الزحام بعيدا عن أية أضواء أو ضوضاء.

ربما لهذا أتمنى أن أعمل هنا قرب مسكني البعيد نسبيا عن جحيم العاصمة حتى وإن بقيت أقطن جزءا مما يسمى بالقاهرة الكبرى.

أشعر الآن بحالة ارتياح نفسي وأنا أفكر في خاتمة لهذه التدوينة، صحيح ذكري لهذا يتناقض مع ما كتبته قبل قليل بنفي رغبتي في كتابة أي شيء عن مشاعري وأفعالي، ولكنه تملك النوم من عينيّ قبل مقاومتي تلبية للفجر... بالمناسبة أنا أيضا أوفر-ريتد.

الجمعة، أبريل 03، 2009

إذا نيسان "بال" على الباب


إنه أبريل من جديد، نفس الشهر الذي يتملك الإنسان بحنين إلى ذكريات مبهمة، لا يتبينها تحديدا، ولكنها تبقى ذات معنى أو شعور طيب... ربما في أبريل الماضي كان حفل التخرج، وبعده تعرضت للحادث الذي خرجت منه سالمًا بأعجوبة ولا أذكر الكثير عن ذلك الشهر سوى عواصفه الترابية

ربما أفضل ما في أبريل 2009 هو استمرار بصمات الشتاء المحببة لفترة أطول، فالمعتاد أصبح أن يكون الصيف في مصر تسعة أشهر مقابل ثلاثة للشتاء، إلا أن هذا العام أعطى قسطا أوفر لفصلي المحبب وهو ما أتمنى ألا يزول فجأة خلال الأيام المقبلة حيث بدأت الحرارة تزحف بالنهار

لا أريد الحديث عني بشكل شخصي، ولكن أكتفي بالإشارة إلى أنني فعلا أكثر شغلا من أي مرحلة مضت في حياتي، وليعذرني من يفتقدني إن كان هناك من يشعر بذلك

لا أدري من يتواجد حاليا في إيطاليا ويتابع مدونتي بشكل شبه يومي

السبت، فبراير 28، 2009

معركة الذات

دائما هناك سبيل لتغيير الاتجاه، أو النوايا، أو أي شيء.

هناك سبيل للجلوس مع النفس والتفكير دون أية نزعات يفرضها كبرياء الذات، ليس عسيرا أن يجلس الواحد منا مع ذاته ويبدأ بالتذكر والتقييم دون الاحتكام لأية معايير اعتاد النظر إليها، ليكن الضمير هو وحده الفيصل.

هناك دائما طريق نسلكه، والتراجع ليس عيبا بأي حال، بل فضيلة إن أدركنا سوء النهاية، وحتمية العودة.

أرى الآن أن أول معركة ينبغي للفرد أن ينتصر فيها هي على نفسه، أن يغلب عمرو عمرًا، فإن نجح كسب احترامه لذاته، وتحرر من رق كبريائه، وأدرك أنه كغيره من المحيطين، لا تحيط هالة صفراء برأسه، ولا يملك جناحين، وليس أكثر من عبد لله، ولنضع ألف خط هنا.

من الحكم الإلهية أن العبودية قدرنا، ولكنها للإله وحده! لا لفرد آخر مثلي ومثلك، لا لقيمة أو لفكرة مها كانت، هي للإله فقط! والإله واحد... فهي بهذه الطريقة تعصم البشر من تقمص دور الآلهة بشكل غير إرادي ليدركوا الحقيقة وتصبح حياتهم أكثر بساطة، وفي الوقت نفسه تحررهم من العبودية لأية قيمة أخرى سوى كانت كبرياءهم الخاص، أو صورتهم في أعين الآخرين أو حتى في المرآة أمام أنفسهم.

أية صدمة في الحياة كبيرة كانت أم بسيطة... ينبغي ألا يكون رد فعلنا عليها هو العناد بالاستمرار الذي يمليه كبرياء الذات، وشتان بين العناد والثبات، فالثبات يكون في حالة العبودية للإله فقط، لا للكبرياء.

مثال في سائق سيارة يفقد الإطار الاحتياطي (الاستبن) الذي طالما اطمأن أنه طوع يمينه في أي وقت، لطالما قسى عليه ولكنه مازال يؤدي الدور ويمكن اللجوء إليه! فعند فقد هذا الإطار قد لا يرى السائق كافة الخيارات المطروحة أمامه، قد لا يرى أنه بإمكانه البحث عن أسباب الفقد وتلافيها مستقبلا، أو أنه بإمكانه العودة وتطوير السيارة، أو سلك طريق آخر أكثر أمنا بما يحافظ على سلامته، أو ربما تغيير الطريق والعزوف عن فكرة القيادة بهذا الأسلوب، وليس عيبا أو استسلاما، بل إدراكا للحقيقة وتعاملا معها.

ينبغي ألا نكون كمن يدافع عن أفكار سياسية لا يؤمن بها إلا أنه مضطر للمضي في رفع نفس الشعارات، لأنه حين يفكر في العدول وتغيير المسار يتذكر هتافات الإشادة، وصيحات الإعجاب، ولافتات التأييد، فيظن حينها لبرهة أنه على الحق، ويلقي هذه الفكرة في أعماق عقله فلا يلتفت لها مرة أخرى إلا بعد سنوات في وقفة مع الذات قد لا تمليها إلا كارثة.

منذ وقت طويل لم أستشهد بآية قرآنية، ولكن في سورة الحديد يرد القول:


"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".

السبت، فبراير 21، 2009

ترحل وأعود


ترحل أنت، بضحكتك، بقلبك الجسور... الحنون.

وأعود أنا إلى الدرب، أخطو وأتعثر... لألحق بك.


إلى لقاءٍ أخي..



الجمعة، يناير 16، 2009

نجاح النظام المصري




يظن البعض أن إسرائيل بإمكانها في أي وقت أن تشن حربا على مصر، أو أنها تضع مصر على قائمة أهدافها حتى يتحقق حلم "النيل-الفرات"، وهنا لا أجد سوى طمأنة ذلك القطاع الواهم بأن إسرائيل لن تحاربنا أبدا، وهذا بالطبع بفضل السياسة "الحكيمة" للرئيس مبارك.

إسرائيل ليست بحاجة لمحاربة دولة صديقة كمصر، وقف النظام الحاكم فيها بصف تل أبيب متى احتاجت تغطية ظهرها أثناء العملية الدائرة في غزة، اءتمنته على المعبر، ولم يأل جهدا في إبقائه مغلقا، رغم الآهات والصرخات المنطلقة من الجانب الآخر، رغم نحيب الأطفال، رغم وهن العجائز، رغم عورات النساء، كان النظام المصري لعهده حافظا، ولحليفه الإسرائيلي سندا.

أوهم النظام المصري البعض عبر آلته الإعلامية التي لا تلقى صدى إلا لدى المغيبين، أو المستغيبين، أو الأنانيين، بأننا ملزمون بتطبيق اتفاقية لسنا طرفا فيها، وبأن أمننا الاستراتيجي ينتهي عند نهاية ظل العلم المصري، وبأن الآخرين يريدوننا أن نحارب! أوهم البعض أنه يحقق مصلحة الوطن، كما يحققها عبر تصدير الغاز بموجب اتفاق فاشل تجاريا، وعبر الدخول في الكويز للحفاظ على المنتج المصري، وعبر المبيدات الإسرائيلية التي تولت عميلة سرطنة الأغذية على مدار عقود.

الحقيقة أن النظام المصري نجح تماما في جعل إسرائيل تعزف عن فكرة محاربة مصر، فماذا تريد أكثر؟ غالبية الشباب قوى معطلة، نحن جميعا غارقون حتى أذنينا في المستقبل والزواج والشقة والسيارة والعمل، وهي دوامة لن تنتهي حتى آخر نفس في العمر.

نجح النظام المصري في تحقيق كافة أهداف إسرائيل، وإعفائها في الوقت ذاته من تحمل عبء إطعام 80 مليون مصري، منهم بالفعل من بلغ به اليأس إلى طلب الهجرة إليها، أو الزواح من إحدى بناتها، فهو لا يحلم بأكثر من أن يكون مواطنا إسرائيليا ولو من الدرجة الثانية باعتباره عربي، حتما سيكون أفضل حالا مما هو عليه الآن.

نجحت القيادة الرشيدة في زيادة خنوع الشعب أضعافا مضاعفة، فهو اعتاد منذ الصغر مبدأ السير بجوار الحائط والدخول فيه متى استطاع، وأن المظاهرات ليست إلا فوضى، وأن القراءة محببة ولكن يُنصح بتجنبها إن كانت في السياسة التي ينبغي تحاشي الخوض فيها.






نجحت القيادة الحكيمة في وضع إسرائيل في إطار الدولة الصديقة، التي نحتفظ معها بعلاقات طيبة، ولا نمانع الجلوس مع ممثليها تحت أية مظلة، سواء شرق أوسطية، أو متوسطية، أو عربية-إسرائيلية، أو أي شيء يضعنا نحن الاثنين في خانة واحدة.

نجح النظام أن يجعل نفسه مصر، ومصر نفسه! فمن ينتقده فهو ينتقد مصر! ومن ينتقد مصر ينتقده! وكأن هذا الوطن الأبقى أصبح مختزلا في شخص واحد، أو مجموعة أشخاص، وهو أمر لا يحدث لدى أي شعب آخر في العالم إلا بموجب تشريعات تثير استهجان العاقلين، كالخاصة بمصطفى كمال في تركيا، أو ملك تايلاند.

نجح النظام في إيهام البعض أننا لا نملك أي سلاح استراتيجي، وأن كل من يطالب بالتحرك فهو يدعو للحرب حتما! وأننا حاربنا وأدينا واجبنا وعلينا بموجب تلك الحروب –التي ليس منها إلا واحدة من أجل فلسطين لا ست كما يقولون- أن نعيش العمر الباقي على أساس إهانة وإذلال الفلسطينيين والتمنن عليهم بشهدائنا، بل وأن نطالبهم بدم شهيد النظام الذي قتل أثناء محاولة الشرطة منع أهل غزة بالقوة من الاستنجاد بأرض مصر لدى مرور غارة!

ولهذا الشهيد مفارقة، سُميت باسمه مدرسة، وشارع، ومسجد، وربما يُكتب عنه درس في كتاب القراءة المدرسي، وكلها أشياء لم تحدث أعشارها لشهداء الوطن الآخرين الذين رحلوا بنيران إسرائيلية "صديقة" في ذات العام.

نجح النظام أيضا في إيهامنا بخطابه الشاب الواعد أنه آن لمصر ألا تهتم إلا بما يحقق مصلحتها، فعدونا –عفوا- الذي كان عدونا لم يتقدم إلا باهتمامه بذاته والتنصل من الآخرين من حوله، وهي نظرة بعيدا عن كونها مغلوطة بالمنطق ذاته وبشكل عملي، فإنها غير إنسانية أو حتى حيوانية! فما استحق أن يولد من عاش لنفسه!

نجح النظام أن يقنعنا أن فنزويلا مثلا التي طردت سفير إسرائيل لديها تعتبر دولة فلسطينية أكثر من الفلسطينيين، وأن مصر لا يمكنها فعل المثل على الرغم من كونها معنية أكثر بالأمر، فإنسانية شافيز ليست محل إعجاب، ولا تستحق وقفة، فهي من وجهة نظر النظام في مصر مجرد حلقة في سلسلة تعديه على سياسات الولايات المتحدة، والمتاجرة بحربه على الإمبريالية.









نجح النظام المصري أن يوهم الناس أن العمالة الآن أصبحت لدول يفترض أن تكون صديقة وحليفة بحكم الجيرة أو العمق الاستراتيجي أو التاريخ مثل سوريا وإيران، وأقنعهم أن عميل طهران أخطر من عميل إسرائيل، وأن عميل دمشق ألعن من عميل الولايات المتحدة، وأن حماس عميلة للاثنين! هل يمكنني اعتبار فتح عميلة للقاهرة؟

نجح أيضا في اللعب على الوتر المذهبي، فنحن في مصر وغيرها مسلمون ومسيحيون ولا مشاكل، فكيف إن كان من بين المسلمين السني والشيعي؟ هل الاختلاف في المذهب أعمق من الاختلاف في الدين؟ فإن كان لا مشكلة في الخلاف في الدين؟ فما بال الخلاف في المذهب! ولم يستخدم الخلاف كحل سحري لإلصاق الاتهام بحزب الله مثلا؟ لقد نجح النظام أن يجعل الدعاء لأي فصيل مقاوم مختلف في أي شيء مسألة شرعية تحتاج لفتوى من الأزهر! هل يجوز الدعاء للروافض ولاد الـ*** في حربهم مع إسرائيل؟ هكذا أصبح كثيرون يفكرون.

نجح النظام في اجتذاب العديد من حملة بطاقات العضوية بالحزب الوطني، وبدلا من أن يمزقوها، صاروا يدافعون عما لا يؤمنون به، يدركون من أعماقهم أنهم في إطار فاسد، ولكن يسايرون الدورة دون وقفة مع النفس تحسم كل شيء، دون إيقاظ للضمير من سباته، إن لم يكونوا قتلوه.

نجح النظام أخيرا في ملء قلبي بالكراهية والبغضاء تجاه كل رموزه، في تمني اليوم الذي تغرب فيه "شمسه"، وتُخرب فيه "إنجازاته"، وينقشع "استقراره"، ويزول "رخاؤه".


الأحد، ديسمبر 28، 2008

غزة من جديد




منذ قرابة عام قمت بوضع اللافتة التضامنية مع أهلنا في غزة على مدونتي، والآن أخجل من مجرد النظر إليها في ظل المجزرة التي دارت على مدار السبت وينتظر أن تمتد أكثر وأكثر...

أؤكد أولا كما كتبت على هذه المدونة من قبل، إن القضية الفلسطينية جزء من شرعية وجودي على هذه الأرض بشكل شخصي، حتى وإن خذلتها إلى الآن، حتى وإن كنت مقصّرا، أبقى من هؤلاء الرافضين الاعتراف بإسرائيل كدولة، وإشارتي إليها بمسماها هذا لا تعني اعترافي بها كما شرحت سابقا.

أقول هذا، وتتداعى إليّ ذكريات الانتفاضة عام 2000 وذكرى استشهاد الشيخ أحمد ياسين، وبعدها بأسبوعين استشهاد عبد العزيز الرنتيسي، ثم تسليم السلطة أحمد سعدات إلى المحاكمة الإسرائيلية... ثم إقالة حكومة حماس المنتخبة، ثم تصريح أبو خائن بثياب الإحرام وهو يشبه حماس بكفار قريش! كلها مشاهد... لا يبهرني فيها إلا أنت يا حماس! جباه لا تنحني أبدا! صمود على رفض الاعتراف بإسرائيل مهما كان الثمن!

أذكر أثناء حرب الصيف في 2006 بين حزب الله وإسرائيل تصريح إحدى المواطنات اللبنانيات حين قالت "لينسفوا الجسور! ما فائدة جسر أمشي فوقه بلا كرامة؟!".



أبرأ أمام الله وأمام نفسي من أولئك الخونة، مَن حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق قصره الرئاسي ليقول بعدها "نحتفظ بحق الرد!"، أما تحارب وتنال الشرف حتى لو هزمت؟! أم تبقى تمص دماء شعبك خلفا لأبيك بحجة الدفاع عن عروبة الجولان وأنت لا تملك جرأة إطلاق رصاصة واحدة صوب النجمة السداسية؟ حريا أن يكون الاسم "أنثى الأسد".

أما بلادي، فلا أملك غير سب ولعن ذلك المسئول عن سياستها الخارجية، صاحب "التحذيرات من المؤشرات"، صاحب "فلا يلومن إلا نفسه"، والحقيقة أنه لن يلوم إلا نفسه أمام الله إن كان يؤمن بيوم حساب، ليكتفي بتبرئة ساحة نظامه الفاسد دون الاكتراث بضحية واحدة من سيل الشهداء الذي لا ينقطع! ليكتفي بما يشبه الشماتة في حماس، فما أشبه موقفه اليوم بما صرح به أثناء حرب الصيف حين اتهم حزب الله بالدخول في "مغامرات غير محسوبة".

أرفض وبشدة نغمة "لا يمكن لأحد المزايدة على دور مصر"، أو أن "مصر خاضت ست حروب للدفاع عن فلسطين!"، والحقيقة أن عدوان 56 مثلا كان دفاعا عن تأميم القناة، وأن حرب أكتوبر كانت لاسترداد سيناء أو تحريك الوضع في الشرق الأوسط، وأن حرب الاستنزاف قبلها كانت لإجهاض المحتل لسيناء، فأين الحروب الست التي كانت كلها من أجل فلسطين؟

وماذا كانت تسيبي ليفني تفعل في القاهرة حين قالت "إن الوضع في غزة سيتغير"؟ أقل من يومين على مغادرتها مصر حتى بدأ حمام الدم! لا شيء غير تورط النظام المصري في العدوان، أمر بديهي وواضح، ومهما كذبوا فلن نصدق، فما أسهل التواطؤ لقتل شعب مجاور على نظام قتل أبناء شعبه بالمبيدات المسرطنة طيلة 20 عاما؟ الأمر بسيط وواضح.

ليرحمنا الله، لا أدري ماذا أكتب بعد... حسبي عجزي عن الاستمرار في التعبير.

الجمعة، ديسمبر 12، 2008

نمو آخر

أنمو وأنمو... وتنتهي في ذهني أسطورتي مع كل يوم أكتشف فيه أنني مجرد آخر من هؤلاء الذين كنت أجدهم حولي وأنظر إليهم كاتما دهشتي.


أشعر بالجوع ينهش أمعائي بعد تركيز حاد في العمل، تجتاحني رغبة في النوم بمجرد رؤية الفراش، لا أخجل من التثاؤب أثناء كلامي مع حبيبتي... ربما لكم الطمأنينة التي أجدها معها، فلا حاجة ليقظة الأعصاب وتوقع الأسوأ! وفوق كل هذا، أشعر أنني أصبحت مجرد ترس آخر في عجلة كبيرة تضمني أنا وعددا من أصدقائي، فلا نلتقي إلا عبر هذه المجموعة من البايتات التي تكون شكل الحروف لنتبادلها عبر الشاشات!


العيد ليس عيدا، صحيح تمكنت من الخروج أول يوم بعد العمل، ولكن فكرة العمل طيلة أيامه، من الاثنين حتى الجمعة... تبدو حقا متعبة! ليكن هو سادس عيد على التوالي أعمل خلاله، وفي كل مرة أتحجج بأنها الصحافة، وبأنها فكرة الأخبار التي لا تتوقف، وبأن المرور هادئ، وبأنه بإمكاني الحصول على هذه الأيام لاحقا... ليكن.


وككل عيد، ترتكب المجزرة! صحيح أنا لست نباتيا، وكدت أن أكون ولم يحدث، ولكن لا أستطيع تحمل فكرة الوحشية في ذبح الحيوان الأعزل المسكين مهما أخفيت عنه السكين، ومهما لم يُجبر على السقوط أرضا ليحتك بالأسفلت البارد ويقابل عنقه النصل الحاد، ومهما لم يشاهد أخا له في النوع يلقى مصيره المحتوم، ومهما ومهما... لا أتقبل هذه الفكرة! لا أتقبلها ولا أقول أحرمها أو أدعو لحظرها حتى لا أستمع إلى الاسطوانة المكررة بأنها شريعة الله وسنة النبي الأكرم (ص)، بل آكل اللحوم! فنحن بشر، قد نرفض شيئا ونفعل ما يؤيد استمراره، ولكن في النهاية لا أملك إلا أمنيتي أن أصبح نباتيا، حتى مع ميلي لفكرة تألم النبات.


لا أدري سر الحنين الذي اجتاحني لأغاني فيروز، ربما صوتها في "صباح ومسا" تحديدا يمثل لي مصدر دفء وأنس لا ينقطعان.


أفتقد الكلية بكل ما فيها، أفتقد سلمها، مدرجاتها، مدخلها الرخامي، مكتبتها التي لم أمكث فيها إلا نادرا، بل حتى حمام الدور الثالث! أفتقد كل رفاقي، أفتقد كافيرتيا صفاء! أفتقد مركز خدمة المجتمع! أفتقد أ.خالد بوجهه السمح، أفتقد لامبالاتي قبيل الامتحان، أفتقد فكرة تميزنا كعاملين أثناء الدراسة، أفتقد مجهولية المستقبل... أفتقد الحلم... أفتقدني!


السبت، نوفمبر 15، 2008

للتنشيط

أعاني في العمل! هذه حقيقة أشكوها، فالحِمل يزيد ويتضاعف ويتشعب ويتسع بشكل مبالغ فيه! والأدهى أن التصاعد مستمر ومستمر! بل والامتحان يقترب، لا أخشاه، ولا تهمني درجته ولكن من منا يحب فكرة الفشل في أي شيء سعي له حتى ولو كان بإرادة غير مكتملة، أو بقناعات ضعيفة! فضلا عن هذا وذاك تأتي الدراسة الجديدة، صحيح لكل شيء بهجته، ولكن البداية من الصفر مرهقة بعض الشيء، صحيح أنا لا ألتمس إتمام عقد، ولا أبدأ فعليا من الصفر، ولكن الورق يقول هكذا.


خلال هذا العام أقلعت عما كنت أقوم به من استعمال موسمي للشيشة! وهذا تقدم كبير يبهجني بالفعل، ولكن كنت أخشى الاتجاه إلى التدخين، وهذا سيناريو أصبح يقلقني بالفعل!! ربما لهذا تركت شعري طويلا، فأقبض على أطرافه كلما شعرت بالعصبية.


أضحك بهستيرية الحمقى، صحيح أن حبيبتي تكن لضحكتي معزّة خاصة، ولكن حان وقت إنهاء هذه الحالة، إلى متى سأبقى أضحك على نكتة تافهة حتى تدمع عيناي وأعجز عن التنفس بطبيعية! إن عدم السيطرة على أعصابي سيضعني في مواقف حرجة لا شك! والأمر كله مسألة وقت، فللمسألة جذورها، سبق وضحكت بدون سبب لدى أدائي تحية العلم أمام طابور طلاب مدرستي الابتدائية!!


الكتابة الخبرية بدأت تسيطر عليّ، تأكلني أكلا! ولكن ليس العناء وحده هو ما يمنعني من الكتابة في هذه المدونة خلال الفترة الأخيرة، فثمة أسباب يمكن اعتبارها إنسانية، ويمكن اعتبارها ادعاء للنبل، وفي الحالتين لا أهتم! ولكن سأبقى أكتب ما استطعت.

السبت، أكتوبر 11، 2008

تدوينة في ذمتي

ساعات بيبقى مفيش داعي الواحد يحبس أي كلمة كانت في نفسه في يوم من الأيام، خصوصا إنها مش هتضر حد، واللي معني بيها مش هيقراها أصلا... طيب ليه الكلمة دي متفضلش محبوسة حتى لو فقدت قيمتها؟ يمكن الإجابة تكون وليه تفضل محبوسة؟ أو يمكن عشان كانت علامة فارقة في مرحلة ما.

كتير أوي مشاهد بتمر بالواحد ويتخيل كمان كام سنة أما يفتكرها لو ليه عمر هيضحك ولا لا! مش عارف ليه لما بنفتكر حاجات قديمة كانت في وقتها قيمة جدا تلاقينا بنضحك! المهم ان مفيش ندم... فيه حاجات معينة بنبقى عاذرين نفسنا فيها جدا، حتى مع ثقافة صلب الذات اللي موجودة عند فئة كبيرة مننا، ساعات بنركنها.

من ضمن الحاجات الحلوة المعدودة اللي في الحياة "الصور العابرة"، اللي هي حاجة بنمر قدامها ونشوفها حلوة من غير ما نتعمق فيها، مفيش حاجة كلها حلوة، وكويس إننا مأرجعناش البصر لنرى من فطور! خلي الصورة كدة حلوة زي ما كانت.

مثال على ده، فاكرين "نادينا"؟ البنت اللي غنت بالإيطالي والعربي فولا بولا بالومبيلا؟ الطفلة الكتكوتة دي؟ دلوقتي بقت مصيبة سودا!! وداعا للبراءة، بجد مكنتش أتمنى أشوفها لما كبرت.

بغض النظر عن التحولات، أو الشوائب اللي ممكن مانشوفهاش من الصور العابرة، خلينا عند فكرتنا الأولى بيها... زي الأغنية دي اللي بتفكرني بأبريل اللي فات، بغض النظر عن كونه شهر الحادثة:





My life is brilliant.
My love is pure.
I saw an angel.
Of that I'm sure.
She smiled at me on the subway.
She was with another man.
But I won't lose no sleep on that,
'Cause I've got a plan.

You're beautiful. You're beautiful.
You're beautiful, it's true.
I saw your face in a crowded place,
And I don't know what to do,
'Cause I'll never be with you.

Yeah, she caught my eye,
As we walked on by.
She could see from my face that I was,
Flying high,
And I don't think that I'll see her again,
But we shared a moment that will last till the end.

You're beautiful. You're beautiful.
You're beautiful, it's true.
I saw your face in a crowded place,
And I don't know what to do,
'Cause I'll never be with you.

You're beautiful. You're beautiful.
You're beautiful, it's true.
There must be an angel with a smile on her face,
When she thought up that I should be with you.
But it's time to face the truth,
I will never be with you.

You're Beautiful - James Blunt




السبت، أكتوبر 04، 2008

من قاع الهوة أكتب



حين وجدت هذه الأفكار طريقها في رأسي، أدركت أن انتمائي لجيلي هذا شبيه بانتمائي للوطن ككل، بل يكاد يتخطاه في أكثر من موضع، قد يقول البعض أننا ضحايا هذا الوطن، وحتى الآن لم أحسم موقفي من هذه المقولة.

كنا في بداية العقد الحالي نحيا ما نسميه بالصحوة الإسلامية، أو بعث مشاعر الانتماء للكيان الأممي الأكبر، ربما كان عمرو خالد بطل تلك المرحلة، وله علي شخصيا فضل لا أنكره أبدا، ربما كان هو الدافع لدي لمعانقته في المرة الوحيدة التي التقينا فيها.

كنت أنا أحد أبناء هذا الجيل أقرأ السيرة النبوية من الكتب القديمة دون مختصرات أو شروح، وأشمئز من ظهور حركات القومية العربية حين درست تاريخ المرحلة الثانوية، وحين أترك لقلمي مساحة يرتجل فيها كان يخط الخريطة تصل الرباط بطشقند عبر خط قطار يمر بالقاهرة.

أذكر أول مقال كتبته في كراسي عن قضية السنة والشيعة، أذكر بحثي عن أوجه الوحدة وعزمي أن أكون أحد دعاتها، حلمت بالتقارب الحقيقي، عشقت حسن البنا وعلي شريعتي، انفجرت بكاء لدى استشهاد الشيخ ياسين، هزتني خطابات حسن نصر الله، فكرت في كتابة سيناريو سينمائي لغزوة مؤتة... لا أدري ما العلاقة بين كل ذلك، ولكن كنت حالما.

ومع الوقت لا أدري ماذا حدث، لا أقول معي وحدي، ولكن كلنا! ليسمح لي أشقائي في البنوة لهذا الجيل أن أتكلم بلسان شريحة كبيرة منهم... نحن الآن نتعامل باعتيادية مع ما كانت تقشعر له أبداننا... خذ أمثلة كما تشاء:


- الظروف الاقتصادية خانقة! العريس عملة نادرة، ولكنهم طلبوا منه شقة في الهرم بدلا من الشقة البعيدة التي يملكها بالفعل في الشيخ زايد! الشبكة لا بد أن تتخطى ما حظيت به ابنة خالة العروس.

- هم من الطبقة الوسطى، ولكن الفرح كان في "فور سيزونز"!

- فلانة "صاحبتي"، ستأتي معنا في رحلة نبيت فيها يومين! سيتصل بها أهلها من حين لآخر للاطمئنان عليها، هم يثقون بها، فهي مختلفة عن بقية البنات بل ملتزمة بصلاتها وحجابها، وضحكتها الرنانة أيضا.

- لا تقل شواذ! قل "مثليون"، ما ذنبه يا أخي؟ إن هذا ميله الذي ولد عليه! ما يؤذيك إن كان يضاجع رجلا مثله؟!

- القاهرة لا تحتمل قدما أكثر، وتيار الهجرة إليها مستمر! أحيانا لا ذنب للمهاجر، فالمركزية سمة الدولة.

- لسنا مستعدين للشريعة الآن! وهل هي حل حقيقي للأزمة؟ أزمتنا أخلاقية بالأساس! بل لماذا نقحم الدين في الموضوع؟ العالم يتعامل الآن على أساس المواطنة، والعلمانية ليست سيئة.

- لقد أصدرت "فلانة" ديوانا أدبيا، صحيح هي تجهل أبسط قواعد اللغة، ولكن لها حفل توقيع عما قريب، أما فلان فأديب كبير، لقد طرق في روايته السابقة موضوعا خطيرا عن غياب الإشباع الجنسي عن الأزواج.


لا أدري حقيقة ما السبب وراء كل هذا، أهو جو الحياة العملية؟ كثير منا يعملون منذ الدراسة، فما المشكلة؟ ربما هي عجز التروس الصغيرة عن السير عكس دورة الآلة العملاقة التي تضمها.

من أبسط مظاهر التدهور الاجتماعي الذي نمر به هو كما يقول حامد تلك الفتاة التي كانت تعتبر صورتها على الإنترنت بمثابة كارثة، وكأن شرفها سيطعن، وهي الآن تضع ألبومات كاملة على الـ"فيس بوك"! بل موضة "الملحدين" التي انتشرت بشكل فج، وأكثر منها موجة "اللامبالين" الذين لا يفكرون قيد أنملة في الله أو الآخرة أو أي شيء من هذه المواضيع "الدينية" أو "الغيبية".

حالة التقديس التي تحظى بها منطقة "وسط البلد" من أدعياء الثقافة وكأنها البيت الحرام، البنات أو أولئك الرجال ذوي الشعر الطويل الجالسات ليلا ونهارا على مقاهي البورصة وزهرة البستان (الـ******) وغيرها.

لقد تراجعنا، تراجعنا بشكل غريب، هل نهنئ "ميلودي" على نجاح مهمتها؟! بل إن الموضوع تخطى كل شيء، أحيانا أشعر باقترابي من التعريف الأولي للعدمية، لست قادرا على إصلاح نفسي فما بالي والمجتمع، كأن هذه الحياة حمل ثقيل لا أقدر على تحمله أكثر.