الخميس، أغسطس 01، 2013

4 ش عبد الخالق ثروت



15 مارس 2013 

بهذا العنوان يقع مبنى مهيب من ثمانية طوابق يشرف على منطقة وسط القاهرة.. هو بالطبع مبنى نقابة الصحفيين التي تستعد بعد ساعات من الآن لإجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلسها.وحديثي هنا ليس عن الانتخابات وضرورة اختيار المرشح (س) ومقاطعة (ص).. فأنا لم أكلف نفسي حتى عناء مطالعة البرامج الانتخابية وسارعت بحذف كل الرسائل النصية القصيرة التي وصلتني عبر الهاتف للدعاية لهذا المرشح أو ذاك، وأغلب الظن أنني لن أذهب للتصويت رغم علمي بمكان لجنتي.
ما أريد التحدث عنه هو أن الوسط الصحفي في مصر –كغيره من الأوساط المهنية- يشهد نفاقا كبيرا يتجسد بالدرجة الأولى في النظرة إلى النقابة ودورها والانضمام لها وغير ذلك.
في مصر هناك آلاف من الصحفيين العاملين لدى المواقع الإلكترونية مثلا غير مقيدين بجداول النقابة لأنها لا تعترف بهم، فهي تعترف فقط بالعاملين بالصحف المطبوعة تلك الحاصلة على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة، بجانب العاملين بوكالات الأنباء.
وللقيد في النقابة ينبغي أن يكون الصحفي مرتبطا بعقد إما غير محدد المدة أو يجدد تلقائيا مع أي من هذه المؤسسات، على أن تقوم الإدارة بنفسها بترشحيه للالتحاق بالنقابة.
نحن هنا أمام حالة نادرة مقارنة بالنقابات المهنية الأخرى، فمثلا خريجو الطب والهندسة والتجارة والصيدلة ينتسبون تلقائيا إلى نقاباتهم بمجرد التخرج، وخريجو الحقوق يمرون ببعض الخطوات –السهلة نسبيا- للالتحاق بجداول نقابة المحامين.
وفي المقابل يبقى الصحفيون مقيدين بعدة عوائق للالتحاق بالنقابة، فأولا هم مطالبون بالعمل لدى مؤسسة معترف بها أي أن تكون صحيفة مرخصة محليا أو وكالة أنباء، وعليهم نسيان أن الواقع – لا أقول حتى المستقبل- صار يعترف بالمواقع الإلكترونية أكثر من المطبوعات.
وثانيا عليهم أن يتحملوا الأمرين لإقناع إدارات مؤسساتهم بجدارتهم بالتعيين، ثم بجدارتهم بالترشح لعضوية النقابة، وهناك تبدأ معركة أخرى مع لجنة القيد التي قد ترجئ المرشح للجنة قادمة لأي سبب تراه.
هذه المقدمة الطويلة التي يعرفها كل الصحفيين تقريبا لا بد من ذكرها لأنها تجعل الصحفي غير المقيد في النقابة دائم المناداة بتعديل تلك اللوائح. هو يقول دوما إنه صحفي ويقدم براهين تفوقه حِرَفيا على بعض المقيدين، ولكنه للأسف لا يستطيع إثبات مهنته في بطاقة هويته إلا بعد القيد نقابيا، طبقا للقانون، كما يُحرم من بعض التسهيلات والمشروعات التضامنية.
وتمر الأيام ويحصل صاحبنا بعد جهد جهيد على الكارنيه الذهبي ويصير صحفيا نقابيا، وحينها يترك خلفه كل الشعارات التي رددها عن ضرورة تعديل اللوائح، وحين تسأله في جلسة صفا عن رأيه في ذلك تجده يتبنى النقيض تماما، فيدعو إلى وضع ضوابط أكثر للعضوية في النقابة "عشان ماتلمّش"!!!
هو يتناسى ربما السنوات التي قضاها في انتظار التعيين يعمل خلالها بمرتب زهيد وأحيانا دون مرتب أصلا، ولا يرى فقط سوى واقعه الحالي.. أو لعله لم ينس ولكنه صار –بكل أنانية- يؤمن بأن المعاناة واجبة على الجميع طالما تعرض هو لها.
هو يتحول إلى كائن نقابي مع الوقت، يقضي جزءا محددا من يومه في كافيتريا النقابة ويجري كل مقابلاته هناك خاصة مع من لم ينضموا لها بعد كنوع من التباهي الضمني، وهو لا يكف عن الحديث عن دوره في إجهاض مؤامرات الإخوان لابتلاع المجلس، ويتمسك بين حين وآخر بضرورة قصر العضوية على العاملين بالمطبوعات فقط بينما لا يتردد عن قبول "سبّوبة" في موقع إلكتروني أو قناة تلفزيونية متى سنحت الفرصة.
تلك الكائنات النقابية تجلعني أنفر حقا من رؤيتها متجمعة في يوم الانتخابات وقد بدلت شعاراتها وصدقت نفسها، وبالتالي أصرف النظر عن الموضوع ككل وأكتفي بكتابة ما في نفسي عبر هذه السطور.

ليست هناك تعليقات: