الخميس، أغسطس 01، 2013

الإخوان والأهلي

11 أبريل 2012

قد تبدو هذه السطور ضربا من العبث كونها تتحدث عن مستقبل الخريطة الحزبية في مصر في الوقت الذي يمر فيه التحول الديمقراطي بواحد من أخطر منعطفاته مع ترشح عمر سليمان للرئاسة، ولكن ثقتي في أننا لن نعود إلى حيث كنا دفعتني للكتابة.
هذه مقدمة مملة لا بُد منها لامتصاص الأحكام المسبقة التي تنطلق مع قراءة أول سطر، فصرت ملزما بشكل مسبق بدفع الشبهة قبل طرح الفكرة ذاتها.
حسنا.. من ليست له دراية بكرة القدم في مصر عليه ألا يستكمل القراءة، وإلا لن يكون ملما بالفكرة .
كنت أسير برفقة صديق لي يلقي باللوم على الإخوان المسلمين وحدهم في سلبيات آدائهم السياسي، ومعه كل الحق في ذلك.. لكن طرحت له رأيي القائم على فكرة أن عدم وجود منافس حقيقي يؤثر سلبيا بالضرورة على مستوى المنفرد بالساحة.. فلم يطوّر من أدائه ويحسب ألف حساب للأخطاء والتصريحات غير المسئولة طالما ضمن موقعه؟ هذه طبيعة البشر.
أحرز الأهلي بطولة الدوري في مصر لسبع سنوات متتالية حتى نهاية عقد التسعينيات ثم فوجئ بأربعة مواسم عجاف ذهب فيها التتويج إلى غريمه الزمالك ثلاث مرات وإلى الإسماعيلي مرة.
ورغم أن تلك السنوات العجاف شهدت فوز الأهلي بلقبه الثالث في دوري أبطال أفريقيا واكتساحه الزمالك بستة أهداف لواحد، فإنه بقي بعيدا عن ثقة جماهيره العريضة بسبب إخفاقه المحلي وعجزه عن استرداد بطولته المفضلة: الدوري.
في بداية السنوات العجاف، استعان الأهلي بمدرب ألماني يدعى هانز ديكسي خلفا لمواطنيه راينر تسوبيل وراينر هولمان ظنا من الإدارة أن أي ألماني سيتولى المهمة سيقود الفريق للنجاح حتما دون الحاجة للاعبين كبار.
ولكن.. بدا الأهلي في أسوأ صوره في تلك الفترة.. وكأن الفريق لا يضم لاعبين سوى سيد عبد الحفيظ وإبراهيم سعيد مما أثقل كاهلهما وعجزا وحدهما عن مجاراة نجوم الزمالك: التوءمين حسام وإبراهيم، وطارق السعيد، وحازم إمام، والعندليب وتامر عبد الحميد وغيرهم.
وفي الوقت ذاته قاد محسن صالح ثورة في الإسماعيلي لم يتنبه لها مسئولو القلعة الحمراء رغم الهزيمتين بالأربعة في آخر مواسم السباعية، فكانت أسماء مثل محمد بركات وحمام إبراهيم وعبد الحميد بسيوني تبث الرعب في قلوب المنافسين حتى بعد رحيل جون أوتاكا وخالد بيبو.
دفع الأهلي غاليا ثمن ثقته الزائدة في الانفراد بالساحة، ولم يلق بالا لجهود الزمالك والإسماعيلي في التحسن وكسب قاعدة جماهيرية غير مسبوقة.
أذكر جيدا غالبية الأطفال في تلك الأيام وهم يرتدون القميص رقم 14 للزمالك، وأذكر كيف سخر مني اثنان منهما بينما كنت عائدا إلى منطقة سكني بعد إحدى مباريات الأهلي مرتديا قميصه.
مرت هذه الأيام، واستوعب الأهلي الدرس فأتى بمانويل جوزيه مرة أخرى بعدما عامله بكبرياء في غير محله دفعت الجماهير ثمنه في صورة موسمين مخيبين، كما ضم أسماء صنعت مجد الفريق في النصف الثاني من العقد الأول للألفية بركات وحسن مصطفى وعماد النحاس وقبلهم جميعا أبو تريكة.
الإخوان يواجهون في الملعب السياسي نفس الأزمة.. لا منافس أمامهم فمن الطبيعي أن ترتخي العضلات ويجد الغرور مواضع له هنا أو هناك، وهذا تتحمل الجماعة وزره.
ولكن.. هل يعمل خصوم الإخوان بجد مثلما فعل الزمالك والإسماعيلي؟ هل يبنون قنوات تواصل حقيقية مع الشارع؟ هل يلفتون إليهم الأنظار ويجتذبون الحماس والإعجاب؟ أم أن الأمر كله لا يعدو كونه ستوديو تحيليلي دائم يظهرون فيه للتنظير دون العمل على الأرض فيبقى الإخوان في الصدارة مهما تراخوا؟
أقول إن أية سلبيات في أداء الإخوان السياسي بوصفهم حزب الأغلبية لا يتحملون وزرها وحدهم.. هم يتحملون الجانب الأكبر لكن ميوعة المنافسين واكتفائهم بالكلام وابتعادهم عن الشارع يدفع للتراخي وعدم الجد والثقة في أن القمة باقية دون داع لبذل جهد للحفاظ عليها.


ليست هناك تعليقات: